بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله الطاهرين.
مستمعينا الكرام السلام عليكم هذه حلقة جديدة من برنامج: نهج الحياة، وفيها تفسير لآيات أخرى من سورة المؤمنون ونبدأ بالآية الثانية والخمسين:
وَإِنَّ هَـٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ ﴿٥٢﴾
كما مر علينا في تفسير الآيات السابقة، فان الله تعالى دعا الانبياء عليهم السلام واتباعهم الى اتيان صالح الاعمال واجتناب كل ماهو حرام.
وفي هذه الآية خطاب للناس جميعا بانهم امة واحدة لابد ان تسير على منهاج واحد هو التوحيد.
فجميع الرسل والانبياء انما بعثوا من قبل اله واحد وانه باجمعهم دعوا الناس الى توحيده اذ لا اله الا الله وحده لاشريك له.
نعم ان القاسم المشترك في كل الرسالات والشرائع هو التوحيد على ان تعدد الانبياء عليهم السلام هو لتعدد الازمنة والامكنة التي بعثوا فيها وتكامل رسالاتهم ياتي تناسبا مع تكامل الوعي لدى المجتمع البشري، وخاتمة الشرائع شريعة الاسلام وهي للناس كافة، فالقرآن يخاطب الرسول محمد(صلى الله عليه وآله) قائلا: وما ارسلناك الا رحمة للعالمين.
والمستفاد من نص الآية المفسرة مايلي:
- ان الله الواحد الاحد يدعو الناس كافة للتوحيد ففي عبادة التوحيد اتحاد وتالف.
- ان الانبياء عليهم السلام دعاة الحق في كل زمان ومكان.
ويقول عز من قائل في الآيتين الثالثة والخمسين والرابعة والخمسين من سورة المؤمنون:
فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ زُبُرًا ۖ كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ﴿٥٣﴾
فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّىٰ حِينٍ ﴿٥٤﴾
نعم ان الاديان السماوية وان تعددت بيد انها تدور حول محور واحد هو لا اله الا الله وحده لا شريك له.
والملاحظ ان اتباع بعض الديانات السابقة سلكوا مسلك التعصب ومن اجل هذا بقوا على دينهم ولم يقبلوا بختام الاديان وهو الدين الاسلامي.
والواقع ان الاديان الالهية لا تعصب فيها، بل ان هذا التعصب منشاه غرور الانسان وانانيته.
والدين الاسلامي وهو افضل الاديان لانه اكملها لم يجبر احدا على الانتماء اليه، بل ان الدعوة الاسلامية دعوة مفتوحة، ومن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر. لكن الكفر عاقبته سوء العذاب وللكافرين النار.
ويفيدنا النص:
- ان الانبياء عليهم السلام دعوا الى وحدة الكلمة والتوحيد الخالص للباري عزوجل. لا فرق بين الانبياء في ذلك اي لا فرق بين موسى وعيسى ومحمد عليهم السلام.
- ان التحزب على اساس هواء النفس امر مذموم.
ويقول سبحانه في الآيتين الخامسة والخمسين والسادسة والخمسين من سورة المؤمنون:
يَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُم بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ ﴿٥٥﴾
نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ ۚ بَل لَّا يَشْعُرُونَ ﴿٥٦﴾
ان الكفار وان كانوا في دعة العيش ولذته فهذا لا يعني ان الله افاض عليهم هذا الخير.
ان رحمة الله الرحمانية ورزقه تعم الكافر والمؤمن معاً وان الانسان اذا ما سعى راى ثمرة سعيه. وقد يكون العطاء من اجل الاختبار.
والمستفاد من هذا النص هو:
- ليس المادة والمال من عوامل الفلاح وعليه لابد ان لا يغتر الانسان بما عنده من مال فهو زائل لامحالة.
- الرفاه الظاهري للكفار ليس دليلاً على سعادتهم. بل ان الكافر في شقاء وان اوتي ملك قارون.
نسال الله العلي القدير ان يوفقنا لطاعته ويجنبنا معصيته ويجعل عاقبة امورنا الى خير والحمد لله رب العالمين.