واكدت جمعية "الوفاق الوطني" المعارضة، أن اعتداءات وقعت بالفعل ضد سجناء في "جو"، وذلك بعد احتجاجهم ضد أوضاعهم السيئة بالسجن.
وطالبت الوفاق، بـ"السماح لجهة مستقلة ومحايدة أممية بالتحقيق" فيما حدث في السجن.
وأيدت الوفاق أن السجناء "تعرضوا لضرب مبرح بالهراوات، خلفت إصابات دامية، فضلا عن نقل 33 سجينا تعرضوا للضرب لجهة غير معلومة".
ولم تكن الاحتجاجات التي تم قمعها أمس السبت في المبنيين 12 و13 وليدة اللحظة، بل كانت نتاج تراكمات تحكي تردي أوضاع السجن منذ أكثر من شهر، إثر انتشار الوباء بين السجناء، وعدم وجود وجبات تكفي لسد جوعهم، وصولاً إلى شهادة أحدهم بسبب الإهمال الطبي.
هاجمت القوات الأمنية السبت 17 أبريل 2021 المعتقلين في مبنى 12 و13 بسجن جو، وأنباء مقلقة إضافية تحكي عن العنف المفرط والقسوة في تعامل الشرطة مع السجناء، وهو ما أدى إلى اعتصام بعض الأهالي عند مبنى السجن مطالبين بالحديث مع المسؤولين لطمأنتهم بشأن أبنائهم.
لكن كما كان متوقعاً فإن إدارة السجن بدلاً من طمأنة السجناء ومحاولة احتواء الموقف، استخدمت الطريقة الأسهل، وقامت بقمع السجناء بصورة قاسية، مذكّرةً بالهجوم الواسع الذي تعرض له معتقلي جو قبل 6 أعوام.
في 17 فبراير 2015 هاجمت قوات أمنية مع كلاب بوليسية مبنى 3 و6 في سجن جو، مشاهد رآها الرموز بأعينهم، وسمعوا صرخات السجناء القُصّر بآذانهم ليقرروا الإضراب عن الطعام احتجاجاً، لكن قوات الأمن لم تكترث للأمر.
خرجت الأمور عن السيطرة، فقررت إدارة السجن الاشتباك مع المعتقلين، مستخدمة الكلاب البوليسية، الغاز المسيل للدموع والعصي والهراوات، وهو ما أدى لإصابة العشرات من المعتقلين بإصابات خفيفة ومتوسطة.
استمرت إدارة السجن في معاقبة المعتقلين، وواصلت في ضربهم وتعذيبهم، واستمرت معاناة المعتقلين لحوالي أسبوعين، قبل أن يتم معاقبتهم جميعها بوضعهم في خيام خارجية في باحة السجن، ووصل التضييق عليهم إلى منعهم من استخدام دورات المياه أو الذهاب إلى حمامات السباحة، وهو ما أدى إلى انتشار مرض الجرب وأمراض جلدية أخرى بينهم.
لم تكتفي وزارة الداخلية بهذا العقاب الذي استمر حوالي شهرين، بل قامت بإحالة عدد من المعتقلين إلى النيابة بتهمة "التمرد" ولاحقاً أصدرت محكمة حكما بسجن حوالي 60 معتقلاً لمدة 15 عاماً.
خرجت تقارير حقوقية من منظمة العفو الدولية، هيومن رايتس ووتش، ومنظمات بحرينية تحكي تفاصيل مروعة عن انتهاكات تعرض لها المعتقلون في سجن جو، لكن وكما كان متوقعاً فإن من كانوا يستحقون العقاب، أفلتوا مرة أخرى منه نظراً للحماية التي توفرها الدولة لهم.
العدالة المزيفة في البحرين لم تحاكم شرطياً واحداً بسبب انتهاكات سجن جو، لقد اقتيد شرطي واحد فقط للمحاكمة بتهمة "تهريب هواتف ذكية وتلقي رشاوى" من المعتقلين، ولم يتعرض هذا الشرطي للمحاكمة إلا بعد أن خرجت صور تحكي الواقع المروع الذي عاشه السجناء أثناء القمع الوحشي الذي تعرضوا له.
وكلما غابت العدالة عن مثل هذه الأحداث، تمادى المجرمون في إجرامهم، ولذلك فإن حادثة سجن جو اليوم، للأسف ستتكرر مرة ومرتين حتى نصل ليوم يحاسب فيه هؤلاء على انتهاكاتهم، وأن توضع قواعد حقيقية يتم اتباعها لحماية حقوق السجناء والمعتقلين أياً كانت أسباب سجنهم واحتجازهم.