بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي خير خلق الله ، سيدنا محمد واله المنتجبين الاخيار ، السلام عليكم ايها الاخوة والاخوات ورحمة الله وبركاته لقاء آخر يجمعنا وأياكم في رحاب القرآن احسن القول وافضل الحديث
يقول تعالي في الايتين الرابعة والخمسين والخامسة والخمسين من سورة آل عمران المباركة:
ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين اذ قال الله ياعيسي اني متوفيك ورافعك الي ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا الي يوم القيامة ، ثم الي مرجعكم فاحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون صدق الله العلي العظيم.
كما ذكرنا في الحلقة الماضية من هذا البرنامج فأن معجزات النبي عيسي بن مريم علي نبينا واله وعليه الصلاة والسلام كانت كثيرة ومع هذا فأن عددا من الناس قد كفروا به وعارضوا دعوته الالهية المباركة ويتحدث هذا النص القرآني عن مؤامرة اعداء المسيح عليه ، حيث قد هموا بقتله عليه السلام . لقد وضع رؤوس الكفر في بني اسرائيل جائزة ثمينة لمن يأتيهم بعيسي (ع) وأصحابه وأعدوا العدة لأعدامه ، لكن سعيهم خاب بفضل الله وقدرته حيث انجي تعالي نبيه (ع) . وفي اعتقاد النصاري ، فأن اليهود قد صلبوا المسيح (ع) حتي مات ، ثم من بعد ذلك دفنوه وقد اخرجه الله تعالي من بين الموات ورفعه الي السموات.
لكن القرآن الكريم هو الذي يخبرنا عن الحقيقة لانه كما يقول الامام علي بن أبي طالب (ع) /المحدث الذي لايكذب / نعم يستفاد من آيات الذكر الحكيم لاسيما الاية السابعة والخمسين بعد المئة من سورة النساء وسيمر علينا تفسيرها لاحقا بأذن الله ، ان اليهود شبه لهم في عيسي (ع) ، وأن الذي قتلوه وصلبوه كان غير المسيح سلام الله عليه ، حيث ان المسيح (ع) قد رفع الي السموات العلي ولم يمت وهناك نص قرآني واضح يقول ( وما قتلوه يقينا ) . واذا كان المسيح (ع) في عليائه فأنه عند ربه حي يرزق صلوات الله وسلامه عليه . ونتعلم من هاتين الايتين أن أرادة الله تعالي فوق كل شئ . حيث انه تعالي يقول:
وما تشاؤون الا أن يشاء الله
ويقول تعالي في الايات السادسة والخمسين والسابعة والخمسين من سورة آل عمران:
فاما الذين كفروا فأعذبهم عذابا شديدا في الدنيا والاخرة ومالهم من ناصرين / واما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم اجورهم والله لايحب الظالمين / ذلك نتلوه عليك من الايات والذكر الحكيم
ان مؤامرة بني اسرائيل من أجل قتل المسيح (ع) جعلتهم عرضة لعذاب من الله شديد ، ويستفاد من بعض المرويات التاريخية ان بني أسرائيل ومن بعد التآمر علي مقام النبوة قد خضعوا لما يقرب من اربعين عاما لسلطة احد قياصرة الروم الذي اوقع في الالاف منهم قتلا واسرا وجعل منهم كذلك طعاما للوحوش الكواسر. غير ان الله تعالي لايريد ظلما بالعباد .انما هي اعمال الانسان وسلوكياته التي تحدد العقاب او الثواب ، ثم ان الكفر والعناد لايأتيان علي الانسان الا بالذل والخنوع. اما الايمان والعمل الصالح ففيهما نعم مادية ومعنوية في الدنيا والاخرة وفيهما سعادة الدارين والحمد لله رب العالمين
ويقول عزوجل في الايتين التاسعة والخمسين والستين من سورة آل عمران:
ان مثل عيسي عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون الحق من ربك فلاتكن من الممترين
لقد ورد في كتب التفسير الشريفة ان رهطا من النصاري في المدينة قد قدموا علي رسول الله (ص) وحاوروه حول ولادة المسيح (ع) و ان ولادته من دون أب دليل الوهيته كما زعموا، فنزلت هاتان الآيتان لتقول لمثل هؤلاء ليس الامر كذلك ، فأذا كان عيسي (ع) قد ولد من دون أب فأن آدم (ع) لم يكن له أب ولاأم ، فلماذا لم تدعوه إالها ؟ ولم تقولوا انه ابن الله ؟ ومن بعد ذلك يأتي الخطاب القرآني موجها الي الرسول الخاتم (ص) والي المسلمين من ان قول الحق هو قول الله لانه تعالي عليم علام بكل عالم الوجود، وان في حديث الآخرين ما يكون ناشئا عن خطأ او جهل او قائما علي تعصب وهوي نفس، جعلنا الله واياكم من المتمسكين بقول الحق المبين وعن الترديد في قوله تعالي نائين لانه تبارك اسمه أحسن القائلين والسلام عليكم ورحمةالله وبركاته.