وقال عقل في حديث خاص وموسع مع وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية "ارنا"، حول الخطط والبرامج التي أعدتها الولايات المتحدة لفترة ما بعد وقف إطلاق النار بين الفلسطينيين والكيان الصهيوني ، ان "التحركات الحالية في المنطقة وقبل وقف إطلاق النار وما تلاها بدأت بخطط وهندسة امريكية مباشرة".
وأضاف، "بينما في الحروب السابقة بين الفلسطينيين والكيان الصهيوني ، كانت دول المنطقة هي التي بدأت التحركات والاتصالات الأولية لوقف إطلاق النار ، ولكن في الحرب الأخيرة ، كانت الولايات المتحدة هي المحرك الرئيسي للاتصالات والتحرك لوقف الحرب".
وأشار عقل الى ان "الولايات المتحدة طالبت مصر وقطر بوقف الحرب رغم الخلافات الحادة بين البلدين، وكذلك الأردن وحتى تونس والعراق وبعض الدول التي ربما لم تكن طرفا في الحرب الفلسطينية الإسرائيلية".
ولفت السفير الفلسطيني في بغداد الى ان "الخطة الأمريكية في هذه المرحلة، هي ان الولايات المتحدة تحاول الضغط على الكيان الصهيوني بالانسحاب من الأراضي المحتلة عام 1967 وتنفيذ خطة حكومتي فلسطين وإسرائيل، لحل الأزمة بين الفلسطينيين والإسرائيليين".
وتابع "ستتوجه وزيرة الخارجية الأمريكية في الأيام المقبلة إلى المنطقة للتباحث مع الفلسطينيين والإسرائيليين وغيرهم من الأطراف المؤثرة في المنطقة ، بما في ذلك مصر والأردن ، بشأن التسوية النهائية للقضية الفلسطينية".
وأوضح عقل، ان "الوضع العالمي يتغير ولا تريد الولايات المتحدة أن تضيع الكثير من الوقت على الشرق الأوسط لأنها تعتقد أن الصراع مع الصين أهم بكثير ، لذا فهي تريد حل القضية الفلسطينية إلى الأبد في أسرع وقت ممكن".
وأستطرد، "تظهر ملاحظات العديد من المراقبين والأبحاث أن الوضع العالمي سيتغير في السنوات العشر القادمة ، وأن الولايات المتحدة قد لا تكون القوة المهيمنة في العالم وأن الصين ستحل محلها وعليه ، وبالنظر إلى خروج جميع القوى الاستعمارية السابقة من القوة العالمية وبقاء الولايات المتحدة الى هذا الوقت، واشنطن تحاول تنفيذ الخطة الموضوعة للكيان الصهيوني".
واعرب السفير الفلسطيني عن اعتقاده بوجود خطة عمرها 100 عام ، قائلا "حاولت الحكومات الاستعمارية السابقة ، التي كانت تستعمر المنطقة بشكل مباشر منذ مائة عام ، إقامة دولة تابعة لها في المنطقة كي تستمر هذه العملية الاستعمارية بشكل غير مباشر ، وعليه فقد أنشأوا الكيان الصهيوني في المنطقة وحاولوا جعله القوة المتفوقة في المنطقة من أجل ضمان المخطط الاستعماري لها لمائة عام قادمة وعلى هذا المبدأ ، تسعى الولايات المتحدة إلى إنهاء الحرب الفلسطينية الإسرائيلية وحل الأزمة من خلال إقامة دولتين مستقلتين فلسطينية وإسرائيلية".
*الكونغرس الأمريكي يقف إلى جانب القضية الفلسطينية لأول مرة
ورأى عقل أنه "بينما كان الكونغرس الأمريكي دائمًا أهم داعم ومؤيد للكيان الصهيوني وكان يمارس الضغط على البيت الأبيض لدعم تل أبيب، نراه اليوم ولأول مرة في حرب الـ 12 يومًا ، يتخذ موقفا سلبيا ضد الكيان ولأول مرة يضغط على البيت الأبيض دعما لفلسطين".
وكشف، أن "هذه هي المرة الأولى التي نرى فيها في الحزب الديمقراطي الأمريكي هناك أعضاء عرب وهم يناصرون القضية اللفلسطينية"، مضيفا "يضغط الكونغرس الآن على البيت الأبيض لرفض توقيع صفقة أسلحة بقيمة 900 مليون دولار مع إسرائيل بسبب القتل والجرائم التي ارتكبها الصهاينة في الحرب التي استمرت 12 يومًا".
*يهود الشرق يعارضون الكيان الصهيوني
وأكد السفير الفلسطيني في العراق ، ان "العديد من اليهود الأمريكيين قد اتخذوا موقفًا ضد الكيان الصهيوني ، وما يسمى بـ (يهود الشرق) ، الذين يتواجد عدد كبير منهم في نيويورك، هم يعارضون تمامًا وجود الكيان وقاموا بمظاهرات حاشدة ضده ولوقف الحرب وجرائمه".
لافتا الى انه "لا ينبغي أن ننسى أن 75٪ من اليهود الأمريكيين صوتوا لجو بايدن في الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة ، وجزء من التيار اليساري في الكونغرس مثل سوندرز والشباب اليهود المعارضين لعدوان الكيان الصهيوني وجرائمه ضد الفلسطينيين. وكذلك أيضا الحكومة الإسرائيلية اليمينية".
وبشأن (يهود الشرق) ، اشار عقل الى ان "هذه المجموعة من اليهود ، ومعظمهم من نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية ، وعدد منهم في فيينا والنمسا وحتى داخل الأراضي المحتلة ، يعتقدون أن الصهيونية حركة سياسية ولا علاقة لها بالتعاليم الدينية اليهودية"، مضيفا "وهم يعتقدون أن اليهود لا يحق لهم إقامة دولة يهودية حتى ظهور يسوع المسيح من جديد ، وأن أي دولة تُنشأ باسم اليهود مصيرها الزوال ، لذا فهم معارضون وبشدة أيديولوجيًا الكيان الصهيوني".
*نتنياهو خلق أزمة الحرب للإطاحة بخصومه المحليين
ونوه السفير الفلسطيني في العراق ، الى ان "اليمين المتطرف الذي يحكم الأراضي المحتلة منذ 15 عاما، قد غير الواقع السياسي والاجتماعي والثقافي داخل إسرائيل".
وفي إشارة إلى خطأ بنيامين نتنياهو الاستراتيجي في خلق الأزمة الحالية ، قال عقل، ان "نتنياهو أراد التخلص من الضغط الداخلي ومنافسيه مثل ( بني غانتس ) وآخرين ، لذلك كان يحاول خلق أزمة حتى يتمكن من إعادة توحيد اليمين في داخل الاراضي المحتلة، ، لإعادة تشكيل حكومتها الجديدة وإخراج منافسيها المحليين ، فحرضت سكان حي الشيخ جراح في القدس وكذلك باب العمود ودخول القوات الإسرائيلية إلى ساحة القدس ، مع علمهم ان ذلك ستكون له رد فعل من الفلسطينيين"
وشدد على أن "القدس هي خط أحمر بالنسبة لنا وقد قلنا هذا مرات عديدة" ، مضيفا "أن الشعب الفلسطيني بغض النظر عن كل الحسابات السياسية التي كان يحسبها نتنياهو ، شعر بأنه ملزم بالدفاع عن القدس ، وبالتالي كل الشعب الفلسطيني والمقاومة، ودافعت عن القدس قائلة إن توقيع الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب على تعيين القدس عاصمة للكيان لا قيمة له وأن القدس لا تزال فلسطينية".
واعتبر السفير الفلسطيني أن "المقاومة الفلسطينية بشكل عام كانت إيجابية وأنها حققت إنجازات مهمة للقضية الفلسطينية ، من أهمها أنها أظهرت هشاشة الكيان الصهيوني من الداخل".
وقال ان "الانتفاضة الفلسطينية لعرب 48 داخل الأراضي المحتلة والتي اندلعت خلال حرب الـ 12 يومًا الأخيرة كانت من أهم الأحداث التي اعتبرها الصهاينة أخطر من صواريخ المقاومة، لانها مكنت هؤلاء الفلسطينيين من السيطرة على بعض المدن داخل الأراضي المحتلة".
ووصف "تصاعد الانقسامات الداخلية بين الصهاينة والمستوطنين الصهاينة بأنه حدث مهم آخر كشف بشكل كامل هشاشة الكيان الصهيوني من الداخل".
*أوروبا مهتمة بعلاقاتها مع حماس والجهاد الإسلامي
وعن الإنجازات المهمة الأخرى للمعركة ، قال أحمد عقل إن "ألمانيا تحدثت للمرة الأولى عن الحاجة إلى حوار غير مباشر مع حماس ، وأن رئيس الاتحاد الأوروبي شدد على أهمية التواصل مع حماس والجهاد الإسلامي ، رغم انهم كانوا قد ادرجوا الجهاد الإسلامي في قوائمهم الإرهابية".
وأكد على انه "بعد حرب الـ 12 يومًا ، ازدادت الضغوط الدولية على الكيان الصهيوني لحل الأزمة وعودة اللاجئين الفلسطينيين وتوطين اللاجئين الفلسطينيين".
*موقف الوسطاء في هذه الحرب كان سيئًا للغاية / البحرين والإمارات ليستا دولتين مؤثرتين في المنطقة
وأعتبر عقل ، ان "العديد من الخطط الشاذة ، مثل صفقة القرن وما بعدها ، بما في ذلك (تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني) ، قد توقفت بعد حرب استمرت 12 يومًا".
وأضاف أنه بعد الموقف الكبير للشعب السوداني والتظاهرات الواسعة للشعب المغربي ، أتصور أن هذين البلدين سينسحبان من خطة التطبيع ولن تهتم أي دولة أخرى في المنطقة بالتطبيع مع الكيان الصهيوني بعد الان"، لافتا الى ان "البحرين والإمارات فقط وافقتا على التطبيع ، وهما من الدول غير المؤثرة في المنطقة".
وتحدث "عقل" عن هدف دول التطبيع ، وأشار إلى أن "هذه الدول قامت بتطبيع علاقاتها من أجل الدفاع عن الكيان الصهيوني ودعمه ، لكن هذه الحرب أثبتت أن هذا الكيان لا يستطيع حتى الدفاع عن نفسه".
كما أشار عقل، إلى موقف السعودية ، قائلاً إن "السعوديين قطعوا مساعداتهم عن الشعب الفلسطيني قبل عام بأمر من كوشنر ، مستشار وصهر الرئيس الأمريكي السابق ، رغم أن العاهل السعودي اتصل بمحمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية".
وبشكل عام ، قيم السفير الفلسطيني في بغداد موقف الدول الوسطية والتطبيعية في أزمة حرب الـ 12 يومًا بين الفلسطينيين والكيان الصهيوني بأنه "سيئ للغاية والموقف العام للشعوب ومعظم الحكومات في المنطقة جيد".
*العلاقة الايرانية الفلسطينية تمتد جذورها مع الثورة الاسلامية
واعتبر عقل ان العلاقات بين فلسطين والجمهورية الإسلامية الإيرانية لا تقتصر على العلاقات مع فصائل المقاومة فقط قائلا : "هناك علاقات في مجالات سياسية ودبلوماسية واجتماعية وثقافية مختلفة".
وفي إشارة إلى زيارة ياسر عرفات رئيس منظمة التحرير الفلسطينية إلى إيران في بداية انتصار الثورة الإسلامية ، قال إن "كلمات عرفات كانت مهمة للغاية في ذلك الوقت ، وانه شدد على أنه بانتصار الثورة الإسلامية في إيران اصبحت للفلسطينيين قاعدة آمنة وداعم ، وأصبح لهم جيشا"، مؤكدا "ان الراحل ياسر عرفات كان يرى أن انتصار الثورة الإسلامية الإيرانية بقيادة الإمام الخميني (رضي الله عنه) أحدث تطورا مهما فيما يتعلق بقضية فلسطين".
كما نوه "عقل" إلى زيارة "محمود عباس" رئيس السلطة الفلسطينية إلى طهران عام 1991 ، بالقول "على الرغم من معارضة وغضب الأمريكيين ، سافر محمود عباس إلى طهران مع وفد رفيع المستوى والتقى المسؤولين الايرانيين، بما في ذلك المرشد الأعلى للثورة الاسلامية".
وبحسب السفير الفلسطيني ، "على المستوى الدبلوماسي ، فإن السفارات الفلسطينية في جميع الدول لها علاقات وثيقة للغاية مع السفارات الإيرانية".
وأكد عقل، على أنه "ليس لدينا أي مشاكل خاصة مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية ، ونعتبر إيران من الداعمين الرئيسيين للقضية الفلسطينية ، رغم أن السلطة الفلسطينية لا تتفق مع إيران في التوجه السياسي".
*إيران دولة ذات نفوذ كبير في المنطقة
وأكد السفير الفلسطيني في بغداد أن "الجمهورية الإسلامية الإيرانية دولة مؤثرة في المنطقة ومن الطبيعي أن يكون لها رأي وتأثير في القضية الفلسطينية"، مشيرا الى "أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية ، شأنها شأن القوى الأخرى في المنطقة ، لها الحق في السعي إلى ترسيخ مكانتها وحماية مصالحها ، ونحن في هذا الصدد ندرك واقع المنطقة".
وذكر بأن "الولايات المتحدة والكيان الصهيوني عملا جاهدين على مدار العشرين عامًا الماضية لتغيير المعادلة في المنطقة ، وأن (الربيع العربي) و (الإرهاب) كانا أداتين مهمتين ، لكن الأهم من ذلك ، كانا يريدان تقديم جمهورية إيران الإسلامية .. لدول المنطقة كعدو بدلاً من الكيان الصهيوني".
ومضى يقول إنهم ربما كانوا ناجحين إلى حد ما بسبب قدراتهم ، لكن الحرب التي استمرت 12 يومًا الأخيرة كانت بمثابة إلغاء للخطة الأمريكية الصهيونية وأظهرت أن إيران كانت ومازالت هي تلك الدولة المسلمة والصديقة في المنطقة وداعمًا رئيسيًا للقضية الفلسطينية".