بسم الله الرحمن الرحيم والحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين ابي القاسم محمد واله الطاهرين، اسعد الله اوقاتكم بالخير مستمعينا الكرام واهلاً بكم في هذا اللقاء القرآني الجديد، حيث نبدأ بتفسير الاية الخامسة عشرة بعد المئة من سورة النساء التي نستمع الى تلاوتها:
ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً
ان من الأخطار التي تحدق بالمسلمين التخلي عن الدين ومخالفة امور الشرع الشريف وعدم طاعة القادة الربانيين وعدم السير على منهجهم القويم. ومن مصاديق ذلك السير بالاتجاه المعاكس لمسيرة المؤمنين، ففي ذلك تفرقة واختلاف وهذه بحكم معاداة الرسول الأكرم (ص) وتؤدي الى إتباع سبيل المفسدين في الدنيا والعذاب الشديد في الآخرة.
ولابد ان ننوه هنا الى هذه الحقيقة وهي ان الله تعالى لا يعاقب احداً من دون سبب يستدعي العقاب كيف يفعل الله هذا وهو الغفور الرحيم. الا انه يقيم الحجة على عباده ومن خالف من بعد ذلك اوامر الله يكون مصيره النار اعاذنا الله منها.
ويقول تعالى في الآيتين السادسة عشرة والسابعة عشرة بعد المئة من سورة النساء:
ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر مادون ذلك لمن يشاء، ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالاً بعيداً ان يدعون من دونه الا اناثاً وان يدعون الا شيطاناً مريداً
عندما ظهر الأسلام في مكة كان المشركون يعبدون فيها اصناماً بأسماء الأناث مثل اللات ومنات والعزى، وكانوا يعتقدون ان الملائكة بنات الله وانه تعالى فوض لهم امور الوجود ومن هنا كان المشركون والى حدما يعبدون الملائكة كذلك، فنزلت هاتان الايتان لترفض مثل هذه العقائد الخرافية.
ومن الواضح ان المشرك طالما بقي على شركه لا يكون مؤهلاً لقبول عقيدة التوحيد وهي عقيدة الحق والأيمان، لكن المؤمن حتى وان زلت قدمه فأن في إيمانه وفطرته ما يعيده الى حضيرة الايمان بعد ان يظلله لطف الله ورحمته. لكن الرحمة الالهية تنزل على العبد اذا كان مؤهلاً لها واذا ما اقتضت حكمة الله ومشيئته.
والذي نتعلمه هنا:
اولاً: ان اعظم المعاصي والأثام الشرك بالله تعالى وانه يبعد الأنسان والعياذ بالله عن رحمة الرب الجليل.
ثانياً: كل طرق الأنحراف تنتهي الى طريق واحد وهو طريق الشيطان الرجيم وان من يفرون عن الحق ليس لهم ملجأ الا الشيطان
ثالثاً: عبادة اي معبود آخر غير الله هي الحقيقة عبادة الشيطان الرجيم.
ويقول تعالى في الأيتين الثامنة عشرة والتاسعة عشرة بعد المئة من سورة النساء:
لعنه الله وقال لأتخذن من عبادك نصيباً مفروضاً ولا ضلنهم ولأمينهم ولأمرنهم فليبتكن اذان الأنعام ولأمرنهم فليخيرن خلق الله ومن يتخذ الشيطان ولياً من دون الله فقد خسر خسراناً مبينا
لم يكتف المشركون في مكة بعبادة الأصنام وتقدسها واعتبارها الواسطة بين الخالق والمخلوق، بل كانوا ينذرون لتلك الأصنام ويقطعون آذان الحيوانات كعلامة على ان هذه الحيوانات منذورة للأصنام فلا يجوز من بعد ذلك ركوبها او الأستفادة من لحومها. وفي هذا النص القرآني ما يؤكد ان مثل هذه الأعمال خرافات ليس الا وانها من عمل الشيطان لقد اقسم الشيطان ان يضل عباد الله ومن هنا فهو واتباعه مطرودون من رحمة الله.
ونتعلم من هذا النص القرآني الشريف:
اولاً: ان الشيطان هو عدو الأنسان منذ القدم فعلينا ان نحافظ على ايماننا امام مكائد الشيطان وان لا نقع في حبائله والا بعدنا عن رحمة الله.
ثانياً: تحريم ما احل الله وتحليل ما حرم تعالى هما من عمل الشيطان، فحلال الله وحلال رسوله (ص) حلال الى يوم القيامة وحرام الله وحرام رسوله (ص) حرام الى يوم القيامة.
ثالثاً: طرق غواية الشيطان مختلفة ومنها الوساوس والأماني ومنها الدعوة الى التغيير في الخلق او في الأحكام الآلهية او بث الخرافات
نسأل الله ان يوفقنا لحفظ ديننا من الخرافات وان يأخذ بايدينا بعيداً عن الافكار الشيطانية انه سميع الدعاء وحتى لقاء جديد نتمنى لكم الصحة والسلامة والسلام عليكم ورحمة الله.