بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على الهادي الأمين أبي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين والسلام عليكم أعزائي المستمعين وأهلا بكم الى حلقة أخرى من برنامج نهج الحياة، ونبدؤها بتلاوة عطرة للآيتين 12و13 من سورة الحجر، فلننصت اليها خاشعين:
كَذَٰلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ ﴿١٢﴾
لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ ۖ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ ﴿١٣﴾
تتطرق هاتان الآيتان الى حقيقة، وهي أن أغلب الأمم السابقة سمعوا ما قاله أنبياؤهم ووعوا، ولكنهم لم يؤمنوا، ثم تتوجه بالكلام الى النبي الأكرم (ص) بالإشارة الى أن بعض الذين استمعوا القرآن كذلك قد وعوا حقائقة وفهموها ولكنهم لا يرغبون بالإنصياع لها والإيمان بها.
وبهذا تحدثت هاتان الآيتان عن سنتين، الأولى: السنة الإلهية القاضية بإلقاء الحجة على الكافرين كي لا يقولوا يوم القيامة أننا لم نسمع كلام الله وكنا نجهل مضمونه. والسنة الأخرى، سنة الكافرين التي ألزموا أنفسهم بها من عناد كفر والتنكر للحق، وقد كانت هذه سنتهم منذ أقدم الأزمنة.
من هاتين الآيتين نستنتج:
- لقد هيأ الله سبحانه وتعالى للجميع وسائل الهداية، كي لا تكون للكافرين على الله حجة.
- إن الذي يحول بين الإنسان والإيمان بما أنزله الله وهو الحق، هو ارتكاب الإنسان للذنوب والمعاصي الذي يصرف قلب الإنسان عن الإيمان بما أنزل الله.
والآن أيها الأخوة والأخوات لننصت واياكم خاشعين الى تلاوة عطرة للآيتين 14و15 من سورة الحجر:
وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَابًا مِّنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ ﴿١٤﴾
لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ ﴿١٥﴾
ذكرت الآيات السابقة أن الكفار طلبوا من النبي (ص) أن ينزل ملائكة، فترد هذه الآية عليهم بما مضمونه أنه حتى لو فتحنا أبواب السماء أمام أعينهم وعرجنا بهم الى عنان السماء ورأوا الملائكة فلن يؤمنوا، بل سيتذرعون بذريعة أخرى ويقولون إنك سحرت أعينهم وإن ما يرونه أمامهم هو من السحر ليس إلا، وإنه ليس حقيقيا، بل من الأوهام والخيال.
من هاتين الآيتين نستنتج:
- إن معرفة الحقائق وإدراكها ليس كافياً للإيمان بها، فكم من معاند منعه عناده من الإيمان.
- إن من لا يريد أن يؤمن بما نزل من عند الله، لا يؤمن حتى إذا رأى أكبر المعجزات ويعتبرها سحرا.
والآن أيها الأخوة الأفاضل، لننصت واياكم خاشعين الى تلاوة الآيات 16و17و18 من سورة الحجر:
وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ ﴿١٦﴾
وَحَفِظْنَاهَا مِن كُلِّ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ ﴿١٧﴾
إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُّبِينٌ ﴿١٨﴾
ذكرت الآيات السابقة أن الكافرين والمعاندين حتى لو عرج بهم الى السماء ورأوا الملائكة وسمعوا أصواتهم لن يؤمنوا؛ وتوضح هذه الآية أن الدخول الى عالم الملكوت ليس أمراً سهلاً فإن الشياطين يتحينون الفرص للصعود اليه وسماع أخبار الغيب، فيطردون ويرجمون بشهب حارقة.
ومن حيث الشكل الظاهري، فقد خلق الله عزوجل السماء فزينها بالكواكب ما جعل منظرها جميلا تقطع اليها عيون البشر، وهذا من مشيئة الله عزوجل.
من هذه الآيات نستنتج:
- إن الكواكب وحركتها في السماء في مدارات مختلفة هي إحدى الآيات التي تدل وحدة الخالق.
- أينما يمكن شيطانا إنسياً يريد استراق السمع، يجب أن نتعامل معه بكل حزم كي تأمن مراكز إصدار القرار من الجواسيس.
والآن أيها الأكارم لننصت واياكم خاشعين لتلاوة للآيتين 19و20 من سورة الحجر:
وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ ﴿١٩﴾
وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَن لَّسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ ﴿٢٠﴾
تتمة لذكر نعم الله جل وعلا، تذكر هاتان الآيتان النعم التي جعلها الله على الأرض والبركات الكثيرة ليستفيد منها الإنسان، مثل الجبال والسهول والبحار، خلقها على أساس من التوازن، فكل شيء عنده بميزان ولايضع لقانون الصدفة، كي تؤمن للإنسان مستلزمات معيشته، فقد جعل الله رزق الإنسان على الأرض.
من هاتين الآيتين نستنتج:
- إن نمو النباتات على الأرض من أكبر النعم الإلهية.
- إن الله عزوجل تعهد لجميع مخلوقاته بالرزق، فإن حل قحط أو قلة في المحاصيل الزراعية فذلك بسبب سوء تدبيرنا.
مستمعينا الكرام الى هنا نأتي الى نهاية هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة، على أمل اللقاء بكم في حلقة قادمة من هذا البرنامج نستودعكم الله والسلام عليكم.