البث المباشر

فاطمة عليها السلام في الشجرة الطيبة

الأحد 29 سبتمبر 2019 - 13:51 بتوقيت طهران

اذاعة طهران - فاطمه في القرآن والسنة: الحلقة 20

 

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الدّاعي إلى الهدى، وأسمى صلواته على النبيّ المصطفى، وعلى آله مصابيح الدّجى وأعلام التّقى. 
أيها الإخوة الأعزّة المؤمنون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أسعد الله أوقاتكم، وأهلاً بكم معنا في حديث آخر يرتقي إنشاء الله تعالى إلى آفاق قرآنية جديدة، فيها ذكر الله جلّ وعلا، وذكر أحبّائه رسول الله وأهل بيته صلوات الله عليه وعليهم، ومنهم مولاتنا الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين عليها السلام، التي توجّهت إليها العنايات الإلهية الطيبة في آيات كثيرة، وعبارات وفيرة، جاء بعضها يخصّها ويقصدها على وجه التعيين، ولو مشتركاً مع أهل بيتها، كآية المباهلة وآية المودّة وآية الإطعام.. وجاء بعضها الآخر يخصّها أيضاً بالضمن والمضمون، فيما يشملها بالضرورة مع أهل بيت النبوّة.. أبيها المصطفى، وزوجها المرتضى، وأبنائها السادة الميامين، صلوات الله عليها وعليهم أجمعين، وذلك ما جنح إليه المفسّرون، حيث أتوا بالأحاديث المفسّرة، فكان فيها ذكر لمولاتنا فاطمة سلام الله عليها، إلى ذلك بعد هذه الوقفة القصيرة.
إخوتنا الإعزّة، من ذلك الذي أشرنا إليه ما أخرجه عالم أهل السنّة عليّ بن سلطان القاري في كتابه المعروف (مرقاة المفاتيح ج ٥ ص ٥۷٤) راوياً عن أنس ابن مالك أنّ النبيّ صلى الله عليه وآله قال في خطبته عند تزويج ابنته فاطمة من عليّ عليهما السلام فيما قاله: "ثمّ إنّ الله تعالى جعل المصاهرة نسباً وصهراً، فأمر الله يجري إلى قضائه، وقضاؤه يجري إلى قدره، فلكلّ قدر أجل" . ثمّ قرأ النبيّ صلى الله عليه وآله هذه الآية الشريفة: "…لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ{۳۸} يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ{۳۹}" الرعد: ۳۸و۳۹، بعدها قال صلى الله عليه وآله: "ثمّ إنّ الله تعالى أمرني أن أزوّج فاطمة بعليّ، فأشهدكم أنّي قد زوّجته..." . 
قال بعض العلماء: إنّ ظاهر الحديث هو أنّ مسألة تزويج فاطمة بعليّ عليهما السلام كان مصداقاً لهاتين الآيتين الكريمتين، ولعلّ ذلك كان تفسيراً أو تأويلاً يعلمه المفسّر الأوّل للقرآن، وهو رسول الله صلى الله عليه وآله، والله العالم. 
هذا، وقد أخرج هذا الحديث: الگنجيّ الشافعي في (كفاية الطالب في مناقب عليّ بن أبي طالب)، والمحبّ الطبريّ الشافعيّ في (الرياض النّضرة)، وابن حجر الهيثميّ في (الصواعق المحرقة )، وغيرهم. 
إخوتنا الأكارم وفي سورة إبراهيم آية ربّما لا يكون لها تفسر بيّن إلاّ من خلال التأويل الكاشف عن المعنى الأعمق الأكمل، والمصداق الأتمّ الأفضل، وهي قوله تبارك وتعالى: "أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء" .( سورة إبراهيم الآية ۲٤).
وقد جاء المفسّرون فأدرجوا في ظلّها روايات عديدة من باب التطبيق، فروى الحاكم الحسكاني الحنفيّ في (شواهد التنزيل) أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله قال مرّة: "أنا شجرة، وفاطمة فرعها، وعليّ لقاحها، وحسن وحسين ثمرها، ومحبّوهم من أمّتي أوراقها" ثمّ قال: "هم في جنّة عدن والذي بعثني بالحقّ" .
فيما روى الحاكم النّيسابوري الشافعيّ في (المستدرك على الصحيحين) بإسناده عن ميناء بن أبي ميناء مولى عبدالرحمان بن عوف، قال: خذوا عنّي قبل أن تشاب الأحاديث بالأباطيل، سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: "أنا الشجرة، وفاطمة فرعها، وعليّ لقاحها، والحسن والحسين ثمراتها، وشيعتنا ورقها، وأصل الشجرة في جنّة عدن، وسائر ذلك في سائر الجنّة" . 
وفي تعليقة للآلوسي أيها الإخوة الأفاضل حول مثل هذه الروايات، أوردها في تفسيره (روح المعاني) قائلاً: وروى الإمامية وأنت تعرف حالهم، عن أبي جعفر الباقر رضي الله عنه تفسير الشجرة الخبيثة ببني أمية، وتفسير الشجرة الطيبة برسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم وعليّ كرّم الله وجهه وفاطمة رضي الله عنها، وما تولّد منهما. 
ولكن أيها الإخوة الأحبّة إنّ الذي ذكره الآلوسي وهو شافعيّ المذهب، قد رواه غير الشيعة الإمامية أيضاً، كالحافظ الحنفيّ المذهب والحاكم الحسكاني في (شواهد التنزيل لقواعد التفضيل)، وذلك بإسناده إلى سلام الخثعميّ، قال: دخلت على أبي جعفر محمّد بن عليّ عليه السلام فقلت: يا ابن رسول الله، قول الله تعالى: "أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء" ؟ فقال: "ياسلام، الشجرة محمّد (صلى الله عليه وآله)، والفرع عليّ أمير المؤمنين، والثمر الحسن والحسين، والغصن فاطمة، وشعب ذلك الغصن الأئمة من ولد فاطمة، والورق شيعتنا ومحبّونا أهل البيت" . 
وفي رواية المصادر الشيعية كمعاني الأخبار للشيخ الصدوق، وبصائر الدرجات للصفّار القمّي، وتأويل الآيات الظاهرة للأسترآباديّ جاءت عبارة الإمام الباقر عليه السلام، أيها الإخوة الأعزّة هكذا: "وغصن الشجرة فاطمة، وثمراتها الأئمة من ولد عليّ وفاطمة، وشيعتهم ورقها. وإنّ المؤمن من شيعتنا ليموت فتسقط من الشجرة ورقة، وإنّ المؤمن ليولد فتورق الشجرة ورقة" .

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة