البث المباشر

جائزة المصطفى (ص)، وبناء تحالف علمي جديد

السبت 16 أغسطس 2025 - 12:03 بتوقيت طهران
جائزة المصطفى (ص)، وبناء تحالف علمي جديد

تأتي جائزة المصطفى (ص) لتتجاوز مجرد حدث علمي إلى خلق خطة جديدة لربط الجامعات والعلماء في العالم الإسلامي في عصر أصبح فيه العلم أداة للتأثير والتفاعل بين الأمم.

تم طرح مفهوم "الدبلوماسية العلمية" في العقود الأخيرة كإحدى الأدوات الرئيسية للتفاعل الدولي. وفي هذا الإطار، لا يُعدّ العلم والتكنولوجيا منصةً للتنمية الداخلية للدول فحسب، بل هما جسران للحوار والتعاون وتخفيف التوترات بين الأمم.

تُعدّ جائزة المصطفى (ص)، التي أُنشئت عام ٢٠١٥م، مثالًا ملموسًا على الاستخدام الاستراتيجي للعلم في الدبلوماسية. وتُمنح هذه الجائزة لعلماء بارزين من العالم الإسلامي، وحتى من الدول غير الإسلامية، ممن تُحدث إنجازاتهم العلمية تأثيرًا عالميًا، وقد أصبحت عمليا منصة للتفاعل العلمي تتجاوز الحدود الجغرافية والسياسية.

 

القدرات الرئيسية لجائزة المصطفى (ص) في الدبلوماسية العلمية

 

1. بناء شبكة علمية دولية ذات هوية مستقلة

تهيمن المؤسسات الغربية على العديد من الجمعيات العلمية الدولية، وغالبًا ما يكون للدول الإسلامية دور هامشي فيها. لكن جائزة المصطفى (ص) غيّرت هذا الوضع. فمن خلال جمع علماء من أكثر من 30 دولة في إطار هذا الحدث، تم تشكيل شبكة علمية بين العالم الإسلامي ودول الجنوب العالمي، وهي شبكة فعّالة ليس فقط في تبادل المعرفة، بل أيضًا في تحديد أجندات علمية مستقلة (Agenda Setting).

 

2. التآزر بين النخب والقطاعات الصناعية

لا تقتصر جائزة المصطفى (ع) على تعريف الفائزين فحسب، بل تشمل أيضًا اجتماعات متخصصة، فعاليات لنقل التكنولوجيا، واجتماعات بين الشركات بين الباحثين والشركات القائمة على المعرفة. وقد أدى هذا النهج إلى بناء تعاون حقيقي بين الجامعات ومراكز البحوث والصناعات المعرفية. ومن الأمثلة الواضحة على ذلك "إبرام مذكرات تفاهم مشتركة في مجال التكنولوجيا الحيوية، تكنولوجيا النانو والهندسة الطبية" بين الباحثين الإيرانيين ودول جنوب شرق آسيا خلال فترات الجائزة الأخيرة.

 

3. القوة الناعمة الجيوسياسية عبر المسار العلمي 

في عصرٍ أصبح فيه التنافس التكنولوجي جزءًا لا يتجزأ من التنافس الجيوسياسي، تُعدّ جائزة المصطفى (ص) أداةً للقوة الناعمة تُمكّن العالم الإسلامي من تقديم نفسه كقوةٍ مُعترفٍ بها في مجال التقدم العلمي. وهذا لا يقتصر على انعكاسه الإيجابي في وسائل الإعلام الدولية فحسب، بل يُقدّم أيضًا صورةً مُغايرةً لمنطقة غالبًا ما تُعرف بالصراعات السياسية.

 

4. منصة الجنوب - الجنوب لنقل التكنولوجيا 

تم تحديد مُعظم آليات نقل التكنولوجيا في اتجاه الشمال والجنوب (المُطوّرة للدول النامية). وتُتيح جائزة المصطفى (ص)، ببنيتها الشبكية، تبادل التكنولوجيا والخبرات بين الدول النامية؛ وهو مسار يُمكن أن يُخفّض تكلفة الابتكار ويُسرّع من توطين المعرفة.

 

الأثر الاستراتيجي لجائزة المصطفى (ص) على المدى البعيد

 

1. ترسيخ الهوية العلمية للعالم الإسلامي: سيُؤدّي استمرار هذه الجائزة إلى ترسيخ هوية علمية مُستقلة على المستوى الدولي، قائمة على القيم والهوية الثقافية المحلية.

 

2. صنع السياسات العلمية المشتركة: يُعزز اجتماع النخب العلمية وصانعي السياسات على هامش هذا الحدث عملية صنع القرار الجماعي لتطوير برامج علمية مشتركة.

 

3. تسريع بناء اقتصاد قائم على المعرفة: يُمكن للفائزين بالجائزة وشبكتها المرتبطة بها توفير منصة للاستثمار المشترك وتسويق المنتجات التكنولوجية.

 

4. تعزيز المرونة العلمية للدول الإسلامية: في ظل الأزمات العالمية (مثل جائحة كوفيد أو تغير المناخ)، يُمكن لهذه الشبكة العلمية تقديم حلول محلية وسريعة بقدرات محلية ومشتركة.

إذا استمر مسار تطوير جائزة المصطفى (ص) العالمية بالاستثمار المُستهدف، يُمكن التنبؤ بأن الجائزة هذه ستصبح خلال العقد المُقبل القناة الرئيسية للتقارب العلمي في العالم الإسلامي؛ منصة لن تُدير عصرا من التعاون التكنولوجي فحسب، بل ستلعب أيضًا دورًا فعالًا في تشكيل البنية الجديدة للعلوم العالمية.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة