البث المباشر

حديث: اللهمّ صلّ على محمد وآل محمد واعطنا ما تحبّ واجعله لنا قوة فيما تحبّ يا ارحم الراحمين

الإثنين 4 نوفمبر 2019 - 10:56 بتوقيت طهران
حديث: اللهمّ صلّ على محمد وآل محمد واعطنا ما تحبّ واجعله لنا قوة فيما تحبّ يا ارحم الراحمين

إذاعة طهران- نور وبلاغة: الحلقة 132

نص الحديث


قالت فاطمة الزهراء (عليها السَّلام): اللهمّ صلّ على محمد وآل محمد، واعطنا ما تحبّ، واجعله لنا قوة فيما تحبّ، يا ارحم الراحمين.

دلالة الحديث


هذه الفقرة من النصوص المتسمة بالعمق وبالطرافة وبلاغياً وأمّا دلالياً فتعني: السؤال من الله تعالى بأن يعطينا ما يحبّ وهو عطاء يظلّ مرشحاً بعدّة دلالات منها: ان نستلهم من العبارة كلّ ما هو من الوجوب أو الندب من الاعمال ومنها: ان نستلهم من العبارة كلّ ما يحبّه الله تعالى حتى لو كان - على سبيل المثال - على غير ما يحبّ العبد، تبعاً لقوله تعالى «وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ». والمهمّ هو: أنّ الله تعالى هو العالم بمصلحة عبده سواء كان ذلك مقترناً بما يحبّ العبد او غير ذلك وهذا هو منتهى الثقة برحمته تعالى، كما هو واضح وهذه العبارة تجسّد الشقّ الاول من فقرة السؤال. وأمّا الشق الثاني فيقول: (واجعله لنا قوة فيما تحبّ). ترى، ماذا نستلهم منها؟ الجواب: إذا عدنا الى المثال الذي قدّمناه، وهو أن يعطينا تعالى ما يحبّ حتى لوكنا كارهين، حينئذ نفهم دلالة ما تقوله العبارة (واجعله لنا قوة فيما تحب)، اي: اجعل ما تحبّه انت (ونكرهه مثلاً والعياذ بالله) ذا قابلية على ما تحبّه انت، اي: اجعلنا نحبّه ايضاً، بل اجعله أكثر محبّة منّا حيال ما تحبّه أنت وهذا هو منتهى الطرافة والعمق بلاغياً على نحو ما نوضّحه الآن.

بلاغة الحديث


من البيّن أنّ جمالية النصّ لا تنحصر في أقسامه بالعنصر الصوريّ أو الإيقاعيّ مثلاً بل إنّ النكات الفنية من التنوع بحيث تسدّ مسدّ الصياغة الصورية والإيقاعية، ومن ما نلحظه في عبارة (واجعله لنا قوة فيما تحب). كيف ذلك؟ لنفترض أنّ أحد السائلين، سأل الله تعالى أن يوسّع في رزقه، ولكنّ الله تعالى يعلم بأنّ الفقر، وليس الغنى في مصلحة ذلك السائل، حينئذ بما أنّ السائل يحبّ (الغنى) ويكره (الفقر) حينئذ فإنّ الأدب الاسلاميّ يفرض على السائل ان يحبّ الفقر ويكره الغنى، وهذا ما تكفلت العبارة به حينما قالت الزهراء (عليها السَّلام) واجعله أي ما تحبّه يا ربّ وما قد لا نحبّه نحن، ولكنّ علمنا بأنّ المصلحة هي ما يحبّ الله تعالى، إجعل ذلك (قوة)، اي: طاقة او دافعاً أو حاجة او تطلّعاً له قابلية الحبّ لما يحبّ الله تعالى وليس لما يحبّ العبد. اذن البلاغة هنا تتمثل من جملة خطوط، منها: التقابل بين ما يحبّ الله تعالى وما يحبّ العبد (وقد يكونان ضدّين)، ثم التقابل بين ما يحبه تعالى وبين ما هو المصدر او الطاقة او القابلية لدينا من خلال جعل ما يحبّه الله تعالى دافعاً الى ان نحبّه ايضاً، وبذلك تحقيق رضانا نحن عباد الله تعالى برضاه تعالى، اي: نحبّ ما يجب الله تعالى، وهو المطلوب.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة