البث المباشر

شرح فقرة: يا ذا الحكمة البالغة

الأحد 11 أغسطس 2019 - 15:30 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " يا ذا الحكمة البالغة " من دعاء الجوشن الكبير.

 

نواصل حديثنا عن الادعية المباركة، ومنها: الدعاء الموسوم بـ (الجوشن الكبير)، حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه، ونحدثك الان عن احد مقاطعه، حيث ورد فيه: (يا ذا الحكمة البالغة، يا ذا القدرة الكاملة، يا ذا الحجة القاطعة...)، هذه العبارات وما قبلها وما بعدها تتناسق في دلالاتها المشيرة الى ما هو نهائي في الامر، ومنه (القران الكريم) مثلاً حيث عبر الدعاء عنه بـ (الحكمة البالغة) في عبارة (يا ذا الحكمة البالغة)، وقد وردت هذه العبارة في سورة القمر، واشار المفسرون الى انها تعني ان القرآن هو الغاية والنهاية في عرضه للمبادئ التي يستهدفها الله تعالى توصيلها الى الاخرين.
المهم، ان الدعاء قد استثمر هذه العبارة القرآنية، وجعلها (تضميننا) او (تناصاً) او (اقتباسا) للتعبير في احد مظاهر عظمة الله تعالى.
ونتجه الى العبارة الاخرى وهي: (يا ذا القدرة الكاملة)، فماذا نستخلص منها؟ 
واضح، كما ان (الحكمة) هي بالغة في غايتها ونهايتها، كذلك (قدرته) تعالى، انها كاملة لاقدرة تماثلها، انها مطلقة لاحدود لها. 
ولعلك تسال عن الصلة بين الحكمة البالغة وبين القدرة الكاملة، حيث نجيبك عن ذلك بان الخير والقدرة لا تنفصم احداهما عن الاخرى، فكما انه تعالى خير محض فانه تعالى قدرة كذلك، مما يعني ان قدرته تعالى هي خير وليست كالقدرات المحدودة لقوى مخلوقاته تستخدمها لما ليس هو خير وكما هو طابع البشر المنحرف عن مبادئ الله تعالى.
بعد ذلك نواجه عبارة (يا ذا الحجة القاطعة)، فماذا نستلهم منها؟
في البداية نشير الى تجانس هذه العبارة مع سابقتها في كونها تجسد ما هو النهاية والغاية، حيث ان عبارة (القاطعة) في فقرة (يا ذا الحجة القاطعة) تعني النهاية في الحسم للامر اي: تقطع كل طريق او كل ما يقف في طريق الحق، واما الحجة فان دلالتها من الوضوح بمكان، حيث ان الله تعالى قدم لنا المبادئ وطالبنا بممارستها، والقى علينا الحجة على ذلك بحيث لانملك عذرا في عدم وصول المبادئ الينا.
ونواجه عبارة جديدة وهي (يا ذا الكرامة الظاهرة)، فماذا نستلهم منها؟ 
هذه العبارة تتخذ منحاً آخر يتجانس مع السابق، ولكنه ـ كما قلنا دلالة جديدة تتصل باحد مظاهر عظمته تعالى الا وهو (الكرامة) فماذا تعني؟ ان القرآن الكريم اوضح لنا هذه الجانب، حينما ذكر ذلك بقوله تعالى: «وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ... »، انه تعالى(كَرَّمْنَا) في خلقه ايانا، وفضلنا على كثير مما خلق تفضيلاً، وهذا هو نص العبارة الدالة على هذا المعنى، واما الصفة المترتبة على(الكرامة) المذكورة، فهي عبارة (الظاهرة)، اي: ان الله تعالى عندما كرمنا كل التكريم واسجد الملائكة لآدم (عليه السلام)، وعندما ذكر بانه تعالى ارسل او انزل كتابا ً فيه ذكرنا ـ نحن البشرـ طلب لنا ان نعقل ذلك قائلاً: «أَفَلاَ تَعْقِلُونَ؟». 
اذن، تكريم الله تعالى ايانا ظاهر وواضح (كما عبرت الفقرة عن ذلك بعبارة يا ذا الكرامة الظاهرة). 
بعدها نواجه عبارات عن نحو: (يا ذا العزّة الدائمة، يا ذا القوة المتينة، يا ذا العظمة المنيعة)، حيث ينتهي بها المقطع الثالث والعشرون من الدعاء البالغ (۱۰۰) مقطع، وهي عبارات متجانسة في دلالاتها الجديدة، حيث نحدثك عنها لاحقا ً انشاء الله تعالى. 
ختاماً نسأله تعالى ان يوفقنا الى ممارسة الطاعة، والتصاعد بها الى النحو المطلوب. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة