البث المباشر

تفسير موجز للآيات 7 و 8 من سورة الزمر

الثلاثاء 14 إبريل 2020 - 19:56 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 851

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين ..السلام على مستمعي برنامج نهج الحياة ورحمة الله وبركاته .نحن معكم لنحط رحلنا عند آيات أخرى من سورة "الزمر" المباركة وهي الاية 7 و8 لنستمع إلى تلاوة للاية 7 من هذه السورة المباركة :

إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّـهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ ۖ وَلَا يَرْضَىٰ لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ ۖ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ ۗ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ۗ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ۚ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴿٧﴾

بعد أن تحدثت الايات السابقة عن النعم الكبرى التي منّ بها الباريء عزّوجلّ على عباده، تتطرق هذه الآية إلى مسألة الشكر والكفر، وتناقش جوانب من هذه المسألة. وفي البداية تقول: (إن تكفروا فإنّ الله غني عنكم) اي إن تكفروا أو تشكروا فإنّ نتائجه تعود عليكم، والله غني عنكم في حال كفركم أوشكركم. ولكن العبد الشاكر يحصل على مقومات التنمية الروحية والمعنوية بالمقارنة مع الذي يكفر بنعم الله .ثم تشير الاية إلى أصل عام في السلوك الإنساني و هو أن الفرد رهن بما يصدر منه من سلوكيات و هو يتحمل مسؤولية أعماله فقال تعالى: (ولا تزر وازرةٌ وزر اُخرى). وبما أنه لا معنى للتكليف إن لم يكن هناك عقاب وثواب، فالآية تشير إلى قضية المعاد، وتقول: (ثمّ إلى ربّكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم تعملون). ولايتمّ الحساب و العقاب الحقيقي ما لم يكن هناك إطلاع وعلم بالأسرار الخفية للإنسان و هي أسرار مكشوفة أمام علم الله تعالى لأنه "عليم بذات الصدور".

نستلهم من الاية بعضا من الدروس :

  • إن الفرائض الدينية كالصلاة والصوم والحج وغيره لا تشير من قريب ولا من بعيد إلى حاجة لله تعالى بل إنها وسائل وواجبات يمارسها العبد لنيل الكمالات الروحية والمعنوية .
  • إن العدل هو الميزان الإلهي للمكافأة والعقوبة الأخروية وعليه فلا قيمة للإنتماءات القبيلة والحزبية والقومية في الحساب يوم الدين.
  • إن الله عليم بما يخفيه الإنسان من نواياه و على غرارها يحاسبه ويجزيه .

 

أيها الأكارم نستمع فيما يلي إلى تلاوة الاية 8 من سورة الزمر:

وَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِّنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِن قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّـهِ أَندَادًا لِّيُضِلَّ عَن سَبِيلِهِ ۚ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا ۖ إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ ﴿٨﴾ 

تشيرالاية إلى التوحيد الفطري الموجود لدى كل إنسان وتوضح أن ما يدركه الإنسان عن طريق العقل أو الفهم أو المطالعة في شؤون الخلق موجود بصورة فطرية في أعماقه، وأنّه يظهر أثناء المشاكل وأعاصير الحوادث التي تعصف به، ولكن هذا الإنسان الكثير النسيان يبتلى مرّة اُخرى بالغفلة والغرور فور ما تهدأ العواصف والمشاكل وعندما يمنّ الله على الإنسان بالنعم ينسى المشاكل والإبتلاءات السابقة التي دعا الله عزّوجلّ من أجل كشفها عنه، إذ يجعل له أنداداً وشركاء ويعمد إلى عبادتها، ولا يكتفي بعبادتها بل يعمد - أيضاً - لإضلال وحرف الناس عن سبيل الله و أخيرا تخاطب الاية مثل أولئك الأشخاص بلغة ملؤها التهديد الصريح والحازم والقاطع: (قل تمتع بكفرك قليلا إنّك من أصحاب النّار)

تعلمنا الاية المباركة دروسا منها:

  • إن الله تعالى ينتقد الرجوع الموسمي إليه تعالى والذي يعقبه النسيان بعد قضاء الحاجة.
  • إن المشاكل والمصاعب من العوامل المساعدة على يقظة الفطرة الالهية .
  • إن الدعاء إذا كان خالصا لوجه الله تعالى يكشف الله به الضر ويرفع الالام .
  • إن الله تعالى لا يصدر منه الضر بل إنه مصدر الخير والنعمة
  • أحيانا تكون النعم سببا لحصول حالة الغفلة والنسيان.
  • ينسى البعض من الناس آلامهم وأوقات ضعفهم عندما تنحل مشاكلهم .
  • الغفلة عن ذكر الله تعالى من موجبات الشرك ومن ينسى الله سينجر إلى وادي الشرك السحيق فإن الذي جعل لله أندادا كان قد نسي الله من قبل .
  • إن الإنحراف عن جادة الصواب ليس وليدة الساعة بل النسيان والغفلة عن ذكر الله أولا ثم السقوط في وادي الشرك والضلال وأخيرا إضلال الاخرين.
  • لا تدل النعمة والرخاء والاستمتاع دائما على حب الله للعبد فالله تعالى يقول للكافر تمتع بكفرك قليلا.
  • إن نعم الدنيا وملذاتها قليلة مهما كثرت بالمقارنة مع نعم الآخرة وملذاتها .

 

في نهاية هذا البرنامج نشكركم على طيب متابعتكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة