بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم مستمعينا الأطائب ورحمة الله وبركاته، أزكى التحيات نهديها لكم ونحن نلتقيكم في حلقة جديدة نقضي فيها دقائق في رحاب الأحاديث الشريفة وهي تنير قلوبنا بمحبة سيد أخلاق أهل الايمان وهو خلق الحياء، فنبدأ بتعريف له ولأنواعه ومصاديقه يعيننا على ترسيخ التخلق به، فقد جاء في كتاب (مصباح الشريعة) قول الصادق –عليه السلام-:
"الحياء نورٌ جوهره صدر الإيمان، وتفسيره التثبت عند كل شيء ينكره التوحيد والمعرفة"
وهذا التعريف يعني أن التخلق بخلق الحياء يستلزم التثبت والاستقامة في الامتناع عن كل ما يكرهه الله عزوجل وعن كل ما لا ينسجم مع التوحيد الخالص والمعرفة والايمان بالله تبارك وتعالى.
ونبقى –مستمعينا الأفاضل- مع مولانا الصادق –عليه السلام- وهو يعرفنا حقيقة نورانية الحياء وارتباطه بالايمان، حيث يقول:
"قال النبي –صلى الله عليه وآله-: الحياء [قرين] الإيمان، فقيّد الحياء بالايمان والايمان بالحياء، وصاحب الحياء خبرٌ كله ومن حرم الحياء فهو شرٌ كله وإن تعبّد وتورع، وإن خطوة يتخطى في ساحة هيبة الله بالحياء خيرٌ له من عبادة سبعين سنة".
ثم يبين عليه السلام أثر ضد الحياء وهي الوقاحة، فهي التي توقع الإنسان في النفاق والتجرأ على المعاصي والكفر العملي، أجارنا الله واياكم منه، قال –عليه السلام-:
"والوقاحة صدر النفاق والشقاق والكفر، قال رسول الله –صلى الله عليه وآله-: إذا لم تستح فأعمل ماشئت، أي إذا فارقت الحياء فكل ما عملت من خير أو شر فأنت به معاقب"
أيها الاخوة والاخوات، وفي تتمة كلامه السابق يهدينا مولانا الصادق –عليه السلام- الى سبيل التخلق بهذا الخلق النوراني فيبين أن منبعة إستشعار الهيبة الالهية والرغبة في مرضاة الحبيب الأعظم تبارك وتعالى، قال –عليه السلام-:
"وقوة الحياء من الحزن والخوف، والحياء مسكن الخشية، والحياء أوله الهيبة وآخره الرؤية –يعني مشاهدة كرامة الله-، وصاحب الحياء مشتغل بنفسه... قال رسول الله –صلى الله عليه وآله-: اذا أراد الله بعبد خيراً ألهاه عن محاسنه، وجعل مساويه بين عينيه وكرهه مجالسة المعرضين عن ذكر الله".
ويختم مولانا الصادق حديثه عن هذا الخلق النبيل ببيان مراتبه مشيراً الى الأسباب الى تعين الانسان على ترسيخ هذا الخلق ومحورها عامل حب الله واستشعار هيبته بما يجعل الانسان يستحي من فعل كل ما يكرهه عزوجل، قال –عليه السلام-:
"والحياء خمسة أنواع: حياء ذنب، وحياء تقصير، وحياء كرامة، وحياء حب وحياء هيبة، ولكل واحد من ذلك أهل ولأهله مرتبة..."
ختاماً نشكركم مستمعينا الاطائب على طيب الاستماع لحلقة اليوم من برنامجكم معالي الاخلاق دمتم في أمان الله .