البث المباشر

«بِه بُلو».. طبق أصفهاني ممتاز

الأربعاء 1 يناير 2025 - 19:38 بتوقيت طهران
«بِه بُلو».. طبق أصفهاني ممتاز

يعتبر "بِه بُلو" من الأكلات الأصيلة، الشعبية والمميزة في أصفهان، والتي تثير رائحتها ولونها جميع الأذواق، خاصة في أيام السنة الباردة.

وعلى عكس الأطباق التقليدية المعروفة في أصفهان، مثل "بٍريان"، يعتبر "بٍه بُلو" ( طعام مكون من السفرجل والأرز و...) طعامًا خفيفًا ومغذيًا للغاية، وهو تعبير عن آداب الاستقبال والاحترام العميق من أهالي أصفهان الحقيقيين لضيوفهم. 

كان يتم طهي هذا الطبق وتقديمه في الطقوس والمراسم المختلفة لأهل هذه الأرض منذ القدم، ورغم أن اسم هذا الأكلة المحلية اليوم لا يظهر في قائمة المطاعم والمقاصف، إلا أن كبار السن ما زالوا يتذكرونه ويضعونه على الطاولة في مناسبات مختلفة.

بما أن فاكهة "السفرجل" عالية الجودة تتوافر بكثرة في هذه المنطقة في فصلي الخريف والشتاء، فقد حظيت أكلة "بِه بُلو" بمكانة خاصة على مائدة الأصفهانيين منذ العصور القديمة كغذاء صحي وشتوي.

إن فاكهة "السفرجل" التي تشتهر باسم "الفاكهة السماوية" في الثقافة العامة للشعب الإيراني، نادرا ما تؤكل نيئة، ولكن عند طهيها، لها طعم ورائحة لطيفة للغاية، ملمس ناعم وملين، ولون وردي جميل، وهذه الميزة هي سر اللذة لدى الطعام التقليدي المسمى باسم "بِه بُلو".

تشمل المكونات الرئيسية لهذه الأكلة الأرز، فاكهة السفرجل، لحم الدجاج أو الغنم، البرقوق، الزعفران والتوابل العطرية مثل القرفة والكركم والكمون. وهذا الطعام له طعم حلو خفيف وطري قليلاً.

عندما يتم طهي رائحة الفاكهة أو قليها فهي لطيفة للغاية وعندما تخلط مع الأرز تصبح طبقًا لذيذًا وشهيًا.

ولتحضير هذه الأكلة التقليدية اللذيذة، يجب أولاً غسل فاكهة "السفرجل" عالية الجودة ثم تقطيعها مع قشرتها على شكل شرائح أو قطع صغيرة وبعد ذلك قليها بقليل من الزيت.

وفي المرحلة التالية، يتم قلي البصل المفروم قليلا في وعاء منفصل، ثم تضاف إليه قطع الدجاج أو لحم الضأن، ويقلى حتى يتغير لونه ومن ثم يطهى مع بعض الماء، الملح، الفلفل، الكركم، القرفة والكمون.

ثم تضاف إليه بعض البرقوق مع الزعفران ويسخن على نار خفيفة حتى يتكون خليط سميك يشبه الصلصة.

في المرحلة التالية، يتم طهي الأرز المنقوع في الماء والملح ثم تصفيته. بعد ذلك، يتم دهن قاع الإناء، ويوضع الأرز المحروق المطلوب فيه، ثم يُسكب الأرز واللحم وقطع "فاكهة السفرجل" في طبقات ومن ثم يتم تحضير الأرز. وعادة ما تستخدم أيضًا شرائح اللوز أو الفستق لتزيين هذه الأكلة.

 

لايزال يحافظ على خاصية فاكهة "السفرجل" عن طريق طهيها، وهذه من أهم النقاط حول هذه الفاكهة. ومن خصائص "السفرجل المطبوخ" حسب ما توصل إليه الطب التقليدي، أنه يساعد على حل مشاكل الجهاز الهضمي، ويقلل من التهابات الرئة وردود الفعل التحسسية ، ويقوي القلب، المعدة والذاكرة.

وقد أظهرت الأبحاث العلمية أن هذه الفاكهة غنية بالفيتامينات، المغذيات الدقيقة، والمعادن، كما أنها غنية بـ "الفينولات" التي تستخدم في الطب التقليدي والحديث لإنتاج الأدوية المضادة للأنفلونزا.

إن فاكهة "السفرجل" مضادة للفيروسات وغنية بمضادات الأكسدة، وهي مفيدة جدًا في مكافحة ومنع نزلات البرد ومسببات الأمراض الفيروسية، لذا يمكن اعتبارها فاكهة مناسبة لموسم البرد.

تنتمي فاكهة "السفرجل" المعروفة باسم "التفاحة الذهبية"؛ إلى عائلة الورديات وهي عطرية ولها أزهار. السفرجل الناضج يشبه الكمثرى ولونه أصفر ذهبي. وتحتوي هذه الفاكهة على عدة حبات في وسطها، والتي لها أيضًا العديد من الخصائص.

تستخدم بذور السفرجل في علاج السعال الشديد. ويمكن أن يكون ضخ بذور السفرجل فعالا جدا في علاج أمراض مثل الالتهاب الرئوي والتهاب الحلق. وسطح هذه الفاكهة يشبه الفراء ولها رائحة فريدة من نوعها بين الفواكه المماثلة.

بحسب الوثائق التاريخية، يعرف الإيرانيون كيفية طهي أكثر من 40 نوعا من "الأرز"، ويصف الباحثون "طهي الأرز" بأنه اكتشاف مهم للطهاة الإيرانيين، ويعتقدون أنه لا يمكن لغير الإيرانيين إعداده بشكل جيد في أي مكان آخر.

ووفقا للمؤرخين، يستخدم الإيرانيون الخضروات والبقوليات، وهي رخيصة الثمن مقارنة باللحوم والدجاج والأسماك، عن طريق إضافتها إلى الأرز ومن ثم طهيه، والذي لا يحتاج إلى يخنة منفصلة.

تعتبر أكلة "بِه بُلو" هو أيضًا أحد أطباق الأرز الإيرانية المبنية على أساس الفاكهة.

في فترات من التاريخ عندما كان الأرز طعاما خاصا للطبقة الغنية وللولائم الخاصة، بدلا من القول "نحن ذاهبون إلى حفلة"، كان الإيرانيون يقولون "سنتناول وجبة"؛ وهكذا اشتهر فن الطبخ لديهم من خلال طهي أطباق الأرز المختلفة.

انتشر استهلاك الأرز على نطاق واسع في المدن الكبرى في إيران منذ أربعينيات القرن العشرين، وحتى يومنا هذا يعد أحد الأطعمة المفضلة لدى الإيرانيين.

وتتمتع أصفهان، بالإضافة إلى معالمها التاريخية والثقافية، بتنوع مذهل في نكهات وألوان وروائح الأطعمة التقليدية، مما جعل هذه الأرض واحدة من أهم محافظات البلاد في مجال "السياحة الغذائية".

وحتى الآن، تم تحديد حوالي 500 نوع من الأطعمة التقليدية في أصفهان، وتم تسجيل 19 نوعًا من الأطعمة و12 مهارة في الطبخ لهذه المحافظة في قائمة التراث غير المادي للبلاد.

كما أن مدينة أصفهان، بالإضافة إلى المباني والمعالم التاريخية والإنجازات والتراث الثقافي المادي وغير المادي، وبالإضافة إلى وجود الحرف اليدوية الشهيرة التي جعلت هذه المدينة "مدينة اليونسكو الإبداعية"، تتمتع بالتنوع في الطعام، فن الطبخ، صناعة المعجنات والحلويات وطريقة التقديم والاستهلاك كما أنها فريدة من نوعها.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة