أترك العالم وغير نفسك!
تقول الأسطورة :
يحكى أن ملكًا كان يحكم دولة واسعة جداً ، وأنه أراد ذات يوم أن يقوم برحلة طويلة يجوب فيها أرجاء المملكة ، فتورمت قدماه من وعورة الطرقات وأشواكها ، فأصدر مرسوما ملكيا يقضي بتغطية كل شوارع المملكة بالجلد ، ولكن أحد مستشاريه قال له : هذا مستحيل أيها الملك ، ولكن ما رأيك أن نجعل لك قطعة جلد أسفل قدمك وهكذا تصبح كل الطرق كما تريد!
فأعجب الملك بالفكرة ، وهكذا ولدت الأحذية!
الجميع يريدون تغيير العالم ، ولكن لا أحد يريد تغيير نفسه ، مع أنه متى غير الإنسان نفسه فإن العالم سيتغير تلقائياً!
إن هذا العالم حقيقته من العين التي ينظر بها إليه ، وكلنا نملك العين نفسها ، ولا نملك النظرة نفسها!
ومثال علّه يُسهل هذا المفهوم الذي يبدو معقداً :
يفقد رجلان ابنيهما .
يقول الأول : ألم ير الله غيري ليبتليه!
إن النظر إلى المصيبة من هذه الزاوية سوف يجعل الحياة جحيماً لا تطاق!
الثاني يحزن لأنه إنسان ، يلتاع لأنه أب ، ولكنه يسلم ويرضى، ويتأدب مع الله إذا شاء أن يمضي قدره .
لا سخط الأول أعاد إليه ابنه ، ولا رضي الثاني أعاد إليه ابنه ، ولكن العالم في عين أحدهما مختلف تماما عن العالم في عين صاحبه
في قرية صغيرة ، سقوف بيوتها متصدعة ، يهطل المطر ، ينساب الماء من السقف إلى داخل المنزل ، الأول يشتم المطر ، والثاني يحاول أن يصلح سقفه!
وعندما تمطر في المرة القادمة سوف يبقى الماء يتسلل إلى بيت الأول ، ولن يفعل هذا في بيت الثاني
الأول يريد تغيير العالم ، أن تمسك السماء عن المطر لأن سقف بينه متصدع والثاني يعرف أن المشكلة ليست في المطر ، وإنما في سقف بيته لذلك أصلحه!
سوف تبقى الدنيا على هذا الحال ما بقينا عليها ، المطر لن يكف عن الهطول ، والأحبة لن يعيشوا إلى الأبد ، الجامعات لن تصبح مجانية ، والمستشفيات لن تدخلك ما لم تملك المال ، العمل سيبقى شاقاً، والنجاح سيبقى صعبا ، المحال التجارية لا توزع بالمجان ،
والبيوت تقع فيها الخلافات!
من كان سقفه متهالكاً يريد من المطر ألا يخترقه ومن كان له أبناء يريد لهم أن يعيشوا إلى الأبد
ومن كان يريد عملاً سهلا ، ونجاحاً يسيرا ، وأسواقا تعطي دون مال
فهو على الكوكب الخطأ ، عليه أن يغير نفسه ، أو يبحث له عن كوكب أخر!