بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم مستمعينا الاطائب ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة اليوم من برنامجكم هذا، نستهدي فيه بطائفة من النصوص الشريفة المرغبة في التحلي بخلق آخر من معالي الأخلاق التي يحبها الله ورسوله –صلى الله عليه وآله- هو خلق (اجتناب الهمز واللمز والسخرية والاستهزاء بالناس).
تابعونا على بركة الله:
ايها الاكارم، تحثنا النصوص الشريفة على شدة الاحتياط في التورع عن الهمز واللمز –أي الاساءة بالقول للآخرين والطعن فيهم والسخرية والاستهزاء بهم، من خلال بيان العواقب السيئة لها والتحذير منها، وقد نصت على ذلك آيات كثيرة منها أن هذه الفعال تستجلب سخرية الله من أصحابها اي سخطه عزوجل عليهم وبالتالي العذاب الاليم، قال الله تبارك وتعالى في الآية ۷۹ من سورة براءة :
"الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ"
روي في كتاب عيون الاخبار في معنى سخرية الله من المستهزئين عن الامام علي الرضا –صلوات الله عليه- انه قال ضمن حديث طويل:
"ان الله تعالى لا يسخر ولا يستهزء ولا يمكر ولا يخادع ولكنه تعالى يجازيهم جزاء السخرية وجزاء الاستهزاء وجزاء المكر والخديعة تعالى الله عما يقولون علواً كبيرا".
ونستفيد من هذا الحديث الرضوي المبارك، أن من التخلق باخلاق الله عزوجل التورع عن الهمز واللمز والسخرية والاستهزاء حتى بالمستهزئين وايكال امرهم الى الله يجازيهم على سوء أعمالهم.
وروي في سبب نزول الآية الكريمة المتقدمة حادثتان تعيننا على معرفة بعض مصاديق الهمز واللمز والسخرية التي لا يحبها الله وينبغي لنا اجتنابها والتورع عنها، الاولى ما روي في تفسير علي بن ابراهيم، وورد فيها قول الراوي:
"جاء سالم بن عمير الانصاري بصاع من تمر فقال: يا رسول الله، كنت ليلتي أجر الجرير [اي يستقي الماء للزرع بالحبل] حتى عملت بصاعين من تمر [اي اعطوني هذين الصاعين اجرة على سقاية الزرع]، فاما احدهما فامسكته [اي لنفسي وعيالي] واما الآخر فاقرضته ربي، فامر رسول الله –صلى الله عليه وآله- ان ينشره في الصدقات [يعني يوضع ضمن تمر الصدقة]، فسخر المنافقون وقالوا:
والله، ان الله غني عن هذا الصاع [من التمر] ما يصنع الله بصاعه شيئاً، ولكن ابا عقيل [يعنون سالم الانصاري] اراد ان يذكر نفسه ليعطى من الصدقات فنزلت الآية".
إن المنافقين طعنوا في هذا المؤمن بادعاء انه انما فعل ذلك لكي يعرف النبي بفقره فيتصدق النبي –صلى الله عليه وآله- عليه. وفي ذلك نهي عن التشكيك بنوايا الناس.
مستمعينا الافاضل، اما الحادثة الثانية في سبب نزول الآية المتقدمة فهي التي رواها الشيخ الجليل محمد بن مسعود العياشي في تفسيره القيم بسنده عن الامام الصادق –عليه السلام- قال:
"ذهب امير المؤمنين –عليه السلام- فآجر نفسه على ان يسقي كل دلو بتمرة فأتى به النبي –صلى الله عليه وآله- [اي جاء باجرته من التمر وقدمه للنبي لكي يتصدق به على الفقراء]، وكان عبد الرحمن بن عوف على الباب، فلمزه اي وقع فيه، فنزلت هذه الآية."
وبهذا ننهي أيها الاحبة حلقة اخرى من برنامجكم معالي الاخلاق رزقنا الله واياكم مزيد التحلي بها ببركة الاقتداء بمحمد وآله الطاهرين صلوات الله عليهم اجمعين شكراً لكم على طيب المتابعة وفي أمان الله.