البث المباشر

تفسير موجز للآيات 7 الى 11 من سورة الحجر

الثلاثاء 25 فبراير 2020 - 15:01 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 426

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على حبيب إله العالمين سيدنا ونبينا أبي القاسم المصطفى محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين؛ وأهلا بكم وحلقة جديدة من برنامج نهج الحياة والتي نبدؤها بتلاوة عطرة للآيتين 7و8 من سورة الحجر، فلننصت اليها خاشعين:

لَّوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ﴿٧﴾ 

مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَا كَانُوا إِذًا مُّنظَرِينَ ﴿٨﴾ 

قلنا في الحلقة الماضية إن المستفاد من الآيات الأولى من سورة الحجر هو أن المخالفين للأنبياء والذين لا يسعهم مقابلة المنطق السليم للأنبياء عليهم السلام والتعاليم الفطرية، ينسبون اليهم الجنون وينعتونهم بصفات هم بعيدون عنها كل البعد فيما ينظرون الى أنفسهم على أنهم عقلاء.

هذه الآيات توضح مكامن ضعف حجج الكافرين المعاندين لأنبياء الله، حتى أنهم طلبوا من أنبياءهم أن يروا الملائكة ويسمعوا الله يكلمهم مباشرة كشرط قبولهم الحق المبين، ولكن الذي لا يريد أن يصدق الأنبياء عليهم السلام، فمن باب أولى لا يصدق كلام الملائكة أيضاً ولاشك أنه عندها سيتذرع بشتى الذرائع كي يرفض الدعوة ولا يصدقها؛ بالإضافة الى أنه من غير المعقول أن يكلم الله كل من يعرضون عليه الإيمان ليؤمن أو يستجيب لطلباتهم كأن ينزل الملائكة من السماء.

بل المهم هو منطق الرسل المبين وكلامهم الحق ومعجزاتهم، فإن آمن بها الناس فليؤمنوا، لأن في ذلك صالحهم، وإن كفروا فهم الخاسرون، ولا فائدة من دعوتهم للإيمان لأنهم لن يؤمنوا حتى لو ظهر لهم الملائكة. ثم إنه إن استجاب الله لطلب الكافرين المعاندين وأنزل الملائكة، عندها لا يسعهم إلا أن يؤمنوا، وإن كفروا فسيحل عليهم العذاب الأليم، وهذا مخالف للسنة الإلهية في إمهال الكافرين.

من هاتين الآيتين نستنتج:

  • لا تأبه لطلبات الكفار والمنافقين، فما أن تستجيب لطلب من طلباتهم حتى يطرحوا طلبا آخرا.
  • إن نزول الملائكة لا يكون بطلب من الناس أو تلبية لرغباتهم وشهواتهم، بل على أساس الحق والمشيئة الإلهية.

 

والآن لننصت خاشعين الى تلاوة عطرة للآية 9 من سورة الحجر:

إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴿٩﴾

في هذه الآية يطمئن الله المؤمنين أن لا يدعوا مجالا للشك في قلوبهم بصدق هذا القرآن مهما أشاع الكافرين من إشاعات حول تحريفه، فإنه أنزله الله على قلب النبي (ص) وإن الله عزوجل قد تعهد بحفظه من التحريف زيادة كان أو نقصانا، وعليه فإنه لم يحرف عند نزول الوحي ولا عند إبلاغ الوحي للناس ولا عند كتابة القرآن أو نسخته، وإن الله جل وعلا لا يسمح بتحريفه حتى آخر الدهر، فلا تدخله زيادة ولا نقصان، والتاريخ يشهد على عدم تحريفه، فالمسلمون يحفظون القرآن بكامله ويواظبون على تلاوته في أوقات الصلاة وغيرها، ومع أن كتبة الوحي كانوا كثيرين إلا أنهم كانوا يقارنون نسخهم ببعضها كي لايخطأ أحدهم في كتابة القرآن.

من هذه الآية نستنتج:

  • القرآن كتاب إلهي يزيح ستار الغفلة عن عيون الإنسان، وهذه الغفلة هي منشأ تعاسة البشر على مدى التاريخ.
  • إحدى الصفات التي تميز القرآن عن بقية الكتب السماوية هي حفظه من التحريف.

 

والآن أيها الأكارم لننصت واياكم خاشعين الى تلاوة الآيتين 10و11 من سورة الحجر:

 وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ ﴿١٠﴾ 

وَمَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴿١١﴾

إحدى السنن الإلهية هي استمرار بعث الأنبياء والرسل عليهم السلام، فقد بعث الله العديد من الرسل الى الأمم المختلفة، ولاشك أن أغلبهم كانوا رسلا يبلغون ما نزل على أنبياء أولي العزم الذين أنزلت عليهم الكتب السماوية واختص الله سبحانه وتعالى لكل منهم شرعة ومنهاجا، وكانوا يدعون الناس للإيمان به، ولكن واحدة من المشاكل التي واجهت جميع هؤلاء الأنبياء، عناد ومخالفة المستكبرين الذين كانوا يصرفون الناس عن الإيمان ويحولون دون انتشار دعوة الأنبياء، وذلك بإهانة الأنبياء تارة وتوجيه التهم المختلفة لهم تارة أخرى.

والهدف من ذكر هذه الأمور، هي أن الله أراد أن يحذر المؤمنين أن لا ييأسوا ولا يضعف إيمانهم أو عملهم، وليعلموا أن هذا هو ديدن الكفار طوال الحقب الماضية. فهم يلجأون الى الإستهزاء بالأنبياء متخذين من بساطة عيشة الأنبياء وأتباعهم ذريعة وباباً للإستهزاء منهم لأنهم عاجزين عن الرد على منطق الأنبياء الواضح الجلي.

من هاتين الآيتين نستنتج:

  • التعرف على مشاكل الآخرين، يسهل على الإنسان تحمل مشاكله.
  • مع أن ديدن الكفار هو الإستهزاء من كل نبي مرسل، ولكن الله لم يتوقف عن إرسال انبياء آخرين، لأنه ينبغي إتمام الحجة على الناس في كل زمان كي لا تكون للناس على الله الحجة.

 

وبهذا أعزائي المستمعين، نأتي واياكم الى ختام هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة، على أمل اللقاء بكم في الحلقة القادمة نستودعكم الله والسلام عليكم.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة