البث المباشر

التوقعات الزائدة عند الزوجات

الأربعاء 20 نوفمبر 2019 - 09:05 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- من الواقع: الحلقة 117

خبراء البرنامج: الشيخ جعفر عساف الباحث الاسلامي من بيروت والدكتورة غادة زيدان المستشارة التربوية من بيروت
بسم الله الرحمن الرحيم مستمعينا في كل مكان طابت أوقاتكم والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته نرحب بكم في برنامج من الواقع الذي نقدمه لكم كالمعتاد من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران.
في حلقة اليوم مستمعينا الأفاضل سوف نتطرق الى موضوع ربما يخص بالدرجة الأولى النساء حيث يساعد تلافي هذا الموضوع تكوين أسرة مبنية على أسس قوية ومتينة وذات أركان لايمكن أن تهتز او تتضعضع حتى لو صادفت هذه الأسرة أي مطبات او عواقب على مر الزمن، هذا الموضوع أيها الأحبة بإختصار هو التوقعات الزائدة لدى بعض الزوجات اللاتي يحرصن على إمتلاك أي شيء وكل شيء على حساب أزواجهن من خلال إجبارهن على توفير كافة طلباتهن. حول تداعيات هذا الموضوع حين يلازم المرأة على سبيل المثال سنستمع الى رأي خبيرين من الخبراء الذين نستضيفهم في البرنامج وهما سماحة الشيخ جعفر عساف الباحث الاسلامي من بيروت والدكتورة غادة زيدان المستشارة التربوية من بيروت فكونوا معنا.
أعزائي الأفاضل منذ أن كانت فتاة في بيت أمها كانت سارة تنافس أخواتها بإستمرار في كل شيء خاصة في إرتداء الملابس وماشابه، غير مبالية لما كان يعانيه والدها أثناء تلبية طلباتها. وفي إختبار العريس كانت سارة تتمنى أن يكون الشاب المتقدم لخطبتها أفضل بمواصفاته المادية بالذات من الشباب الذين تقدموا لخطبة أخواتها وآخرهم علي الذي تزوج من اختها الكبرى نوال.
واخيراً وعندما لم يتقدم خلال فترة طويلة الرحل الذي يحمل المواصفات المادية المطلوبة قررت سارة الزواج من شاب أسمه عادل الذي لم يكن يملك سوى سمعته الطيبة وإنتماءه الى عائلة عرفت بالنزاهة والأخلاق الحميدة وثقافتها الرفيعة بينما وضعه المادي كان متوسطاً لهذا أعزائي المستمعين فقد بدأت الحياة الزوجية بين سارة وعادل بنوع من الصعوبة التي طالما أججت بعض المشادات الكلامية وبعض الخلافات حاولت سارة في كل الأحوال أن تتستر عليها خوفاً من إتضاح أمرها بين اخواتها وبين كل من كانت تعتبرهم خصماً منافساً لها.
هذه الصعوبة كانت تدفع سارة بأن تطلب من زوجها عادل السعي أكثر وبذل الجهد أكثر لكي يوفر للبيت كل ما من شأنه أن يكون مميزاً عن باقي بيوت اخواتها وبيوت منافسيها بشكل عام، هذا يعني أن عادل بالمقابل أخذ يشعر بالتعب والملل جراء كثرة طلبات زوجته وعدم إهتمامه به بقدر إهتمامها بأثاث بيتها او بنوعية ملابسها او ماشابه.
ذات يوم دعتها أختها الكبرى نوال لوليمة عشاء في بيتها لمناسبة عودة زوجها من السفر من الخارج ولما لم يكن بمقدور سارة إلا القبول والموافقة على تلبية الدعوة صرفت النظر مرة اخرى عن إمكانية زوجها المادية المتواضعة وراحت تطلب منه توفير كذا وشراء كذا لأجل الظهور امام أختها بأنها تتمتع بحياة مترفه ما إضطر الزوج أن يقترض هذه المرة من احد الأصدقاء في السوق لكي يلبي كامل طلبات زوجته. ولكي تظهر سارة بالمظهر الذي تريده أن يكون بنظر الآخرين على أنها تعيش حياة أفضل وترتدي ملابس أفضل وقد تزوجت بشاب هو بين الآخرين أفضل ايضاً. فقد قامت بالمقابل بدعوة أختها وعائلتها الى البيت بالإضافة الى بعض العوائل ممن تعرفهم سارة ما أثار غضب عادل الذي قال لها: ومن أين لي المال لتوفير طلباتك كلها؟ ألا يحن قلبك ولو مرة على زوجك الذي أضناه الكد والتعب فوق طاقته؟
لم يحرك كلام الزوج ساكناً عند سارة ولم تهتم لما قاله أبداً لأن المهم عندها متى سيستجيب زوجها لكل ما تطلبه منه بإستمرار.
إتصلت بها في يوم ما صديقتها وفاء وقالت لها: الو سارة، كيف حالك؟ منذ مدة ولم أسمع أخبارك.
ردت عليها سارة وقالت: ها ها نعم فأنا بعد أن تزوجت أصبحت منشغلة فقط في أمور البيت وقد نسيت صديقاتي ونسيت حتى الخروج معهن لذلك أشعر بالندم أحياناً لأني تركت تلك الأيام الجميلة!
قالت لها وفاء: هه ولم الندم؟ أنا وسعاد وميسون وسميرة قررنا لنخرج ونشتري ونتجول بين الأسواق ولهذا فنحن ندعوك للمجيء معنا، ها ماذا تقولين؟
ودون تردد قالت سارة: اووووه وهل الخروج مع سميرة او التجوال مع ميسون وسعاد يحتاج الى تأجيل ويحتاج الى سؤال؟
وهكذا عزمت سارة على الخروج دون أن تأخذ موافقة زوجها او إستشارته إن كان قادراً على الإنفاق أم لا؟
نعم أعزائي لما عاد زوجها الى البيت كان زوجها عادلاً قد وصل قبلها ولما شاهد كل تلك الأكياس المحملة والمملوءة بالأشياء معلقة بيد زوجته سألها على الفور: سارة؟ اين كنت؟ لاتقولي أنك اشتريتي ملابس مرة اخرى!! لاتقولي أنك خرجت الى السوق مرة اخرى!!
قالت سارة وهي تحاول أن تخفف من غضب زوجها: في الحقيقة مكانك خال جداً ياعادل، كنت أتمنى أن تكون برفقتي، لاأعرف هؤلاء التجار من اين يأتون بهذه البضاعة الجميلة، حقاً أنهم أذكياء في جذب أذواق الناس. وبضحكة خفيفة أضافت قائلة: كذلك جذب نقودهم !!
لم يصبر عادل على ماسمعه وقال لسارة: يعني هذا أنك فعلاً كنت في السوق؟ قولي لي مع من؟ حتماً مع صديقاتك الأربع، سميرة وسعاد وميسون ووفاء؟ وقولي لي من أين أتيت بالنقود؟ ها لاتقولي أنك إقترضت مرة اخرى؟ لو حصل هذا فعلاً سيكون نهاية المطاف بيننا!! لقد تعبت من سوء تصرفاتك ياسارة وسوء تدبيرك لأمور البيت، كل مايعنيك هو التسوق والتبضع من المحال التجارية، كل مايهمك هو أن تظهري بالمظهر الذي يدل على علو كعبك بين صديقاتك وأخواتك!!
وهنا ساد صمت طويل بين الاثنين ولم تستطع سارة أن ترد على كلمات زوجها ولما طأطأت برأسها بالإعتذار، قال لها عادل بعصبية: هه الإعتذار لاينفع ياسارة فأنت في مشكلة، أنت في مأزق، تعانين مشكلة وعليك التخلص منها حتى يعود الحب والود في بيتنا ولكن كيف صدقيني لاأدري، حاولي أن تستشيري أحد المتخصصين في ذلك وإلا فسوف تزداد حدة الشجار بيننا كل يوم، نعم ياسارة كل يوم!!
ما زلتم مستمعينا الكرام تستمعون لبرنامج من الواقع من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران
أعزائي المستمعين وبعد أن إستمعنا الى قصة اليوم وعرفنا أن سبب توقعات الزوجة الخاطئة بأنها ممكن أن تعيش أفضل من غيرها على حساب زوجها قد ولد مشاكل متعددة بين الزوجين لذلك إرتئينا أن تتوجه الى احد ضيوف البرنامج سماحة الشيخ جعفر عساف الباحث الاسلامي من بيروت لسؤاله عما جاء في الشرع الاسلامي بشأن ما تقوم به الزوجة من إسراف وتوقعات زائدة ليست في محلها، مايعني تحميل زوجها أعباء كبيرة فوق طاقته وما تأثير ذلك على طبيعة العلاقة التي تربط الزوجين وماهي الحلول إزاء ذلك؟ فلنستمع معاً
عساف: بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وأسعد الله أيامكم وأيام مستمعينا والمسلمين بولادة نبي الرحمة محمد صلى الله عليه وآلهز
ماتفضلت به من هذه المشكلة التي ملخصها وجلها أن الزوجة لاتتفهم قدرات زوجها المالية وغير المالية ولكن انا اتوجه بنصيحة الى هذه الزوجة العزيزة وبشكل عام في نصيحة في هذا الموضوع لأقول إن الحياة الزوجية هي نوع من المشاركة بين الطرفين، بين الزوج والزوجة وهذه المشاركة التي تكون بين الزوجين هي عبارة أن كلاً من الزوجين يقدم مايستطيعه ومايتحمله ومايمكن أن يكون من مسؤوليته في هذه الحياة الزوجية فمثلاً أقول للزوجة أنها طبيعي أن تقدم في هذه الحياة المشتركة مع زوجها مايمكن أن يكون من قدراتها ومن إمكانياتها وأستطيع أن أقول بأن هذه الزوجة التي لاتتفهم وضع زوجها الاقتصادي والمالي او قدراته المالية أنه لو عكسنا السؤال ونقول إن زوجها لو قدر له أن يطالبها بما لاتستطيعه هل يمكن أن تقبل بذلك؟ مثلاً الزوجة التي يطالبها زوجها مثلاً في بعض الأمور التي تكون من إختصاصها او لايشاركها الزوج ولايساعده فيها هل تقبل أن يطلب منها الزوج أن تقوم بما هي غير قادرة عليه؟ لذلك أقول لهذه الزوجة إنه كما هي في الكثير من الأحيان لاتقبل من زوجها أن يكلفها ويطلب منها ما لاتستطيعه ومالاتطيقه كذلك الزوج لديه قدرة محدودة ومعينة من ناحية الإنفاق والمعاش الشهري او الراتب الشهري يجب عليها أن تتكيف مع هذا الزوج في قدراته المالية ولاتحمله فوق ما يستطيع وفوق مايطيق وإلا فأنا أقول إن هذه الزوجة التي لاتتخذ هذا الجانب ولاتشعر ولاتحس بزوجها ولاتحمل الاحترام او المراعات لشعور زوجها وهذا ما يؤدي الى نوع من النفور من زوجها وبالتالي الى وقوع الكثير من الأمور التي يمكن أن تخرب العلاقة الزوجية. لذلك أنصح الزوجة أن تراعي زوجها في قدراته المالية وأن لاتلتفت الى أقرانها من النساء او الجيران الذي قد يملكون قدرات مالية لاتوجد عند زوجها ولكن مع الأسف في الكثير من الأحيان بعض الزوجات اللاتي تريد من أزواجهن أن يكونوا كبقية الرجال الذين لديهم قدرات مالية وهي غير متوافرة. أستطيع أن أقول في النهاية إن مراعات الزوجة لزوجها في القدرات الإنفاقية والمالية أمر واجب من الناحية الشرعية ويجب عليها أن تتكيف مع زوجها في هذه القدرات المالية المحدودة لزوجها وماذا يمكن اذا قامت به هذه الزوجة المؤمنة إن شاء الله، يمكن أن يسعدها مع زوجها إن شاء الله لأن السعادة التي يمكن أن تطلبها الزوجة بإكثار الإنفاق وبالمقارنة وأن تجعل نفسها متقاربة مع الأغنياء من زوجات الآخرين لايمكن أن تصل اليه إلا بالإكتفاء مع زوجها والشعور بقدرات زوجها وهذا ما يمكن أن يدخل عليها السعادة والطمأنينة والشعور بهذه الروحية العالية من المسؤولية والشعور بزوجها وهذا ايضاً ما يسعد زوجها وإن سعد زوجها بهذا التفهم منها عندئذ سيؤدي الى الحياة السعيدة بين الطرفين.
وبعد أن إستمعنا أيها الأحبة الى ماقاله سماحة الشيخ جعفر عساف الباحث الاسلامي من بيروت نتوجه الآن الى الدكتورة غادة زيدان المستشارة التربوية من بيروت ايضاً لسؤالها ما الأسباب الحقيقية التي تدفع بالبعض للظهور بمستوى مادي اعلى للتباهي امام الآخرين وإن كان يسبب أذى وضرراً أفراد الأسرة؟ وما تداعيات ذلك على العلاقة بين الزوجين وما تأثيرها سلباً على بقية أفراد الأسرة؟ فلنستمع معاً
زيدان: يجب في الحياة الزوجية أن يعرف الفرد اين هو واين حدوده يعني هناك مثل شعبي يقول "مد رجليك على قدر بساطك" وكذلك هناك أقوال ثانية تقول "رحم الله امرءاً عرف حده ووقف عنده" فمن المهم معرفة حدودنا واين قدرتنا. ولما أتكلم عن القدرة ليس فقط القدرة المادية ولكن القدرة المادية والقدرة الاجتماعية والقدرة النفسية والقدرة الشخصية والى ما هنالك وخاصة بين الأم والأب، الزوج والزوجة. كما علينا احترام قدرة الآخر على التحمل او قدرة الآخر على الانفاق او القدرة الى الوصول الى مستوى معين بدون أي تحدي وبدون أي إنزعاج. يجب أن لاأقارن نفسي بالناس "أنظر لمن دونك في الدنيا ولمن فوقك في الآخرة" اذا ننظر الى الدنيا فلا حدود لها، هذا عنده سيارة أكبر وأحسن مني وهذا عنده بين أكبر مني وهذا له قدرة عقلية اكثر مني. يمكن للإنسان أن يتمنى الأفضل ويسعى الى الأفضل وهذا هو المطلوب والطموح مطلوب ايضاً ولكن غير مطلوب أن نتعدى هذه الحدود وهذه القدرة ونضغط على انفسنا وعلى شريك الحياة إن كان زوجاً او زوجة، أنا اريد هذا! حتى لو استعمل الزوج طرق غير مشروعة ليرضي الزوجة! كذلك العكس صحيح، الزوج يطلب طلبات التي ليست من قدرة الزوجة مثلاً زوجة ملتزمة ولاتستطيع فعل هذا الشيء فهو في المقابل ليس فقط الزوجة من الزوج كذلك طلب الزوج من الزوجة فهنا نقول يجب أن ننتبه الى القدرة التي لدينا يعني اذا كان دخلي الف ليرة لايمكن أن أصرف الألف وأقول صرفت خمسمئة لكي أعيش بمستوى صديقتي التي تعيش بمستوى الفين ليرة. لا بالعكس عندي ألف وأصرف خمسمئة وأدخر مئتين وأعود ليكون عندي مئتين او مئة للإحتياط. اهم شيء الذي يؤثر هو الأصدقاء يعني المعشر ربما يكون معشر سوء، معشر غير مدروس. العشرة، الرفقة، الصداقة، الجيران، الزملاء في العمل فمنهم من يستطيع أن يصرف وليست هناك إشكالية في الدين فنستعمل الدين للزين وهذا منطق غلط ومنطق غير سليم فيجب الإنتباه الى هذا الموضوع لأنه يمكن يسبب حالات الطلاق، يسبب مشاكل عائلية، عدم إستقرار العائلة أمام الأولاد لذلك أتمنى للجميع أن يرحموا حالهم ويرحموا الشريك معهم ويرحموا عائلتهم وأطفالهم ويعيشوا على ما أستطاعوا في سبيل الله.
في ختام حلقة اليوم أعزائي المستعمين نتوجه بالشكر الجزيل الى كل من سماحة الشيخ جعفر عساف الباحث الاسلامي والدكتور غادة زيدان المستشارة التربوية من بيروت حسن مشاركتهما كما نشكر لكم أعزاءنا المستمعين حسن إستماعكم وإصغاءكم لبرنامج من الواقع والذي قدمناه لحضراتكم من اذاعة طهران صوت الجمهورية الأسلامية في ايران. الى حلقة قادمة إن شاء الله في أمان الله وحفظه.

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة