البث المباشر

شرح فقرة: "أغنني عن خلقك بك، …"

الإثنين 29 يوليو 2019 - 08:56 بتوقيت طهران

لانزال نحدثك عن الأدعية المباركة، ومنها دعاء الامام المهدي (عليه السلام)، الخاص بقراءته يوم عاشوراء، حيث حدثناك عن مقاطع متنوعة منه، ونحدثك الآن عن احد مقاطع الذي انتهينا منه الى فقرة تتحدث عن العلاقة بين الله وعبده بالنسبة الى مطلق الحاجات ان يختم ذلك بالفقرة الآتية: (فصل على محمد وآل محمد، واغنني عن خلقك بك، واجعلني ممن لا يبسط كفّاً الاّ اليك). والآن الى تفصيل الحديث عن النص المتقدم.
نلفت النظر الى هذا النص، ونذكر باننا تحدثنا في لقاء سابق عن حرص الدعاء على جعلنا نتجه الى الله في قضاء حاجاتنا دون الآخرين من خلقه، واوضحنا جانباً من هذا الموضوع. اما الآن فنلفت نظرك الى هذا النص في فقرته القائلة: (اللهم صلّ على محمد وآل محمد واغنني عن خلقك بك)، فماذا نستلهم منها؟
في لقاء سابق قلنا: ان بعض النصوص الشرعية تطالبنا بأن نسأله تعالى ان يغنينا عن شرار خلقه، اما الأخيار فلا بد من الإستعانه بعد الله بهم، لأن الله سخّر البعض للبعض الآخر: تحقيقاً للتوازن الإجتماعي، لكن بما ان الخلق محدود القدرات، حينئذ فان التوجّه الى الله وحده هو الخيار الوحيد للإنسان من هنا قال النص: (اغنني عن خلقك بك)، تحاشياً للمحذور الذي ذكرناه، لذلك اكد الدعاء هذه الحقيقه حينما ختم هذا الموضوع بفقرة: (وأجعلني ممّن لا يبسط كفناً الا اليك) وهذا ما يحتاج بدوره الي بعض الأثاره، فماذا نستلهم؟
اولاً: نلفت انتباهك الى هذه الفقره الفنيه التى تعتمد الإستعارة في التوسل بالله بان يجعلنا نبسط ايدينا او اكفـّنا اليه.
ثانياً: ان هذه الفقره تتداعى بالأذهان الى ان بسط الكف يعني: رفعها من جانب ثم بسطها من جانب آخر، امّا الرفع فلاننا نتجه الى الاله الرفيع في توسلنا، واما البسط فهو يرمز الى تسلم العطاء من الله، اي: اشباع حاجاتنا في شتى انماطها مع ملاحظة ان النص قد استخدم الحصر من خلال (اداة والا)، مما يعني ذلك ان التوسل ينحصر بالله دون الخلق في اشباع الحاجات على النحو الذي اوضحناه.
بعد ذلك نواجه فقرات جديده من المقطع المذكور ورد فيها: (اللهم ان الشقي من قنط وامامه التوبة ووراءه الرحمة، وان كنت ضعيف العمل فاني في رحمتك قوي الامل، فهب لي ضعف عملي لقوة املي)، بهذه الفقرات يختم احد مقاطع الدعاء وهي امتداد للموضوع السابق، فماذا نستخلص منها؟
الجواب: من الممكن ان يتردد الانسان المذنب من يقينه بانه اهل لان يتجاوز عنه، لذلك فان الدعاء يشجع امثال هذه النماذج بالذهاب الى ان اليأس من رحمة الله ينبغي الا يخطر ببال المؤمن لان الشقـّي هو اليائس من الرحمة وان التوبه هي المتكفلة بغفران الذنوب وهذا ما عبرت الفقره عنه بقولها: (الشقي من قنط وامامه التوبه)، ثم ماذا اضاف النص (وراءه الرحمه) وهذا التعقيب يفسّر معنى عدم اليأس، حيث ان رحمته من السعة بحيث لا حدود لها.
اخيراً ختم مقطع الدعاء بعبارة: (وان كنت ضعيف العمل فاني في رحمتك قوي الامل، فهب لي ضعف عملي لقّوة املي، ...)، ان هذا النص يحمل نكته في غاية الاهمية وهي: التقابل بين ضعف العمل العبادي وقوة الامل بالله، اي بين الذنب وبين امل غفرانه، وهذا ما يتناسب والرحمة الواسعة لله تعالى، لذا عقب النص بان يهب الله هذا الضعف في العمل للقوة التي يحملها الامل برحمته تعالى.
اذن امكننا ان نتبين النكات الكامنه في النص المتقدم سائلين الله ان يوفقنا الى ممارسة الطاعه والتصاعد بها الي النحو المطلوب.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة