البث المباشر

شرح فقرة: يا من هو في قوته علي

الأحد 18 أغسطس 2019 - 09:53 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: "يا من هو في قوته علي" من دعاء الجوشن الكبير.

 

لا نزال نحدثك عن الادعية المباركة، ومنها الدعاء الموسوم بـ (الجوشن الكبير) حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه، ونحدثك الان عن احد مقاطعه الذي ورد فيه: (يا من هو في عهده وفي، يا من هو في وفائه قويّ). 
ان هاتين العبارتين حدثناك عنها سابقاً، وقلنا: ان المقطع الذي نتحدث عنه له خصوصية بلاغية هي: ان كل صفة ترد في العبارة، تتفرع عنها صفة اخرى، حيث تحدثت العبارة الاولى عن عهد الله تعالى، ووصفته بان الله تعالى (وفيّ) في عهده، ثم وصفت الوفاء بانه (قوي)، وها هي تصف (القوة) بانها علية، او لنقل ـ كما ورد في الدعاء ـ (يا من في قوته عليّ). فماذا نستلهم من العبارة الاخيرة؟ 
ان قارئ الدعاء قد يتساءل قائلاً: ان الله تعالى قويّ، وهذا هو واضح، ولكن صفة (عليّ) ماذا تعني بالنسبة الى قوة الله تعالى؟ 
الجواب: ان القوة بنحو عام ـ في التجربة البشرية ـ تتفاوت في درجتها ـ كما هو واضح ـ ولكن القوة العليا عند الله تعالى مطلقة مثل سائر صفاته لا حدود لها، والعلو هنا يعني: الهيمنة المطلقة لان العالي يعني ما هو فوق كل شيء، ولذلك وردت العبارة الآتية بعد ذلك تقول (يا من هو في علوه قريب)، وهذا ما ينطوي على نكتة في غاية الاهمية، يجدر بنا ان نحدثك عنها الآن. 
ان عبارة (يا من هو في علوه قريب)، تعني انه تعالى مع كونه هو (العليّ)، فانه تعالى (قريب) من دعوة الداعي، فالبعد والقرب هنا يتقابلان ليعنيا ان الله تعالى (وَهُوَ الْقَوِيُّ العليّ)، يظل من عباده (قريباً) منهم، يستمدون من قوته تعالى آمالهم، ويعتبرونها متحققة (قريبة) من اصواتهم الداعية: كما هو واضح. 
بعد ذلك تجئ العبارة التي تتفرع من (القرب) من الله تعالى، فتقول (يا من هو في قربه لطيف). فماذا نستخلص منها؟ 
الجواب: اللطف ـ كما سبقت الاشارة اليه في لقاءات متقدمة ـ هو احد مصاديق الرحمة الالهية، متمثلاً في ما هو: رقة في التعامل مع العبد، والرقة تعني: مراعاة مشاعر العبد في ادق حالاتها: كما هو مبيّن. 
والآن اذا كان الله تعالى في تعامله لطيف بعباده فكيف نتصور نمط ذلك اللطف؟ 
يقول النص: (يا من في لطفه شريف). والسؤال الجديد هو: ماذا تعني صفة (شريف) بالنسبة الى لطف الله تعالى؟ 
(الشرف) ـ في التجربة البشرية ـ علو المهمة والحسب والنسب ـ اما بالنسبة الى الله تعالى فان (الشرف) يأخذ دلالته الازلية والمطلقة فيما يعني: المجد في نهاية تصوراتنا غير المحدودة له، من هنا، فان الله تعالى عندما نقول بانه في تعامله اللطيف مع عباده (شريف)، فهذا يعني: ان اللطف او الرقة في التعامل مع العبد نابعة من عظمة الله تعالى في مجده المتفرد، انه لطف العالي بالداني، لطف الله تعالى بعباده. 
بعد ذلك تجئ العبارة المتفرعة من (الشرف) فتقول: (يا من هو في شرفه عزيز) ونسأل: ماذا نستلهم من العبارة؟ 
ان (العزة) سبق ان حدثناك عنها، حيث تعني المنيع الذي لا يغالب، اي: لا امكانية ان نتصور قوياً ينازع منعة او قوة الطرف الآخر، وبالنسبة الى الله تعالى، فان الصفة المتقدمة تعني: ان الله تعالى متفرد في منعته وقوته وغيره. 
بحيث لا وجود لمماثل له ينازعه في ذلك والنتيجة هي انه تعالى (شريف) وانه في شرفه او مجده: ذو منعة لا يغالبها احد البتة، انه متفرد في ذلك، يمتنع وجود المماثل له. 
بعد ذلك نواجه ثلاث صفات متفرعة، هي: (يا من هو في عزه عظيم، يا من هو في عظمته مجيد، يا من هو في مجده حميد). هذه السمات او المظاهر الالهية التي فرع الدعاء كلاً منها من الآخر، اي: العظمة والمجد والحمد، نحدثك عنها في لقاء لا حق ان شاء الله تعالى. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة