لقد ارتبط مصير الايرانيين السياسي والاقتصادي على مدى قرن كامل بالذهب الاسود، وطوال هذه المدة كان كل حدث اجتماعي في البلاد أما ان يتأثر بالنفط أو يؤثر فيه.
واذا كان موضوع النفط قد بدأ باتفاقية "دارسي" التي وقعت عام 1901 ، فان المنعطف الذي شهده هذا القطاع يعود الى العشرين من آذار عام 1951 ، وهو اليوم الذي قام فيه رئيس الوزراء الايراني محمد مصدق بسحب الامتياز من الشركات البريطانية واعلان تأميم النفط الايراني.
ولم تكن ايران وحدها في هذا المجال ، ففي ذلك الوقت تصاعد الشعور القومي في البلدان المحرومة من التنمية ، وكانت ايران من جانب ومصر من جانب آخر قد رفعتا راية تأميم النفط واخضاعه للاستثمار الوطني.
وكان لهذا الموضوع اهميته على الساحة الدولية بحيث أن مجلة "التايم" في ذلك الوقت قد نشرت صورة لرئيس الوزراء الايراني محمد مصدق وآبار نفط ايران ومصر الى جانب عدد من القبضات المسدودة.
وجاء في الرسالة التي رفعها رئيس الوزراء محمد مصدق الى مجلس الشورى الوطني للبدء بالاستثمار الوطني للنفط: باسم سعادة الشعب الإيراني ، وبهدف المساعدة على اقرار السلام العالمي، اقترح تأميم النفط في كل انحاء البلاد دون استثناء.
ولم يكن هذا الاجراء سهلا ، فباعلانه بادرت بريطانيا الى اغلاق جميع مكاتبها النفطية في ايران، وحرضت على العصيان في المناطق النفطية وخاصة خوزستان ، ولم تعد ناقلات النفط مستعدة لشراء النفط الايراني.
والاهم من ذلك ان بريطانيا تقدمت بشكوى ضد ايران في المحكمة الدولية بلاهاي لكن الملف ختم لصالح ايران بفضل الوثائق التي كانت تمتلكها.
ورغم وصول عوائد ايران من النفط في ذلك الوقت الى الصفر، لكن ذلك لم يؤدي الى اي عجز في الميزانية لانها كانت تدار بالطريقة التقليدية ولم تعتمد بشكل اساسي على النفط.
وبعد انقلاب عام 1953 وعودة شركات النفط الكبرى بصورة كونسورتيوم ، احتل النفط مكانة في الاقتصاد الايراني.
واليوم وبعد الحظر الامريكي الظالم على ايران خاصة في مجال النفط فان ميزانية العام الايراني القادم الذي يبدأ غدا الجمعة، لامكان لها لعائدات النفط الا بنسبة قليلة جدا لاتتجاوز العشرة بالمئة وهذا انجاز لا يقل عن انجاز تاميم النفط قبل سبعين عاما.