البث المباشر

تفسير موجز للآيات 39 الى 44 من سورة الحجر

السبت 29 فبراير 2020 - 12:55 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 431

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا ونبينا أبي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين، أعزائي المستمعين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج نهج الحياة نبدؤها بتلاوة عطرة للآيتين 39و40 من سورة الحجر، فلننصت إليها خاشعين:

قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ﴿٣٩﴾

 إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ﴿٤٠﴾

إن إبليس مع أنه كان ضمن الملائكة، إلا أنه وبسبب عصيانه أمر الله بالسجود لآدم، فقد طرد من رحمة الله وحلت عليه لعنة وغضب الله. وتشير هذه الآية الى أنه بما أن عدم سجود الشيطان لآدم كانت السبب في إخراجه من الجنة، لهذا أقسم أن يضل ويغوي البشر، إلا الذين أخلصوا الإيمان وترفعوا عن المعاصي والذنوب الذي حظوا بالرعاية الإلهية، فهؤلاء مستثنون من كيد الشيطان وقد أقرّ أنه ليس له عليهم سلطان.

وهنا يعرض الشيطان طريقه لإغواء البشر وهو تزيين الأعمال القبيحة في أنظارهم لأن الإنسان إذا رأى القبيح قبيحاً فلن يهفو إليه ولا يقدم على إرتكابه، ولكن عندما يرى السيئات حسنات والمنكر معروفاً فسوف يقدم بكل سهولة على ارتكابها، بعبارة أخرى إن الشيطان لا يجبر الإنسان على ارتكاب الذنوب، بل يزين الذنوب والمعاصي في عينه وعندها يهوي الإنسان في مهاوي الفساد والرذائل.

إن الشيطان قد القى بتبعة ضلاله وعصيانه على الله عزوجل قائلاً: (رب إنك ضللتني)، بينما في الحقيقة إن الذي يسلك درب الضلال والمعاصي لا يمنعه الله ولا يسد أمامه السبل، بل يتركه في غيه سادراً، فإن سنة الله قد قضت بتخيير الإنس والجن وليس بإجبارهم على أن يكونوا مؤمنين.

فإبليس قد ضلّ بإرادته، فتركه الله وما اختار وما أراد، كما يفعل تماماً مع المذنبين والعاصين فلا يعاقبهم فور صدور الذنب منهم أو يهلكهم.

من هاتين الآيتين نستنتج:

  • أحياناً يلقي الأفراد المذنبون والعاصون باللوم على الله عزوجل وينسبون إليه سبب عصيانهم وارتكابهم للذنوب.
  • الطريقة التي يستخدمها الشيطان لإضلال البشر، هي تزيين سوء الأفعال والمعاصي، إذن علينا أن نحذر من الوقوع في حبائله.

 

والآن أيها الأخوة ننصت وإياكم خاشعين الى تلاوة الآيتين 41و42 من سورة الحجر:

قَالَ هَـٰذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ ﴿٤١﴾ 

إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ ﴿٤٢﴾ 

إن الشيطان أخذ على نفسه عهداً أن يضل بني آدم، وفي هذه الآية يهدئ الله جل وعلا من روع المؤمنين وإن هذا لا يعني بالضرورة أن لا مفرّ لهم من حبائل الشيطان، فالشيطان لا سلطة له على المؤمنين، إلّا من خرج عن طاعة الله وعبوديته ورغب في المعاصي والسقوط في مهاوي الرذيلة اولئك فقط يقعون في حبائل الشيطان وإن الله يحفظ معالم صراطه المستقيم من أي إنحراف، فلا يستطيع الشيطان مثلاً أن يلبس الحق على الناس بحيث لا يعرفون الحق من الباطل بل إنهم يعرفون الحق جيداً، فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر.

من هذه الآيات نستنتج:

  • إن العصاة يتبعون الشيطان بإرادتهم، وليس للشيطان عليهم من سلطان، كل ما يستطيع الشيطان فعله هو أن يوسوس لهم ويزيّن لهم القبائح، لكن لايجبرهم على فعلها.
  • إن استطعنا بالعبادة والتقوى أن ندخل في عباد الله الصالحين، فإنه سيكون بإمكاننا الإبتعاد بنفس القدر عن الشيطان ووساوسه ونبتعد عن الذنوب والمعاصي.

 

والآن أيها الكرام لننصت خاشعين الى تلاوة عطرة للآيتين 43و44 من سورة الحجر:

وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ ﴿٤٣﴾ 

لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِّكُلِّ بَابٍ مِّنْهُمْ جُزْءٌ مَّقْسُومٌ ﴿٤٤﴾

إن إحدى خصائص القرآن الكريم هي تحذير البشر من المخاطر المحيطة بهم كي يخافوها ويحذروا الوقوع فيها، والإنذار أحد الواجبات الملقاة على عاتق الأنبياء ودليل على رأفتهم بالناس وإنهم ينشدون الخير والصلاح لهم.

والله عزوجل ينذر الناس في هذه الآية أن جزاء من يتبع الشيطان هو جهنم، فاحذروا من المظاهر الخداعة للمعاصي والذنوب ان توسوس لكم وتسوقكم الى نار جهنم فتشرون لحظات اللذة بسنوات من العذاب الأليم.

ما معنى أن لجهنم سبعة أبواب؟ هذا يعني أن عوامل سقوط الإنسان في مهاوي الهلاك متنوعة، فلا يدخل جميع المذنبين جهنم بنفس الطريقة، فالشباب ينحرفون عن الصراط المستقيم بشكل والشيوخ بشكل آخر، وعامة الناس بشكل وعلماؤهم بشكل آخر، والأغنياء بشكل والفقراء بشكل آخر، وبصورة عامة فإن طرق الشيطان لإضلال الناس وغوايتهم كثيرة ومتنوعة وهو يدخل عقل كل إنسان بشكل مختلف.

من هاتين الآيتين نستنتج:

  • إن جهنم كالجنة فيها أبواب متعددة وأطباق مختلفة، وكل إنسان يعذب فيها بما يتناسب مع ذنوبه التي ارتكبها.
  • علينا أن لا نعتبر الدنيا خاتمة الأمور فنخطئ الطريق، بل علينا أن نأخذ يوم القيامة بنظر الإعتبار في كل خطوة نخطوها، فإما الى الجنة (نسأل الله أن يدخلنا الجنة) وإما الى النار والعياذ بالله.

 

الى هنا أعزائي المستمعين نأتي الى ختام هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة، على أمل اللقاء بكم في حلقة قادمة نستودعكم الباري تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة