البث المباشر

تفسير موجز للآيات 27 الى 30 من سورة فاطر

الإثنين 13 إبريل 2020 - 17:44 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 795

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين.

السلام عليكم مستمعينا ورحمة الله وبركاته .. أهلا بكم إلى برنامج نهج الحياة حيث نواصل الحديث في ايات اخرى من سورة فاطر وهي تبدء من الاية 27 إلى 30 منها .. فتعالوا معنا بداية ننصت خاشعين إلى تلاوة الاية 27 و28 من هذه السورة المباركة:

أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّـهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا ۚ وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ ﴿٢٧﴾ 

وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَٰلِكَ ۗ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّـهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ۗ إِنَّ اللَّـهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ ﴿٢٨﴾ 

مرّة اُخرى تعود هذه الآيات إلى عقيدة التوحيد، وتفتح صفحة جديدة من كتاب التكوين أمام ذوي البصائر من الناس، لكي ترد بعنف على المشركين المعاندين ومنكري التوحيد المتعصّبين.

تلفت هاتان الايتان إلى تنوّع الجمادات والمظاهر المختلفة والجميلة للحياة في عالم النباتات والحيوانات والإنسان، وكيف جعل الله سبحانه من الماء العديم اللون الآلاف من الكائنات الملوّنة، وكيف خلق من عناصر معيّنة ومحدودة كائنات متنوّعة أحدها أجمل من الآخر.

تبدء الآية الكريمة بعبارة استفهامية : (ألم تر أنّ الله أنزل من السماء ماءً فأخرجنا به ثمرات مختلفاً ألوانها).هذه العبارة من خلال الإستفهام التقريري، وبتحريك حسّ التساؤل لدى البشر، تشير إلى أنّ هذا الموضوع جلي وواضح لدرجة أنّ أي شخص إذا نظر أبصرفهو يبصر الجمال في كائنات حية بأشكال مختلفة تتولّد من ماء وتراب واحد.

ثمّ تُشير الآية إلى تنوّع أشكال الجبال والطرق الملوّنة التي تمرّ من خلالها وتؤدّي إلى تشخيصها وتفريقها الواحدة عن الاُخرى. هذا التفاوت اللوني يضفي على الجبال جمالا خاصّاً من جهة، ومن جهة اُخرى، يكون سبباً لتشخيص الطرق وعدم الضياع فيما بين طرقها المليئة بالإلتواءات والإنحدارات، وأخيراً فهو دليل على أنّ الله على كلّ شيء قدير.

وفي الآية التالية تطرح مسألة تنوّع الألوان في البشر والأحياء الاُخرى، فيقول تعالى: (ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه).

أجل، فالبشر مع كونهم جميعاً لأب واُمّ واحدين، إلاّ أنّهم عناصر وألوان متفاوتة تماماً، فالبعض أبيض البشرة والبعض الآخر أسود ، وحتّى في العنصر الواحد فإنّ التفاوت في اللون شديد أيضاً .

في عالم الكائنات الحيّة أيضاً يوجد آلاف الآلاف من أنواع الحشرات، الطيور، الزواحف، الحيوانات البحرية، الوحوش الصحراوية، بكلّ خصائصها النوعية وعجائب خلقها كدلالة على قدرة وعظمة وعلم خالقها.

ولأنّ إمكانية الانتفاع من آيات الخلق العظيمة هذه تتوفّر أكثر عند العباد العقلاء والمفكّرين يقول تعالى في آخر الآية: (إنّما يخشى الله من عباده العلماء).

و إلى تعاليم تتحفنا بها الأيتان:

  • إن الخشية تتولّد نتيجة سبر أغوار الآيات الآفاقية والأنفسية، والتعرّف على حقيقة علم وقدرة الله وغاية الخلق.
  • إن من دلائل العظمة الالهية هو تكوين كل هذه الكائنات المتعددة من ماء وتراب واحد .
  • إن الدين لا يعارض الجمال بل الله هو خالق الجمال وأن أجمل المناظر يجدها الإنسان في الجبال والغابات و البحار .
  • إن العلم ومعرفة أسرار الخلق هو مقدمة لينال الإنسان مقام الخشية الإلهية .ويجب أن لا يكون مدعاة للتكبرو الغرور .

 

و الان نستمع إلى تلاوة الاية 29 و30 من سورة فاطر المباركة:

إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّـهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ ﴿٢٩﴾ 

لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ ۚ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ ﴿٣٠﴾

بعد أن أشارت الآيات السابقة إلى مرتبة الخوف والخشية عند العلماء، تشيرهاتان الايتان إلى مرتبة "الأمل والرجاء" عندهم أيضاً، إذ أنّ الإنسان بهذين الجناحين- فقط- يمكنه أن يحلّق في سماء السعادة، ويطوي سبيل تكامله، يقول تعالى أوّلا: (إنّ الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا ممّا رزقناهم سرّاً وعلانية يرجون تجارةً لن تبور)

هذا الإنفاق تارةً يكون (سرّاً)، فيكون دليلا على الإخلاص الكامل. وتارةً يكون (علانية) فيكون تعظيماً لشعائر الله ودافعاً للآخرين على سلوك هذا الطريق.

والآية الأخيرة توضّح عاقبة هؤلاء المؤمنين الصادقين فتقول: انّهم يعملون الخيرات والصالحات وبالتالي يوفّيهم الله اُجورهم ويزيدهم من فضله إنّه غفور شكور.

و إلى بعض من التعاليم التي تحفل بها الايتان:

  • لا يغني العلم و المعرفة لوحدهما بل يجب أن تتبعهما العبادة والتوجه إلى الله تعالى .
  • إن التجارة التي لا خسارة فيها و لن تبور أبدا هي التجارة مع الله بحيث يستثمر الانسان رأسماله في سبيل الله كان يقضي عمره، ماله ،علمه وصحته في سبيل الله تعالى.
  • الصلاة والإنفاق لا يفترقان أبدا فلا إنفاق دون صلاة و لا صلاة دون إنفاق .
  • إن أدرك الإنسان أن ما يملكه هو من عند الله تعالى فلا يبخل بها، بل ينفقها في سبيل الله تعالى .
  • إن الأمل و الرجاء ينبغي أن يرافقهما العمل الصالح وإلا فهو أمنية ليست إلا.

 

أيها الأكارم وصلنا إلى ختام هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة على أمل أن نلقاكم مجددا نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة