بسم الله وله خالص الحمد والثناء رب العالمين وأزكى صلوات المصلين على سفن النجاة والسادة الهداة محمد وآله الطاهرين. السلام عليكم إخوتنا المستمعين، من المشهود الملاحظ أن الناس مختلفين في شدة تأثرهم بالمواعظ الإلهية فما هو سر هذا الإختلاف؟ وكيف نجعل قلوبنا ونفوسنا أشد تأثراً بالمواعظ؟.
عن هذين السؤالين تدور الوصايا التي إخترناها للقاء اليوم من برنامجكم هذا، وقد جاءت هذه الوصايا في ختام إحدى الإجازات الروائية التي كتبها الفقيه الشيخ إبراهيم بن سليمان القطيفي البحراني مؤلف كتاب الفرقة الناجية، وشرح الأسماء الحسنى وغيرها من الكتب النافعة. والشيخ ابراهيم القطيفي هو من العلماء الأتقياء الذين فازوا برؤية الإمام عجل الله فرجه. وكان ممن عُرف بشدة تأثر مواعظه على الآخرين لشدة تقواه. توفي رضوان الله عليه في اواخر القرن العاشر للهجرة المباركة على صاحبها وآله أفضل السلام والتحية.
مستمعينا الأكارم الشيخ إبراهيم القطيفي وفي إجازته الروائية المنقولة في الجزء (۱۰٥) من موسوعة بحار الأنوار قال: "أما الوصية فأعلم وفقك الله وإيانا لمرضاته، وأعانك وإيانا على طاعاته أن قد قرع الأسماع من المواعظ في الكتاب والسنة، وأحاديث الصالحين ما فيه كفاية، بل في بعضه بل في أقل شئ منه كما هو مسطور مذكور خصوصا في كتاب الغيبة لمحمد بن بابويه وغيره، وقد سمعت خبر قاطع الطريق حيث تلى عليه الآية (فإهتدى وإرتدع عما كان فيه من قطع الطريق)، لكن بعض المسلمين حيث ألفت نفسه بالاسلام، ويكرر سماعه الآيات العظام، استأنس بها فلم يقع في نفسه موقعها، وذلك لقوة حجابه برؤية نفسه، وحبه للدنيا وأن أبى ذلك فهو مخدوع من حيث لايشعر. ألا ترى أن رسول الله صلى الله عليه وآله لما أنزلت (وجيء يومئذ بجهنم) لم يستطع أحد أن يكلمه لشدة خشيته حتى قام إليه أخوه المرتضى علي عليه السلام فقبل رأسه وسأله الخبر، وقال له: قد أتاني جبرئيل بهذه الآية مع أنه العالم بأنه الذي غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر المشفع يوم القيامة في الأنبياء والملائكة والرسل"، كما ورد في الحث على التوسل بمحمد وعلي عليهما السلام. ففي الخبر فان يوم القيامة لا أحد إلا وهو محتاج إلى هذين من نبي مرسل أو ملك مقرب، وشدة خشية الرسول وخشية أخيه مشهورة، حتى أن الإمام المرتضى إذا صلى تغيب عنه نفسه المقدسة، فقد رئي في بعض المواقف ساجداً فسكن أنينه، فحرك فإذا ليس به حراك، فأتى الناعي إلى فاطمة يعزيها فيه، فقالت: "ليس هذا أوان أجله لكن على أي حالة هو؟ فقال: قضى وهو ساجد فقالت: اذهب فهذه عادته". وختم الشيخ إبراهيم القطيفي هذه الموعظة بالقول: فكيف بمن عصى الله بقلبه ولسانه ويديه ورجليه وبطنه وفرجه وجميع جوارحه ؟.
إذن مستمعينا الأكارم كلما كان الإنسان أبعد عن التوجه الى النفس وزينتها متوجهاً الى الله عزوجل وعظمته كلما كان أشد تأثر بالمواعظ الإلهية وكلما إزداد يقيناً بأن الأمر كله بيد الله عزوجل كلما إزداد توجهه إليه. قال العارف الشيخ ابراهيم القطيفي في كلمة من وصية ثانية لأحد تلامذته: قد نظرت فلم أجد إلا الله نافعا وضارا، والاختيار لاينافي ذلك. قال الله تعالى: "أَفَغَيْرَ دِينِ اللّهِ يَبْغُونَ"، وقال سبحانه: "وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ" فلا تقصد إلا وجه الله الباقي ليبقى العمل لك ببقائه.
نشكر لكم إخوتنا وأخواتنا مستمعي إذاعة صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، طيب الإستماع لحلقة اليوم من برنامج (من فيض أهل المعرفة)، تقبل الله أعمالكم ودمتم في رعاية الله.