البث المباشر

شرح فقرة: يا من لا تحصي العباد نعمه

الإثنين 19 أغسطس 2019 - 15:29 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " يا من لا تحصي العباد نعمه " من دعاء الجوشن الكبير.

 

لا نزال نحدثك عن الأدعية المباركة ومنها دعاء (الجوشن الكبير)، حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه، ونحدثك الآن عن احد مقاطعه الذي ورد فيه: (يا من لا تحصي العباد نعمه، يا من لا تبلغ الخلائق شكره، يا من لا تدرك الاوهام جلاله، ...). 
ان هذه العبارات امتداد لعبارات سابقة حيث تتناول مختلف مظاهره تعالي، ومنها: عبارة (يا من لا يحصي العباد نعمه) وهي عبارة تتحدث عن نعمه تعالي مشيرة بذلك الي نعمه التي لا يمكن ان يحصيها العادّون، وهي عبارة مقتبسة من القرآن الكريم في ذهابها الي ان نعمه تعالي لا تحصي متمثلة في الآية الكريمة «وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا»، وفعلاً لو أراد الانسان ان يحصي ذلك بدء من ولادته مرورا بنشأته وانتهاء برحيله الي الله تعالي، تظل النعم من السعة بمكان لا تحصي مسافته. 
بعد ذلك نواجه عبارة (يا من لا تبلغ الخلائق شكره) وهذه العبارة امتداد لسابقتها، من حيث تجانسهما، فالنعم اذا كانت غير قابلة للاحصاء، فان الشكر عليها من العبد لا يبلغ مداه المطلوب اي: ان كان بعد نعمة شكرها فحينئذ مادامت النعم غير محدودة كذلك شكرنا عليها غير محدود. فما أحرانا ان نعترف بعجزنا عن الشكر ولكن في الآن ذاته أن نقّر بان شكرنا لله تعالي يحتاج الي شكر ايضاً: كما ورد ذلك في احاديث المعصومين (عليهم السلام). 
بعد ذلك نواجه عبارة (يا من لا تدرك الافهام جلاله) هذه العبارة تتحدث عن عظمة الله تعالي من حيث الصفات الكلية لله تعالي، وان كان هناك تصنيف لخط الصفات الجلالية والجمالية، حيث يقصد باولاها: الصفات الدالة علي كمال الله تعالي في العلم والارادة والقدرة الخ. ويقصد بالاخري: الصفات التي يجل تعالي عن الوصف بها الا ان هذا المصطلح هو: كلام فلسفي بينما المقصود من (الجلال) في الدعاء هو العظمة الالهية بنحو عام والمهم هو: ان العبارة تشير الي ان الافهام البشرية وغيرها تعجز عن الادراك لعظمته التي لا حدود لتصورها. 
من هنا نجد ان هذه العبارة سوف تتجانس مع لاحقتها القائلة (يا من لا تدرك الاوهام كنهه)، فكما لاحظنا ان النعم والشكر عليها تتجانسان في العبارتين القائلتين: (يا من لا تحصي العباد نعمه) وعبارة (يا من لا تبلغ الخلائق شكره) كذلك تتجانس عبارة(يا من لا تدرك الافهام جلاله) مع عبارة (يا من لا تدرك الاوهام كنهه) حيث ان العبارة الاولي تتحدث عن عجزنا عن ادراك عظمته تعالي بينما تتحدث الثانية عن عجزنا عن ادراك كنهه من خلال عنصر التخيل، وهذا الفارق بين (الافهام) و (الاوهام)يحتاج الي توضيح.
(الفهم) هو الادراك الفكري للشيء وامّا (الوهم) فهو الادراك (التخيلي) للشيء اي: ان الشخصية عندما تفهم الشيء فانما يتحقق ذلك بواسطة الادراك الحسي او المعنوي، ولكن عندما (تتخيل) الشيء، فانما تسمح للخيال بان يركب ويحلل، اي يتناول ما هو (التجريدي) غير القابل لما هو (واقعي)، من هنا، فان العبارة القائلة: (يا من لا تدرك الاوهام كنهه) تعني: ان الانسان مهما سمح لخياله بالتحليق لادراك كنه الله تعالي لا يمكنه ذلك، وكذلك عبارة (يا من لا تدرك الافهام جلاله) تعني: ان الانسان حتي لو استخدم قواة الادراكية غير التخيلية: لا يستطيع ان يدرك ويفهم عظمة الله تعالي. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة