نص الحديث
قال الامام الرضا عليه السلام: "الأخ الاكبر بمنزلة الأب" .
دلالة الحديث
الحديث المتقدم من الوضوح بمكان، سواء من حيث الدلالة او من حيث البلاغة، فمن حيث الدلالة يقرّر الحديث بان الأخ الاكبر بمنزلة الاب، ومن حيث الصياغة يقرّر التماثل بين الأب والاخ الاكبر من خلال عبارة (بمنزلة) وهي عبارة تشبيهية: كما سنوضح ذلك بعد قليل...
والسؤال اولاً ما هي العلاقة بين الأخ الاكبر وبين الاب؟
للاب منزلة لها اهميتها دون ادنى شك، فهو من جانب المسؤول عن العائلة مادياً وتربوياً، ومن ثم فان النصوص الشرعية طالما تحث على إطاعة الاب (والأم ايضاً بطبيعة الحال) بيد ان لكل منها وظيفته.
لكن بغض النظر عن ذلك، فان احترام الأب من جهة كونه رئيساً للعائلة من جانب، ومسؤولاً عن ولده تربوياً وتعليمياً وتزويجياً الخ، يظل محتلّاً مكانة رئيسه، ومن ثم فان المطالبة الشرعية باحترامه تظل هي الوظيفة المفروضة على الاولاد...
بيد ان ما نعتزم توضيحه هو: ما هي الأسرار الكامنة وراء الحديث القائل بان الاخ الاكبر بمنزلة الاب ؟
الجواب يتحدد من زاوية بلاغة الحديث، اذن لنتجه الى بلاغة العبارة القائلة "الأخ الأكبر بمنزلة الأب" .
يلاحظ في التوصيات الشرعية بان الاكبر من الاولاد يتحمل بعض المسؤوليات، ومنها فيما يرتبط بوفاة الأب، حيث ان (الحيوة) وهي ما يملكه الميت من ثياب وخاتم الخ...يختص به الولد الأكبر وان الآخرين، ومنها: ما يتصل بقضاء واجباته من صلاة وصوم الخ.
وهذا يعني ان للاخ الاكبر ميزة خاصة تفسر لنا منزلته بالقياس الى الاصغر منه،.. و يلاحظ ان الحديث استخدم عبارة (بمنزلة) وهي عبارة تشبيهية مقابل عبارات اخرى مثل (الكاف) (كأنّ) (مثال) الخ، حيث ان كل اداة تضطلع بدرجة معينة في تحديد الشبه بين الشيئين، من هنا تعتبر (بمنزلة) اقرب الادوات التشبيهية، بيد ان الشيئين، اي: بقدر كثرة اوجه الشبه بين الشيئين تضطلع عبارة (بمنزلة) او (مثل) بالمهمة المذكورة.
من هنا ندرك بان التماثل بين منزلة الاب والأخ الأكبر تبلغ من الكثرة الى درجة التطابق الّا قليلا...
وهذا هو معنى استخدام عبارة (بمنزلة) ...
بلاغة الحديث
ختاماً: لعلّ كبر السنّ حيث ان التوصيات الشرعية تطالب بان يحترم الاصغر الاكبر، تأكيداً لقيمة كبر السن من حيث التجارب وغيرها، في النهاية: نسأل الله تعالى ان يجعلنا من الملتزمين بمبادئه، وان يوفقنا الى الطاعة مطلقاً، انه سميع مجيب.