البث المباشر

شرح فقرة: يا أجل مشكور شكر

الثلاثاء 3 سبتمبر 2019 - 14:05 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " يا أجل مشكور شكر " من دعاء الجوشن الكبير.

 

نتابع حديثنا عن الادعية المباركة ومنها دعاء الجوشن الكبير، حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه ونحدثك الآن عن أحد مقاطعه الذي ورد فيه: (يا أجل مشكور شكر، يا أعز مذكور ذكر، يا أعلي محمود حمد، ...)، والآن نقف عند عبارة (يا أجل مشكور شكر)، فماذا نستلهم منها؟
هذه العبارة وماسبقتها وما تلتها من العبارات تخضع لصياغة بلاغية خاصة هي: خضوع المقطع في عباراته جميعاً الي عنصر التفضيل في عرض مظاهر عظمة الله تعالي، وقد حدثناك عن هذا الجانب سابقاً، ويعنينا الآن ان نشير ونكرر بأن مقطع الدعاء عندما يقول النص (يا أرحم الراحمين) لا يعني ذلك وجود مقارنة بين متكافئين في المظهر أو السمة، بل لا مظهر سوي ما نجده عند الله تعالي، كل ما في الامر أن المقارنة بين الله تعالي وبين العبد مثلاً هي: مجرد تذكير للعبد بأن الله تعالي وليس العبد هو: صاحب الفاعلية، فالرحمة اساساً هي من الله تعالي مثلاً، وعندما يهب تعالي قسطاً من الرحمة لعباده، ويطالبهم بممارستها فيما بينهم، إنما هي من الله تعالي ولا يمتلك العبد أية قدرة ذاتية في ذلك: كما هو واضح. والآن لنعد بعد هذه التذكرة المكررة الي عبارة الدعاء وهي (يا أجل مشكور شُكر)، فماذا نستخلص منها؟
عندما يقدم لك احدهم خدمة ما، فلا بد وأن تشكر علي ذلك لأن الله تعالي يقرر بأن من لم يشكر المخلوق لم يشكر الخالق، ولكن عندما نشكر العبد هل يمكنك ان تقارن بما ينبغي عليك من الشكر لله تعالي؟ 
كلا، اذن مادام الله تعالي هو المصدر لكل شيء أو عطاء، حينئذ فأنه تعالي يظل اجّلُ مشكور، أي أعظم وأخطر وأهم من يجب علينا أن نشكره، لأن العطاء كله، وحتي بواسطة العبد - أنّما هو من الله تعالي.
بعد ذلك نواجه عبارة (يا أعز مذكور ذكر)، فماذا نستلهم منها؟
الذكر هو مصطلح يتداعي الذهن من خلاله الي الله تعالي من حيث الوظيفة العبادية للإنسان فيذكره لله تعالي، تبعاً لمطالبته تعالي بأن نذكره.
وقد قال تعالي «اذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ»، وهي عبارة لا يدرك دلالتها الا مَنْ وهبه الله تعالي قابلية الادراك بعظمة هذه العبارة.
تري هل ثمة طموح للعبد اكثر من التطلع الي أن يلتفت اليه تعالي ويذكره؟ هذا من جانب ومن جانب آخر، إن الذكر أو الورد أو الدعاء، ومنها ممارسة الواجب والمندوب وترك الحرام والمكروه من الاعمال، ومنها: أن نستحضر مفهوم الشكر مثلاً لله تعالي عندما نتناول الطعام ونقول لفظاً أو مناً: الحمد لله الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ، وهكذا بالنسبة الي مئات الاستحضارات لنعم الله تعالي.
والآن مع ملاحظتنا لهذه الانماط من الذكر، نقف عند عبارة (يا أعز مذكور ذكر). فماذا نستخلص منها؟ 
واضح أننا عندما نذكره تعالي إنما نعتز بذلك بنحو لا يمكن أن نقارنه بأعتزاز آخر لأي مخلوق إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا، فلا معني أن نعتز بسواه البتة، والعزيز هو ما لا يوجد سواه أو ما يندر سواه، ولذلك فإن الله تعالي مادام هو المتفرد في عظمته، في وجوده، في عطائاته، حينئذ فإن المتفرد ايضاً في عزته، حيث يتعين علي العبد أن يدرك دلالة هذه العبارة (يا أعز مذكور)، بصفة أن ذكرنا لله تعالي سواء أكان لفظياً أو قلبياً، وسواء كان في نطاق التذكر لعطائاته أو ممارستنا للمباديء التي أمرنا الله تعالي بالالتزام بها، أولئك جميعاً تجسد (ذكراً) ولا ذكر أعز منه، انه ذكر الله تعالي حيث لا فاعلية لغير الله تعالي.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة