بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله حمد الشاكرين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد وآله الطاهرين.
سلام من الله عليكم حضرات المستمعين وأهلا بكم في حلقة أخرى من نهج الحياة وتفسير موجز لآيات جديدة من سورة الأنبياء (ع) بادين بالآية الخامسة بعد المئة؛
وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ ﴿١٠٥﴾
كما هو واضح من النص فإن وعد الله تعالى شأنه هو أن الأرض يرثها عباده الصالحون، هذا الوعد الإلهي جاء في التوراة التي أنزلت على موسى (ع) وفي الزبور كتاب داوود (ع).
وفي العهد القديم ورد تعبير آخر عن الزبور أنه مزامير داوود، وفي المزامير أدعية ومناجاة لهذا النبي في حضرة الرب الجليل.
وجاء الوعد الإلهي بحكومة الصالحين الأرض خمس مرات في الزبور، ومعروف في تاريخ الأنبياء (ع) أن داوود (ع) قد مكنه الله من إقامة حكومة العدل الإلهي في أرض الشام، علماً أن داوود (ع) هو من أنبياء بني إسرائيل.
وكما هو مستفاد من الأحاديث الشريفة فإن حكومة العدل الإلهي ستقام على كل الأرض في آخر الزمان على يد الإمام الثاني عشر من أئمة الهدى وبدور الدجى، أي الإمام المهدي المنتظر أرواحنا لتراب مقدمه الفداء، الذي سيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً؛ جعلنا الله وإياكم من السائرين في ركابه المبارك.
والمستفاد من النص:
- إتفاق كل الكتب السماوية على أن الأرض لله يورثها عباده الصالحين، أي أن إقامة دولة العدالة الإلهية ستقام في كل الأرض حتماً ولن ترجع بعدها الحكومات الظالمة.
- إن الحكم الإلهي هو للذين تتوفر فيهم الجدارة والإقتدار الذين يطبقون شرع الله الأنور في أرضه.
ويقول تعالى في الآية السادسة بعد المئة من سورة الأنبياء (ع):
إِنَّ فِي هَـٰذَا لَبَلَاغًا لِّقَوْمٍ عَابِدِينَ ﴿١٠٦﴾
واضح من هذه الآية لزوم السعي من أجل إقامة حكومة العدل الإلهي وأن هذا الأمر يتأتى بالعمل الصالح والدعوة إلى الحق، وعلى الإنسان أن يتسم بعدة صفات كي يكون مؤهلاً لتسلم زمام الحكم ومن هذه المميزات العلم والكفاءة وحسن التدبير وسعة الصدر.
والمستفاد من هذه الآية أمران هما:
- إن الحكومة من حق الصالحين والمؤمنين لا الفاسقين والكافرين.
- إن الله تعالى يمهد السبل لإقامة الحكومة العادلة.
ويقول تعالى في الآية السابعة بعد المئة من سورة الأنبياء (ع):
وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ﴿١٠٧﴾
أيها الأفاضل، إن بعثة خاتم الأنبياء والمرسلين هي رحمة للعالمين وتتكامل صور ظهور هذه الرحمة المحمدية في ظل الدولة العالمية العادلة التي يقيمها الله عزوجل على يد خاتم الأوصياء النبي الأكرم – صلى الله عليه وآله – الحجة المنتظر والعدل المشتهر الذي يرفع راية الحق مبيداً للظلم، وفي ظل الحكومة الإلهية ينعم، حتى الكافرون، بالأمان والإستقرار.
ويفيدنا هذا النص:
- أن سيدنا محمد (ص) جاء بالرسالة الخاتمة لسعادة البشرية.
- إن الدين الإسلامي هو دين للبشرية كافة لم يأت لطائفة منها دون أخرى، وهذا الأمر جد واضح من قوله تعالى خطاباً للرسول الأكرم (ص) [وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين].
وآخر آية يأتي تفسيرها في هذه الحلقة هي الثامنة بعد المئة من سورة الأنبياء (ع):
قُلْ إِنَّمَا يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ ۖ فَهَلْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴿١٠٨﴾
في هذه الآية إشارة إلى أصل أصول العقائد، ألا وهو التوحيد الذي حمل رايته جميع الأنبياء (ع) من لدن آدم حتى الرسول الخاتم (ص).
إن دعوة الرسل والأنبياء هي الدعوة إلى الله الواحد الأحد والفرد الصمد، إن شعارهم جميعاً [قولوا لا إله إلا الله تفلحوا].
نعم.. في رسالات الأنبياء (ع) إنقاذ للبشرية من مستنقعات الضلال وأخذ بيدها إلى وارف الإيمان والنهج القويم.
والآن إلى الدروس المتأتية من هذه الآية، فهي كما يلي:
- إن الدعوة إلى التوحيد مظهر من مظاهر الرحمة الإلهية لأهل الأرض.
- إن التوحيد هو أساس الدين ومن بعده تأتي سائر الأصول والقواعد.
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب.
حضرات المستمعين الأفاضل نشكر لكم متابعتكم هذه الحلقة من نهج الحياة، نستودعكم الله والسلام عليكم.