السلام عليكم إخوة الإيمان ورحمة الله، على بركة الله نلتقيكم في حلقة اليوم من برنامجكم هذا نجتني فيه بعض الأحاديث الشريفة التي تحثنا على التخلق بأحد أكرم الأخلاق الفاضلة التي يحبها الله تبارك وتعالى وهو خلق (مداراة خلق الله). ومعنى المدراة _كما ورد في كتب اللغة كمجمع البحرين للطريحي والنهاية لابن الأثير وغيرهما_ هو: ملاينة الناس وملاطفتهم ومجاملتهم وحسن صحبتهم وتحمل الجفاء منهم لكي لا ينفروا أو لكي لا يظهر منهم الشر وغيره، أولكي يدفع بها المكروه، أو لكي يحذ بهم الإنسان إلى طريق الخير والصراط المستقيم.
والمستفاد من عموم النصوص الشريفة أن هذه المداراة التي أمرنا بها الدين الحق عامة تشمل عموم الناس المؤمنين منهم وغيرهم. نقرأ لكم أيها الأحباء في هذا اللقاء بعض ما ورد في فضيلة هذا الخلق الإلهي الكريم المعبر عن حب إيصال الخير لخلق الله تبارك وتعالى.
أيها الأحبة، صرحت الأحاديث الشريفة بأن مداراة خلق الله من أهم أخلاق الأنبياء _عليهم السلام_، ففي أمالي الشيخ الطوسي عن الرسول الأكرم _صلى الله عليه وآله_ قال: "إنا معاشر الأنبياء أمرنا بمداراة الناس كما أمرنا بإقامة الفرائض".
وفي الكافي عن مولانا الإمام جعفر الصادق _عليه السلام_ قال: "جاء جبرئيل عليه السلام إلى النبي _صلى الله عليه وآله_ فقال: يا محمد ربك يقرؤك السلام ويقول لك: دار خلقي".
وفي الكافي أيضا عنه _صلى الله عليه وآله_ قال: "أمرني ربي بمداراة الناس كما أمرني بأداء الفرائض".
وفي مستدرك الوسائل عنه _صلى الله عليه وآله_ قال: "أمرني ربي بمداراة الناس كما أمرني بتبليغ الرسالة". ومن مصاديق مداراة الأنبياء – عليهم السلام – للناس تكليمهم على قدر عقولهم كما ورد في الحديث النبوي الشهير: "إنا معاشر الأنبياء أمرنا أن نكلم الناس على قدر عقولهم".
مستمعينا الأفاضل، تصرح الأحاديث الشريفة بأن التحلي بهذا الخلق الإلهي الكريم هو من علامات كمال العقل والإيمان أيضا لأن فيه سلامة دين المرء ودنياه شريطة أن تكون هذه المداراة في إطار الضوابط والأحكام الشرعية.
روي في الكافي عن رسول الله – صلى الله عليه وآله – قال "رأس العقل بعد الإيمان بالله مداراة الناس في غير ترك الحق".
وعنه – صلى الله عليه وآله – قال: "رأس العقل المداراة، وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة".
ومن قصار كلمات أميرالمؤمنين – عليه السلام – المنقولة في كتاب عيون الحكم والمواعظ للواسطي قوله: "رأس الحكمة مداراة الناس" و "المداراة أحمد الخلال" وقال عليه السلام أيضا "من سالم الناس كثر أصدقاؤه وقل أعداؤه" وقال: "سلامة الدين والدنيا في مداراة الناس".
وفي مستدرك الوسائل عن كتاب الغايات روي عن الباقر _عليه السلام_ أن رسول الله _صلى الله عليه وآله_ قال "أعقل الناس أشدهم مداراة للناس" وأخيرا روي عنه _صلى الله عليه واله_ في كتاب الكافي قال "مداراة الناس نصف الإيمان والرفق بهم نصف العيش" صدق رسول الله وصدق آله، الطيبون الطاهرون صلوات الله عليهم أجمعين.
نسأل الله تبارك وتعالى لنا ولكم أعزاءنا أن يجعلنا من الساعين لرضاه بمداراة خلقه إنه سميع مجيب، نشكر لكم أيها الأحبة جميل المتابعة لحلقة اليوم من برنامجكم معالي الأخلاق استمعتم لها من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في إيران.
دمتم بكل خير وفي أمان الله.