حتى التربة التي دفن فيها صلوات الله عليه وآله تحمل من القداسة الملكوتية ما جعلها زاخرة بالاسرار... متشعشعة بالانوار. ان كل ما ينتسب الى الحسين سلام الله عليه يغدو حسينيا.. فكيف بالتربة المسعودة التي احتضنت جسده المقدس الشريف؟
لتربة الحسين عطرها.. وسرها. ومن سرها ان الله تبارك وتعالى جعل فيها لاهل الايمان الشفاء.. وجعلها حرزا وامانا على كل حال.
قال الحارث بن المغيرة للامام الصادق(ع): اني رجل كثير العلل والامراض، وما تركت دواء الا تداويت به.
فقال له الصادق(ع): أين انت عن طين قبر الحسين بن علي عليهما الحسين؟! فان فيه شفاء من كل دواء، وامنا من كل خوف...
قال الحارث: قد عرفت ـ جعلت فداك ـ الشفاء من كل داء... فكيف الامن من كل خوف؟
فقال عليه السلام: اذا خفت سلطانا او غير سلطان... فلا تخرجن من منزلك الا ومعك من طين قبر الحسين(ع).
وفي "كامل الزيارات" عن ابي بكار، قال: اخذت من التربة التي عند رأس الحسين بن علي(ع) طينا احمر، فدخلت على الرضا عليه السلام، فعرضتها عليه، فأخذها في كفه، ثم شمها، ثم بكى... حتى جرت دموعه، ثم قال: هذه تربة جدي.
كربلائية اخرى من كربلاءيات السيد جعفر الحلي... فيها من الثكل والاسى، كما فيها الافتخار والاعتزاز بالشيم الهاشمية النبيلة المتألقة الى الابد. كربلائيته... "دالية" هذه المرة:
... ولنا في الطفوف اعظم يوم
هو للحشر ذكره مشهود
يوم وافى الحسين يرشد قوما
من بني حرب، ليس فيهم رشيد
خاف ان ينقضوا بناء رسول الله
في الدين... وهو غض جديد
وابى الله ان يحكم في الخلـق
طليق مستعبد وطريد
كيف يرضى بان يرى العدل بادي
الـنقص، والجائر المضل يزيد
فغدا السبط يوقظ الناس للرشـد
وهم في كري الضلال رقود
ولقد كذبته ابناء حرب
مثلما كذب المسيح اليهود
فدعا اله الكرام الى الحرب،
فهبوا كما تهب الاسود
علويون ... والشجاعة فيهم
ورثتها ابائهم والجدود
لم يهابوا جمع العدى يوم صالوا
وان استنزروا وقل العديد
واقاموا قيامة الحرب... حتى
حسب الحاضرون جاء الوعيد!
كم ينابيع من دم فجروها
فأرتوى عاطش، واورق عود!
موقف منه رجت الارض رجا
والجبال اضطربن... فهي تميد
وسكن الرياح خوفا، ولو لا
نفس الخيل ما خفقن البنود
لاخبت مرهفات العلي
فهي النار... والاعادي وقود
ملأوا بالعدى جهنم... حتى
قنعت، ما تقول: هل لي مزيد؟
ومذ الله جل نادى: هلموا
ـ وهم المسرعون مهم نودواـ
نزلوا عن خيولهم للمنايا
وقصارى هذا النزول صعود
فقضوا، والصدرمنهم تلظى
بضرام، وما ابيح الورود
تركوهم على الصعيد ثلاثاً
يا بنفسي! ماذا يقل الصعيد!
فوقه ـ لودرى ـ هياكل قدس
هو للحشر فيهم محسود
تربة تعكف الملائك فيها
فركوع لهم بها وسجود
فلك السهد بعده يا عيوني
واقنعي ان حظك التسهيد