البث المباشر

تفسير موجز للآيات 11 الى 15 من سورة الاعراف

الإثنين 3 فبراير 2020 - 14:15 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 228

بسم الله الرحمن الرحيم اعزائي المستمعين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته واهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج نهج الحياة، نبدؤها بتلاوة عطرة للآيتين 11و12 من سورة الاعراف، فلننصت خاشعين:

ولقد خلقناكم ............ وخلقته من طين

تشير هاتين الآيتين الى منزلة الانسان منذ بداية خلقته وان الله سبحانه وتعالى لم يجعل الارض فقط خاضعة للانسان بل اهل السموات والملائكه ايضاً، وانه بلغ بتكريم الانسان درجة ان أمر ملائكته بالسجود لآدم فسجدوا ولم يعصي امر الله سوى ابليس الذي لم يكن من صنف الملائكة وانما كان في صفهم.

كما يستفاد من آيات أخرى من القرآن الكريم ان ابليس كان من الجن، ولكن لكثرة عبادته كان قد انضوى في صف الملائكة فوقع عليه خطاب الله عزوجل.

ولم يعتذر ابليس ولم يندم على معصيت لامر الله بل برّر معصيته بشكل من الاشكال فتبجّج انه من نار وآدم من التراب، والنار افضل من التراب، في حين ان امر الله بالسجود لآدم لم يكن بسبب الصنف المادي لآدم (ع) كي يدّعي ابليس هذا بل بسبب شرف وكرامة آدم المعنوية، ولان الله نفخ فيه من روحه. والمفروض عدم تقديم الاعذار والذرائع والمقارنة ازاء امر الله سبحانه وتعالى الصريح، وتأن ابليس اراد ان يقول: انا أعلم من الله، وان الله اخطأ حين أمرين بالسجود لآدم.

للاسف الشديد نحن ايضاً احياناً نقابل احكام واوامر الله سبحانه وتعالى بقياسها بعقلنا البشري لنخضع لها وننصاع لها او نرفضها، في حين ان حكمة الكثير من احكام الشريعة فوق ادراك عقلنا المحدود، وان العبودية تقتضي الطاعة منا.

من هاتين الآيتين نتعلم:

  • ان للانسان الاستعداد واللياقة للوصول الى منزلة تسجد له فيها الملائكة.
  • عندما يسجد الملائكة بامر الله سبحانه وتعالى للانسان، فحري بالانسان ان لا يستنكف عن السجود لله وطاعته.
  • الجنس والعرق والطائفة لا تشكل ادلة على الافضلية، كما ان السن والسابقة لا تدعو الى التفضيل، بل المعيار هو طاعة اوامر الله عزوجل.
  • لماذا يطيع الانسان اوامر شيطان رفض السجود للانسان واحترامه؟

 

والآن ايها الاخوة لننصت خاشعين لتلاوة عطرة للآية 13 من سورة الاعراف:

قال فاهبط .......... من الصاغرين

تشير هذه الآية الى سبب معصية الشيطان وهو التكبر والغرور، ولهذا السبب خسر الشيطان مقامه الذي حصل عليه بعد سنوات طوال من العبودية لله سبحانه وتعالى، وبمعصيته أخرجه الله من صف الملائكه مؤكداً له ان جزاء التكبر الذل. كما جاء في الحديث النبوي الشريف: من تواضع لله رفعه، فالتواضع تستوجب الرفعه وبالعكس التكبر والغرور جزاؤها الذل والهوان وان يداس بالاقدام يوم الحشر.

من هذه الآية نستنتج:

  • العلم والعبادة لوحدهما لاتنجيان الانسان، فطاعة الله عزوجل واجبة، فالشيطان كان قد عرف الله وعبده ولكنه لم يطع الله طاعة مطلقة.
  • التكبر يسبب حبط اعمال الانسان الصالحة ويقود الانسان الى هاوية الضلال.

 

والآن ايها الافاضل لننصت خاشعين لتلاوة عطرة للآيتين 14 و15 من سورة الاعراف:

قال انظرني... من المنظرين

بعد صدور الامر الالهي لابليس بمغادرة محضر الله عزوجل، طلب ابليس من الله عزوجل ان يمهله الى يوم القيامة فأجيب طلبه وامهله الله. وهنا قد يتساءل البعض، لماذا امهل الله ابليس؟ جواباً عن هذا السؤال نقول: ان الثواب والعقاب إنما يكونان في يوم القيامة، وان الله عزوجل يمهل جميع المجرمين مهما كان ذنبهم، ولا يجزي كل مذنب فوراً بهلاكه او عقابه. بالاضافة الى انه استناداً الى السنة الالهية في امتحان الانسان وابتلاءه، يجب ان تتوفر اسباب الخير والشر في يكون لاختياره معنى، والشيطان احد وسائل امتحان البشر. طبعاً لا يستطيع الشيطان ان يجبر احداً على ارتكاب ذنب ما، واقصى ما يفعله هو الوسوسة وتوفير الظروف، وان الانسان لا يفقد ارادته في الاختيار.

من هاتين الآيتين نتعلم:

  • ان الله يمهل الظالمين والمذنبين- فهنيئاً لمن استغل هذه الفرصة للتوبة- وليس للاستكثار من الذنوب والمعاصي.
  • العمر الطويل ليس مكسباً، فالشيطان ايضاً أعطي طول العمر، بل المهم استغلال العمر استغلالاً صحيحاً.
  • ان ابليس كان يعرف يوم القيامة جيداً، ولكن يبدو انه لم يكن مؤمناً بالله وبيوم القيامة فهو لم يفكر بالتوبة والانابة.

 

الى هنا نأتي ايها الاعزاء الى نهاية هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة، فحتى نلتقيكم في حلقة مقبلة من هذا البرنامج نستودعكم الباري تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة