فقد أصبحت فكرة "إسرائيل الكبرى" مرة أخرى موضوع نقاش في الأوساط السياسية والإعلامية. خطة تُفسر بناءً على تصريحات رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو مؤخراً على أنها توسيع نطاق سيطرة هذا الكيان حتى حدود دول عربية مثل سوريا والعراق ولبنان والأردن والكويت والسعودية وحتى مصر.
للوهلة الأولى، يُعرف هذا المشروع بأنه خطة توسعية وسياسية، لكن الفحص الدقيق يظهر أن هدفها الأساسي يتجاوز الاستيلاء على الأرض. ,يمكن لهذه الفكرة أن تضع حوالي 500 مليار برميل من النفط تحت سيطرة الكيان الصهيوني من خلال تجميع موارد الدول المستهدفة؛ أي ما يقرب من 30٪ من احتياطيات النفط العالمية.
بالإضافة إلى ذلك، سيدخل حوالي 7٪ من احتياطيات الغاز في العالم ضمن نطاق النفوذ المباشر لهذا الكيان لكن البعد الجيوسياسي لهذه القضية أهم حتى من موارد الطاقة.
وفقاً لتحليل الخبراء، فإن تحقيق مشروع "إسرائيل الكبرى" يعني السيطرة على قناة السويس وخط أنابيب سوميد. هذان المساران الحيويان هما الشريان الرئيسي لنقل الطاقة بين الخليج الفارسي وأوروبا والبحر الأبيض المتوسط. وقناة السويس وحدها تستضيف أكثر من 12٪ من التجارة البحرية للنفط في العالم، والتحكم فيها يمكن أن يغير معادلات الطاقة العالمية.
بكلمات أخرى، إذا تمكن الكيان الصهيوني بدعم أميركي من توسيع نفوذه إلى هذه المناطق، فسيسيطر عملياً على تدفق تجارة الطاقة من غرب آسيا إلى أوروبا وحتى شرق آسيا.
وهذا يعني أن واشنطن وتل أبيب تصيب عدة أهداف بسهم واحد:
"تقليص دور إيران في عبور الطاقة، وممارسة الضغط على روسيا باعتبارها أحد أكبر مصدري النفط والغاز، والتحكم المباشر في شريان حياة الاقتصاد الأوروبي".

هذه نقطة أشار إليها قائد الثورة الاسلامية في خطابه يوم الجمعة (النصر) العام الماضي، واصفاً الهدف النهائي للمحور الأميركي-العبري بتحويل الكيان الصهيوني إلى بوابة للطاقة والبضائع بين الشرق والغرب.
يؤمن الخبراء أن مشروع إسرائيل الكبرى هو في الأساس استمرار للمشاريع الأميركية لهندسة جيوسياسية بالمنطقة. اتفاقية إبراهيم، وممر آيمك (العربي-المتوسطي)، وحتى الجهود لتطبيع العلاقات العربية مع تل أبيب، جميعها تُعرَّف في هذا الإطار.
تسعى أميركا من خلال الكيان الصهيوني إلى إعادة تصميم طرق الطاقة والتجارة العالمية، وإحكام السيطرة على نقاط رئيسية مثل السويس وحيفا وموانئ الخليج الفارسي تحت مظلة نفوذها.
ولهذا السبب، يرى العديد من المحللين أن الضربات الصاروخية الإيرانية الأخيرة على ميناء حيفا ليست مجرد إجراء عسكري، بل رسالة جيوسياسية؛ رسالة توضح أن إيران لن تسمح بأن تكون الطرق الحيوية للتجارة العالمية تحت سيطرة كاملة للكيان الصهيوني وحلفائه الغربيين.
والحقيقة أن الشرق الأوسط اليوم لم يعد مسرحاً للنزاعات المحلية فقط، بل أصبح قلباً نابضاً للطاقة والتجارة العالمية. أي قوة تستطيع السيطرة على شرايين حيوية مثل قناة السويس أو خطوط أنابيب النفط في المنطقة، ستسود عملياً على جزء من اقتصاد العالم وستلعب دوراً بارزاً في النظام العالمي الجديد.
ولهذا السبب، فإن مشروع إسرائيل الكبرى ليس مجرد خيال توسّعي عبري، بل جزء من خطة أميركية أكبر لتغيير موازين القوى العالمية. موازين إذا ما تحققت، ستتأثر بشدة أمن الطاقة والتجارة الحرة في العالم، وستجد العديد من الدول، خاصة في آسيا وأوروبا، نفسها معتمدة على قرارات واشنطن وتل أبيب.