انهم (القربى) الذين ما سأل رسول الله الناس أجراً على رسالته المنقذة إلا ّ المودة فيهم. إنهم آل محمد صلى الله عليه وآله: عليّ وفاطمة وذريتهما المباركة الطيبة.
«قُل لّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى». فهم ـ صلوات الله عليهم ـ معيار إلهي، في القرب منهم والبعد عنهم، للايمان وللاعراض عن الايمان، وميزان لرضى الله تبارك وتعالى ولسخطه. وقد قال رسول الله(ص) أحاديث عديدة تفيد أنّ حبهم إيمان، وبغضهم كفر. ومن ابرز معالم مودتهم والانتماء اليهم: العلاقة بأبي عبد الله الحسين عليه السلام.
عن الامام الباقر(ع)، قال: كان علي بن الحسين عليهما السلام يقول: أيُّما مؤمن دمعت عيناه لقتل الحسين بن علي دمعة حتى تسيل على خدِّه بوّأه الله بها في الجنة غرفاً يسكنها أحقاباً. وأيما مؤمن دمعت عيناه دمعاً حتى يسيل على خده لأذى مسَّنا من عدوِّنا في الدنيا بوّأه الله مبوّأ صدق ٍ في الجنة. وأيما مؤمن مسَّه أذى فينا فدمعت عيناه حتى يسيل دمعه على خده - من مضاضة ما أوذي فينا - صرف الله عن وجهه الاذى وآمنه يوم القيامة من سخطه والنار. من كتاب كامل الزيارات.
ترنِّحه احزان كربلاء... فيفيض قلبه على لسانه شعراً يموج حزناً وغيرة. إنه المرجع العالم الاديب الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء رضوان الله تعالى عليه:
خذوا الماء من عيني، والنار من قلبي
ولا تحملوا للبرق منّاً ولا للسحب ِ
ولا تحسبوا نيران وجدي تنطفي
بطوفان ذاك المدمع السافح الغَرب ِ
رزاياكم يا آل بيت محمد ٍ
أغصُّ لذكراهنّ بالمنهل العذب ِ
عمىً لعيون لا تفيض دموعها
عليكم وقد فاضت دماكم على الترب ِ
وتعساً لقلب لا يمزقه الاسى
فوا حرّتا قلبي، وتلكم حشاشتي
تطير شظاياها بـ(وأحرتا قلبي)
أأنسى بأطراف الرماح رؤوسكم
تطلّع كالاقمار في النجم الاشهب؟!
أأنسى طراد الخيل فوق جسومكم
وما وطئتْ من موضع الطعن والضرب؟!
أأنسى دماء قد سُفكن، وأدمعاً
سُكبن، وأحراراً هُتكن من الحجب ِ؟!
أأنسى بيوتاً قد نُهبن، ونسوةً
سُلبن، وأكباداً أذبن من الرعب ِ؟!
أأنسى اقتحام الظالمين بيوتكم
تروّع آل الله بالضرب والنهب؟!
أأنسى اضطرام النار فيها،ومابها
سوى صبية ٍ فرّت مذعَّرة السِّرب ِ؟!
أأنسى لكم في عرصة الطف موقفاً
على الهُضب ِ، كنتم فيه أرسى من الهضب؟!
تشاطرتم فيه رجالاً ونسوة ٍ
ـ على قلة الانصار ـ فادحة الخطب ِ
فأنتم به للقتل والنِّبل والقنا
ونسوتكم للاسر والسَّبي والسَّلب!
وإنْ نازعتها الحليَ فالسوط كم له
على عضديها من سوار ٍ ومن قلبِ!
وإن جذبت عنها البراقع جُدِّدت ْ
براقع تعلوهنَّ حمراً من الضرب ِ!
وإن سُلبت منها المقانع قنِّعَتْ
- إذا بثت الشكوى عن السلب ـ بالسَّبِّ!
وثاكلة حنّت... فما العيسُ في الفلا
وناحت... فما الورقاءُ في الغصن الرطب ِ
تروّي الثرا بالدمع، والقلب نارُهُ
تشُبُّ، وقد يخطي الحيا موضع الجدب ِ
تُثير على وجه الثرى من حُماتها
ليوث وغىً، لكنْ مُوسَّدة الترب ِ
فكم غرّة ٍ فوق الرماح، وحرة ٍ
لآل رسول الله سيقت على النُّجب ِ!
وكم من يتيم موثق ليتيمة ٍ
ومسبية في الحبل شُدَّت الى مسبي!
بني الحسب الوضّاح والنسب الذي
تعالى، فأضحى قاب قوسين للربِّ
إذا عُدَّت الانساب فخراً أوغدت
تطاول بالانساب سيارة الشُّهب ِ
فما نسبي الا انتسابي اليكم ُ
وما حَسَبي إلا ّ بأنكمُ حسبي