والتَّواضع هو من القِيَم الإسلاميَّة والإنسانيَّة التي تتحرّك على أساس أن تعيش إنسانيَّتك مع إنسانيَّة الآخر، فكما تريد للآخر أن يحفظ لك إنسانيَّتك، فعليك أن تحفظ له إنسانيَّته.
فقال الإمام الرضا (ع): "أن تعطيَ النَّاسَ من نفسِكَ ما تحبُّ أن يعطوكَ مثلَه"، فكيف تحبّ للنَّاس أن يتعاملوا معك؛ هل تحبّ أن يتكبّروا عليك، هل تحبّ أن يضطهدوك، هل تحبّ أن يهملوا إنسانيَّتك...؟!.
إنّ التواضع هو أن تعطي النَّاس ما تحبّ أن يعطيك النَّاس. وإذا فكَّرت في المسألة في العمق، فسوف تكون إنساناً لا يعيش مع النَّاس في خيلاء الذَّات، ولا في تكبّر العنفوان، ولا يعيش مع النَّاس في أنانيَّة النفس، ولا يعيش معهم في إهمال قضاياهم ومصالحهم، عند ذلك، يتعايش الإنسان مع الإنسان ليحبَّ لأخيه ما يحبُّ لنفسه، ويكره له ما يكره لها.
إنَّك لن تكون متواضعاً إذا لم تعش هذه الروحيَّة في مشاعرك وأحاسيسك، ولن تكون متواضعاً إذا لم تعش هذه الذهنيَّة في وجدانك وفكرك، وهي أن يكون فكرك إنسانياً منفتحاً على الإنسان الآخر؛ يتألّم له، ويفرح له، وينفتح عليه في كلِّ قضاياه.
قال ابن الجهم ـــ وهذه نقطة ذاتيَّة ـــ: "جعلتُ فداك، أشتهي أن أعلم كيف أنا عندك"، وما هي منزلتي لديك، وما هي مشاعرك تجاهي، فقال (ع): "أنظر كيف أنا عندك" .
فإذا أردت أن تعرف منزلتك عند شخص في انفتاحه الإنساني عليك، فحاول أن تدرس كيف هي مشاعرك تجاهه، لأنَّ المشاعر تنفتح على منطقة الشعور لدى الآخر. وقد عالجها الإمام عليّ (ع) في الاتجاه السلبي الَّذي يعيشه الإنسان حيال الآخر، وذلك عندما قال: "احصد الشرّ من صدر غيرك بقلعه من صدرك" .
السيد محمد حسين فضل الله