وتؤكد الفنون والنقوش المعمارية الخاصة بهذا المعبد استخدامه للمراسيم والطقوس الدينية. وعلى ما يبدو فان هذا المعبد تحول بعد ظهور الاسلام والقرن الثالث الهجري الى مسجد وكان يستخدم لأزمنة طويلة.
«ايسبي مزغت» هو من ابرز المعالم الاثرية والتاريخية روعة في جيلان وإثارة للدهشة والاعجاب. وأدّت الظروف والاسباب الطبيعية والبشرية المختلفة على مرّ العصور الى هدم هذا البناء؛ فأشجار الغابات الكبيرة نمت جذورها في داخل جدران «ايسبي مزغت» وتغلغلت الى سطحه وتسببت في ايجاد عدة شقوق عميقة فيه، اضافة الى ذلك أسفر فيضان نهر «ديناتشال» عن قلع وتدمير الجزء الجنوبي من البناء.
هذا وتعرض «ايسبي مزغت» لعملية تآكل متعاقبة بفعل الرطوبة وهطول الأمطار في المنطقة؛ ما أدى الى تدمير زخارف البناء وتجصيصاته. اما المواد الانشائية الرئيسة المستخدمة في هذا المعبد فهي من الطوب على مقياس 6X23X23 سنتيمترات، ويبلغ قطر جداره 175 سنتيمتراً، وهناك كتيبة على جدار هذا المعبد الاثري نقش عليها بالخط الكوفي.
ويشاهد جزء من هذا البناء الذي يبلغ ارتفاع أحد أضلاعه 16/75 متراً، حيث يمثل جدار لأحد الدهاليز، وقد نقشت عليه كتيبة بالخط الكوفي تتراوح بين خمسة وستة أمتار وتظهر عليها مفردات الآية ال 18 من سورة التوبة المباركة وهي «لم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين». هذه الكتيبة كانت يوماً ما تزين اربعة دهاليز.
هذا وتتزين جدران الدهاليز بتجصيصات مثيرة للدهشة يصل ارتفاعها الى متر واحد، ولم يبق حالياً من هذه الزخارف على جدران الدهاليز إلا متران. ولعل بقايا هذا البناء تساعدنا على أن نستنتج ان «ايسبي مزغت» كان يضم رواقاً في الوسط واربعة دهاليز في الجهات الاربع.
أما سقف البناء فمرصّع بالفخاريات، غير أن سطحه على عكس السطوح المغطاة بالفخاريات اليوم في جيلان، كانت ملصقة بخليط من اللبنة والجير والطوب وعلى مقياس 36X50 سنتيمتراً.
وما يثير اعجاب الناظر والزائر عند رؤية هذا البناء هو السبب من وراء تشييد مثل هذا المعبد في منطقة نائية وما تدلّ على قدم الكتيبة الكوفية الموجودة هناك. ومما لا شك فيه أنّ ايسبيه مزغت كان معبداً كبيراً، ما يدلّ بدوره على احتمال وجود مدينة أو موقع أثري مدفون على مقربة من هذا البناء.
يشابه شكل «اسبي مزغت» المكون من أربعة دهاليز ورواق مربعة الأضلاع، المعابد النارية للزرادشتية ما قبل الاسلام، ويحتمل أنه لم يتم تدمير هذا المعبد بعد ظهور الاسلام بل تغيرت طريقة إدارته فتحول فيما بعد الى دار العبادة للمسلمين.
الى ذلك، قد نتمكن من التعرف على أسباب بناء هذا المعبد الاثري وكذلك بنائه الاصلي الأولي من خلال علم فقه اللغة: فمفردة «مزغت» في اللغة الفارسية وتحديداً في لغة الأفستا تعني «المسجد»، و«اسبيه» معناها «الأبيض».