السلام عليكم ايها الأخوة والأخوات واهلاً بكم في لقاء جديد من هذا البرنامج وسياحة كريمة ومباركة بين آيات الذكر الحكيم، حيث نقدم لكم تفسيراً موجزاً لها لقد انهينا بحمد الله تعالى تفسير سورة التوبة وها نحن نشرع في تفسير سورة يونس وهي عاشر سور القرآن الكريم وقد نزلت في مكة المكرمة.
ويونس ابن متى هو احد الأنبياء (ع) وقد جاء بعد النبيين موسى ونوح (ع) وهذه السورة حملت اسمه، اذ في القرآن سور باسماء العديد من الأنبياء مثل سورة ابراهيم وسورة محمد وسورة طه (ع).
وبعد هذه المقدمة نستمع الى تلاوة الأيتين الأولى والثانية من سورة يونس:
الر تلك آيات الكتاب الحكيم اكان للناس عجبا ان اوحينا الي رجل منهم ان انذر الناس وبشرّ الذين آمنوا ان لهم قدم صدق عند ربهم قال الكافرون ان هذا الساحر مبين صدق الله الله العلي العظيم.
كما ذكرنا في بداية تفسير سورة البقرة فأن 29 سورة من سور القرآن تبدأ بالحروف المقطعة. وهذه الحروف هي رمز بين الله ورسوله (ص) وذكر المفسرون لها تفسيرات عدة، بيدان حقيقتها لم تتضح مع هذا وهي من علم الله الذي يختص به الله جل جلاله ورسوله (ص) وأوصياؤه بتعليم إلهي.
ومع كل هذا فأن من المفسرين من يرى ان هذه الحروف انما تومي الى ان القرآن هو من الحروف العربية لكنه لم يتمكن احد مع هذا من الآيتان بمثله وهذا يعني انه معجزة خالدة على ان احدى صفات القرآن انه كتاب حكيم، ذلك ان الأحكام والعقائد والأخلاق التي وردت في القرآن تقوم على اساس متقى وحكيم وفيها الحكمة والموعظة الحسنة.
ومن بعد بيان منزلة القرآن يأتي الباري ليبين مكانة رسوله (ع)، ذلك ان من نعم الله تعالى على خلقه ارسال الرسل والأنبياء (ع) لهداية الناس وارشادهم الى طريق الخير والصواب.
ورسالة السماء يبلغها الرسل والأنبياء سلام الله عليهم من دون مقابل. ان ما يريده الرسل هو اداء المهمة الالهية المناطة بهم على احسن وجه، لكي تحظى بقبول الله ورضوانه تعالى.
الأنبياء (ع) مبشرون ومنذرون يبشرون العباد بالجنة وحسن العقبى وينذرون العاصين بالنار وسوء الدار.
اعاذنا الله واياكم من ذلك ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.
بطبيعة الحال ان لكل نبي من اجل اثبات نبوته معجزة تجري على يديه باذن الله تعالى، الا ان الجاهلين والمعاندين يرون هذه المعجزة سحراً.
والذي نتعلمه من الآيتين الكريمتين:
- القرآن كتاب ثابت، محكم وخالد وان قيمته السامية تبقى كما هي على مر الزمان، فهو على الدوام في اشأو الأعلى والذروة من المكانة في النفوس.
- هدف الأنبياء (ع) منع الأنسان الدرجات الرفيعة في الدنيا والآخرة لأن الأنسان اشرف مخلوق.
والآن نستمع الى تلاوة الآية الثالثة من سورة يونس المباركة:
ان ربكم الله الذي خلق السموات والارض في ستة ايام ثم استوي علي العرش يدبّر الامر ما من شفيع الامن بعد اذنه ذلكم الله ربكم فاعبدوه افلا تذكروه
ان من احدى السنن الآلهية الخلق التدريجي لنظام الوجود. الله تعالى بما له من القدرة اللامتناهية يتمكن من خلق الأكوان في آن واحد الا انه جلت قدرته خلق الأرض والسماء في ست دورات مختلفة.
والذي يلاحظ في خلق الباري ان نمو الكائنات هو الآخر تدريجي حتى الوصول الى الكمال. وعلى سبيل المثال فان الجنين وهو في بطن امه يطوي مراحل مختلفة في تسعة اشهر حتى يولد انساناً سويا.
وتأتي هذه الآية المباركة لترد على المشركين وتقول لهم ان كل الخلق هو بيد الله تعالى لا شريك له اجل ايها الكرام، الخالق هو الله تعالى لكنه فوض بعض الأمور بحكته الى الملائكة وهذا التفويض لا يعني الأشراك كما يتصور البعض.
ونستفيد من هذه الآية الكريمه الأتي:
- خلق الكون لم يأت اعتباطاً ولا عبثاً بل جاء على اساس حكمة ومعرفة هذا الخلق ليس تصادفياً بل اعد له الأعداد الكامل من قبل الذات المقدسة.
- الوجود والكون هو وجود هادف وكيف لا يكون كذلك وهو من صنع اللطيف الخبير.
والآن نصغي الى تلاوة الآية الرابعة من سورة يونس حيث يقول جل شأنه:
اليه مرجعكم جميعا وعدالله حقا انه يبدؤ الخلق ثمّ يعيده ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالقسط والذين كفروا لهم شراب من حميم وعذاب اليم بما كانوا يكفرون
كما هو واضح فأن الآية السابقة قد اشارت الى قدرة الله على خلق السموات والأرض وتأتي هذه الآية لتشير الى اعادة الحياة مرة اخرى يوم القيامة ويوم الجزاء. نعم يوضح القرآن الكريم ان وعد الله حق وانه تعالى يجزي المؤمنين الجزاء الحسن ويدخل الكافرين النار والسعير جزاء بما كسبت ايديهم. وهذا الجزاء هو على اساس العدل والقسط لأن الله تعالى لا يظلم احداً، وما ربك بظلام للعبيد.
ان الكفر والعياذ بالله يفتح امام الأنسان طريق المعاصي والأثام وان الكافر من يوم لآخر ينساب اكثر فاكثر في هذه الطريق الموجة الا ان تشمله رحمة الله تعالى وتخلصه من براثن هذا الكفر.
لكن من يصر على الكفر فليس له يوم القيامة الا النار والحميم وسادت مصيراً ويفيدنا هذا النص القرآني:
- ان فلسفة المعاد تقوم على اساس العدل الآلهي. والدنيا ليست المكان للجزاء انما في الآخرة الجزاء والآخرة خير وابقى.
- الدنيا خلقها الله لعمل الأنسان مؤمناً كان ام كافراً وهي جنة الكافر وسجن المؤمن كما جاء في بعض الأحاديث. اما الآخرة فهي دار البقاء والحياة السرمدية.
غفر الله تعالى، لنا ولكم ووفقنا للعلم والعمل وجعل الجنة لنا مأوى ومكان انه خير مسؤول ومجيب والحمد لله على آلائه وصلواته على اشرف رسله واله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.