وهو في غاية الأهمية لدرجة أن البعض يعتبر تأريخ نشأة أصفهان قد انطلق منه، وهو مرتفع عظيم جرت العديد من عمليات الحفر والتنقيب عليه وما زالت هذه الأعمال مستمرة حتى يومنا هذا، ويقع في الناحية الشمالية من نهر أصفهان المعروف " زاينده رود " وإلى جانبة مكتبة زاخرة بالكتب تحمل نفس هذا الاسم.
يقع هذا التل العظيم في المدينة القديمة " ساروية " التي دمرها العرب حينما هجموا على إيران ولم يبق منها اليوم سوى هذا المرتفع الذي يسميه المحليون " تپه أشرف ".
يتضمن هذا المرتفع والذي كان حصناً في قديم الأيام، العديد من الممرات لذلك بقيت الكتب التي كانت في ساروية محفوظة فيها ولم تطلها يد المهاجمين العرب الذين دمروا المدينة.
وينقل المؤرخون ولا سيما المعنيون بتأريخ مدينة أصفهان أنه في عهد الملك " طهمورث " تنبأ علماء الفلك بحدوث طوفان عظيم في مغرب الأرض، لذلك أمر هذا الملك بالبحث عن أرض مرتفعة تصونه ومن معه من هذا الطوفان وكذلك تحفظه من دمار الزلازل التي كانت تحدث كثيراً آنذاك، لذلك خرجت فرق بحث فعثرت على منطقة اسمها اليوم قرية "جي" حيث تقع في ضواحي مدينة اصفهان واعتبروها مناسبة للاستيطان لكونه مرتفعة وآمنة، لذلك أمر الملك طهمورث ببناء حصن فيها أطلق على المنطقة التي تسمى سارويه ومن ثم تم نقل الكتب الملكية إليه لكي لا تتعرض للتلف جراء الطوفان المتوقع.
* أسرار " تپه أشرف "
الحفريات الأثرية ما زالت مستمرة في هذا المرتفع القديم " تپه أشرف " ويكتشف علماء الآثار أسراراً جديدةً فيه، ونظراً لكثرة أسراره فقد بادر موقع المتحف البريطاني إلى ذكر أخبار تفصيلية عنه باللغة الإنجليزية، وقد أعرب الكثير من المستشرقين عن رغبتهم في زيارته والتنقيب فيه.
أول سر في هذا الحصن القديم هو اختلاف آراء المؤرخين وعلماء الآثار حول تأريخه، فبعضهم يقول إنه نفس منطقة ساروية القديمة، أي أنه يناظر أهرامات مصر نظراً لحجمة الكبير.
السر الثاني في هذا الأثر القديم أنه حينما اختير كقصر للملك كان عمره آنذاك 700 عاما أي أنه كان قصراً مهجوراً ثم أعيد بناؤه من جديد.
السر الثالث يكمن في فن عمارته، فهو مشيد وفق نمط معماري يختلف بالكامل عن سائر المباني الأثرية في إيران، ولربما كان منطلقاً لتغيير النمط المعماري القديم.
يقول خبراء الآثار والمسؤولون عن التراث الثقافي في محافظة أصفهان حول الحفريات التي أجريت في هذا المكان الأثري، إنهم وجدوا في بادئ الأمر آثاراً يرجع تأريخها إلى العهد الساساني ووجدوا قطعاً خزفيةً تعود إلى القرن الرابع الهجري.
وأما بالنسبة إلى نمطه المعماري، فقد صرح السيد علي رضا جعفري زند، بأن البنية المعمارية الأساسية لهذا الأثر التأريخي تناظر فن العمارة الذي ساد في القرنين الخامس والسادس من العهد الساساني، وحينما توصلنا إلى هذه الحقيقة عرفنا أن هذا المرتفع كان عبارة عن قلعة عظيمة، وفيما بعد وجدنا آثاراً تدل على أنه قصر ملكي بناه الحاكم أشرف أفغان في القرن الثاني عشر ثم دمره نادر شاه.