البث المباشر

شرح فقرة: يا عالي، يا باقي

الأحد 18 أغسطس 2019 - 11:20 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " يا عالي، يا باقي " من دعاء الجوشن الكبير.

 

نتابع حديثنا عن الادعية المباركة، ومنها: دعاء الجوشن الكبير، حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه، ونحدثك الآن عن احد مقاطعه الذي ورد فيه: (يا عالي، يا باقي، ...) حيث يُختم بهاتين الصفتين مقطع الدعاء.
والسؤال هو: ماذا نستلهم من المظهرين المتقدمين؟ 
المظهر الاول: هو: (يا عالي) وهو صفة لا نحسب ان احداً منا يجهل دلالته الاجمالية، ولكن الموقف يتطلب شيئاً من التفصيل، فنقول: ان الله تعالى (عالٍ) في شتى تصوراتنا لكلمة العلوّ، انه تعالى (عالٍ) قبالة ما هو (دانٍ) من الظواهر، الا ان هذه الدلالة تكتسب معنى او نكتة دلالية يجدر بنا ان نستحضرها في الذهن، وهي: ان النصوص الشرعية طالما تشير الى ان الله تعالى (عالٍ)، ولكنه بالنسبة الى دعاء عبده (دانٍ) منه، يستجيب لدعائه، وهذا ما تعبر عنه فقرة (يا دانياً في علوه)، بمعنى انه (عالٍ) في عظمة وجوده، و (دانٍ) من عبده، يسمع نجاواه، والعكس هو الجدير بملاحظته.
اي ما تعبر عنه فقرة (يا عالياً في دنوه)، اي: انه تعالى دانٍ يستجيب لعبده في نفس الوقت الذي هو عالٍ في عظمة وجوده. 
ثمة استخلاص آحر من ظاهرة (العلو)، الا وهي أنه عال او منزه او مرتفع عن اخاذ الانداد والاشباه وسائر ما يمكن صدوره من المنحرفين: مشركين وجهلة ونحوهما، وهذا ما تنطق به فقرات كثيرة في النصوص الشرعية مثل «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ»، فيكون (عالٍ) بمعنى (تعالى) كما هو واضح. 
اخيراً، نواجه عبارة (يا باقي)، وهي عبارة مع وضوحها تتطلب قدراً من التوضيح فنقول: البقاء ـ كما يصوره المعنيون بصفاته تعالى ـ نمطان، احدهما: البقاء بمعنى استمرارية الشيء بعد وجوده، والآخر: وجوده غير المسبوق بعدم، والاول ـ كما استخلصه شراح صفاته تعالى ـ يُطلق عليه مصطلح الابدي غير الزائل مثلاً كمخلوقات الله تعالى التي يجعلها مستمرة البقاء: ومنه المواقع الاخروية لعباده، حيث يخلدون فيها.
واما النمط الآخر ـ اي البقاء ـ فهو الازلي حيث استخلص شراح صفاته تعالى بان (الباقي) يطلق على ازليته تعالى، اي: انه تعالى موجود غير مسبوق بعدم ولا يلحقه عدم، انه اللامحدود والمطلق واللامتناهي.
بعد ذلك نواجه مقطعاً جديداً من مقاطع دعاء الجوشن الكبير، يبدأ بما يأتي: (يا من كل شيء خاضع له، يا من كل شيء خاشع له،...). 
والسؤال المهم الآن هو: ما هو الفارق بين الخضوع وبين الخشوع؟ هذا اولاً.
ثانياً: يتعين علنا ان نذكرك ببلاغة الدعاء وبتنوع اساليب عرضه، حيث لاحظنا ان المقطع السابق يتسم بمفرديته اي: بصفة واحدة مثل (يا عالي، يا باقي،...)، والمقطع الاسبق يتسم بتركيبة عباراته مثل (يا من هو في عهده وفي، يا من هو في وفائه قويّ)، حيث تتفرع الكلمات لتشكل مظاهر يترتب احدهما على الآخر: كترتب الوفاء على العهد، وترتب القوة على الوفاء.
واما المقطع الحالي فيتسم ببلاغة تركيبية اخرى هي تماثل العبارات في تركيباتها المتكررة من حيث الصياغة ومن حيث الدلالة، وهي عبارات (يا من كل شيء خاضع له، يا من كل شيء خاشع له، يا من كل شيء كائن له...) حيث تتكرر عبارات (يا من كل شيء ). 
المهم، خارجاً عن الاساليب المتقدمة وغيرها من الاساليب التي ذكرناها في حينه، ونذكرها لاحقاً ان شاء الله تعالى، يعنينا ان نوضح الفارق بين عبارتين متجانستين وردتا في المقطع وهما: (يا من كل شيء خاضع له)، و (يا من كل شي خاشع له)، وهذا ما نحدثك عنه لاحقاً ان شاء الله تعالى. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة