البث المباشر

شرح فقرة: "اللهم واغفر لنا مغفرة جزماً، ...".

الثلاثاء 6 أغسطس 2019 - 08:34 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " اللهم واغفر لنا مغفرة جزماً " من أدعية الزهراء (سلام الله عليها).

 

نتابع حديثنا عن ادعية الزهراء (عليها السلام)، ومن ذلك دعاؤها في يوم الجمعة، حيث ورد فيه: (اللهم صل على محمد وآل محمد، واغفر لنا مغفرة جزماً حتماً، لا نقترف بعدها ذنباً، ولا نكتسب خطيئة ولا اثماً) . هذا المقطع من الدعاء، يتضمن جملة نكات دلالية، منها: استخدامه لثلاثة مصطلحات متماثلة او لنقل متشابهة هي: الذنب ، الخطيئة ، الاثم ، حيث يعتبرها غير المتخصصين في اللغة مترادفة في معانيها، بينما هي ليست كذلك، بل هي من المشتركات والمتفاوتات ايضاً في آن واحد. ومن ذلك التاكيد على المغفرة بشكل يبدو كأنه خارج عن المألوف، بينما هو ليس كذلك. بالاضافة الى استخدام كلمات وصفية للذنب، والخطيئة، والاثم بما يتفاوت فيما بينها بحسب تفاوت الموصوف، وهي: كلمتا (لا نقترف ذنباً) و (لا نكتسب خطيئة ولا اثماً) ، والان الى تفصيل الكلام. نبدأ بالحديث اولا عن عبارة: (اغفر لنا مغفرة جزماً حتماً) ، ونتساءل: ماذا تعني؟ ان المألوف في الادعية ان نتوسل بالله تعالى بان يغفر ذنوبنا، الاّ ان اقتران التوسل بعبارتي (الجزم) و (الحتم) مما لا يتكرر في الادعية، ولذلك نتساءل: ماذا نستلهم من العبارة (الجزم) والعبارة (الحتم) ؟
الجواب: في تصورنا ان معرفتنا بسعة رحمته تعالى وهي بلا حدود تسمح لنا بان نتوسل بالله تعالى بان تسع رحمته غير المحدوده ذنوبنا بحيث نتصور حدوث ذلك على نحو (الجزم) اولاً: وهو المقطع بتحقيق الشيء دون رجعة، واما (الحتم) فيعني: ما هو امر، لا بداء فيه، فتكون الحصيلة هي: ان الله تعالى يغفر لنا مغفرة لا تقترن بالتردد، وان يكون ذلك على نحو لا بداء فيه، وهذا هو منتهى الثقة بالله تعالى (اللهم اجعلنا كذلك). واما الفارق بين الاثم ، و الخطيئة ، و الذنب فيمكن توضيحه على النحو الاتي:(الذنب) هو المصطلح العام الذي ينسحب على مطلق صدور المفارقة من العبد، بغض النظر عن حجم المفارقة او نوعها الخ. واما الفارق بين (الخطيئة) وبين (الاثم) ، فيمكننا ان نتصوره وفقا لمبادئ اللغة على النحو الاتي: بالنسبة الى (الخطيئة) نواجه جملة دلالات، منها: الخطيئة : ما كانت بين الله تعالى والعبد، الخطيئة هي السيئة الكبيرة، الخطيئة ما حدثت بالعرض: لانها من الخطأ كما لو رمى طيراً فاصاب الانسان مثلاً. واما (الاثم) فهو: التقصير، وبذلك يفترق عن الذنب الذي هو مطلق المفارقة، ان الاول تترتب التبعة عليه، بينما الذنب قد لا تترتب التبعة عليه، كما لو اذنب القاصر وليس المقصّر، والفارق واضح. اخيراً ينبغي ان نتساءل قائلين: لماذا قال النص: (لا نقترف ذنباً) ، بينما قال: (لا نكتسب خطيئة) ؟
الجواب: بما ان الذنب هو مطلق المفارقة، حينئذ يتساوق مع مصطلح (يقترف) لانه يعني: يمارس المفارقة، اي: يعملها، اما (يكتسب) فمعناه: الحصول على الشيء وهو: ظاهرة سلبية متكررة بحيث تتجمع لدى المكتسب. لذلك طلب الدعاء بالاّ يصدر منا القبح، سواء كان عابراً او استمرارياً. اذن امكننا ان نتبين جانبا سريعاً من الفوارق التي لاحظناها بين انماط السلوك السلبي شرعياً، وبين ما يقترن بها من الاساليب وهو ما يحرص عليه العبد الملتزم بمبادئ الله تعالى. سائلين الله تعالى ان يوفقنا الى ممارسة الطاعة، والتصاعد بها الى النحو المطلوب.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة