تحدث الامام الصادق عليه السلام لمسمع بن كردين عن فضل الحزن على الحسين سلام الله عليه وعن العين المرحومة الذارفة دموعها على مصاب سيد الشهداء. وكان فيما قال له من حديث طويل:
الحمد لله الذي فضلنا على خلقه بالرحمة، وخصّنا اهل البيت بالرحمة. يا مسمع، إنّ الارض والسماء لتبكيث ـ منذ قتل أمير المؤمنين ـ رحمة ً لنا، وما بكى لنا من الملائكة أكثر. وما رقأت دموع الملائكة منذ قتلنا. وما بكى أحد رحمة لنا ولما لقينا ألا ّ رحمه الله قبل أن تخرج الدمعة من عينه. فاذا سال دموعه على خده.. فلو ان قطرة من دموعه سقطت في جهنم لأطفأت حرَّها، حتى لا يوجد لها حرّ.
في قصيدته الرائية العالية.. يواصل الشاعر كاظم الازري من القرن الثاني عشر، بث أساه على واقعة عاشوراء، مجذوبا ً بعظمة سيد الشهداء وأهل بيته الاطهار سلام الله عليهم. إنّ العلو والهيبة والشجاعة الفريدة والمعاني الملكوتية هي ما يهيمن على حسّ الشاعر، فيرسم احاسيسه القدسية بالكلمات:
يا من تساق المنايا طوع راحته
موقوفة بين أمريه: خذي وذري
لله رمحك إذ ناجى نفوسهم
بصادق الطعن، دون الكاذب الاشر ِ
حتى دعتك من الاقدار داعية
الى جوار عزيز الملك مُقتدر ِ
فكنت أسرع من لبى لدعوته
حاشاك من فشل ٍ عنها ومن خور ِ
وحق آبائك الغُرِّ الذين هم
على جباه العلى أنقى من الغُرر ِ
لولا ذمام بينك الزُّهر ما اعتصرتْ
خمر الغمام، ولا دارت على الزهر ِ
قد كنت في مشرق الدنيا ومغربها
كـ(الحمد) لم تُغني عنها سائر السُّور ِ
شمائل إن بكتها كلُّ مكرمة ٍ
فحقُّ للروض أن يبكي على المطر ِ
رزء إذ اعتبرته الشمس فانكسفت
فمثله العبرة الكبرى لمعتبر ِ
وإن بكى القمر الا على لمصرعه
فما بكى قمر إلا ّ على القمر ِ
لا درَّ درُّك يا وادي الطفوف، أما
راعيت احمد، أو أوقات منتظر ِ؟!
وكيف أنسى لهم فيها أصيبية ً
بباترات الصدى مبتورة العُمُر ِ؟!
يا ابن النبيي، ماللعلم من وطن ٍ
إلا ّ لديك، وما للحلم من وطَر ِِ
إن يقتلوك فلا عن فقْد ِ معرفة ٍ
الشمس معروفة بالعين والأثر ِ
أي المحاجر لا يبكي عليك دماً
أبكيت والله حتى محجر الحجر ِ
يا دهرُ، مالك تفذي كلَّ رائقة ٍ
وتُنزل القمر الاعلى الى الحفر ِ؟!
جررت آل علي بالقيود، فهل
للقوم عندك ذنب غير مُغتفر ِ؟!
ماللمكارم قد حُلت قلائدها
فانحط منحدر في اثر منحدر؟!
لهفي لرأسك.. والخطار يرفعه
قسراً، فيُطرق رأس المجد والخطر ِ
من المُعزّي نبي الله في ملأ ٍ
كانوا بمنزلة الارواح ِ للصُّور ِ؟!
أنى تُصاب مرامي الخير بعدهمُ
والقوس خالية من ذلك الوتر ِ؟!
بني أمية َ، إنْ ثارت كلابُكم
فإنّ للثأر ليثاً من بني مُضر ِ
سيف من الله لم تفلل مضاربهُ
يبري الذي هو من دين الاله بري
كم حرّة ٍهُتِّكت فيكم لفاطمة ٍ
وكم دم ٍ عندكم للمصطفى هَدر ِ
أين المفرُّ ـ بني سفيان ـ من أسد
لو صاح بالفلك الدوار لم يدُر ِ؟!
وينزل الملأ الاعلى لخدمته
موصولة زُمَرُ الاملاك بالزُّمَر ِ