البث المباشر

شرح فقرة: "وعزمي نور العلم، ..."

الأحد 28 يوليو 2019 - 14:44 بتوقيت طهران

نتابع حديثنا عن الادعية المباركة ومنها: دعاء الامام المهدي (عليه السلام) بعد زيارته حيث ورد فيها التوسل بالله تعالى على النحو الآتي: (أسألك ان تصلي علي محمد نبي رحمتك، وكلمة نورك، وان تملأ قلبي نور اليقين) ، الى ان يقول: (وعزمي نور العلم، وقوتي نور العمل، ولساني نور الصدق وديني نور البصائر، ...) .
هذه التوسلات بالله تعالى من خلال اقترانها بكلمة (النور) تظل امتداداً لعبارات سابقة وصف فيها الدعاء محمداً (صلى الله عليه وآله وسلم) بانه كلمة نور الله تعالى، واذن النور يظل هو المصطلح الذي يتردد في عبارات متنوعة منها عبارة: (وعزمي نور العلم، وقوتي نور العمل، ...)، والان نقف عند هاتين العبارتين المتوسلتين بالله تعالى بان يملأ عزمنا بنور العلم وقوتنا بنور العمل، فماذا نستلهم منهما؟
من الواضح ان مصطلحي (العلم)، و(العمل) لايفترق احدهما عن الآخر في التصور الاسلامي للسلوك، اي: ان العلم بالشيء: كالعلم مثلاً بان الخشوع في الصلاة مطلوب، ينبغي ان يقترن بالعمل اي ان نصلي الصلاة بخشوع، وفي ضوء هذه الحقيقة نتجه الى العبارتنين المتقدمتين لملاحظة ورودهما في سياق هو ظاهرة العزم وظاهرة القوة، فما هي علاقتهما بالعلم والعمل؟
بالنسبة الى العزم نجد ان هذه الكلمة تعني (النية)، اي: ان يعزم احدنا على مساعدة الاخر، وبعد ذلك نحتاج الى تطبيق وتجسيد هذا العزم او النية في عمل، وهذا العمل هو القوة اي: الطاقة التي تتجسد في عمل.
اذن نستخلص من الدعاء المذكور في عبارتيه المتقدمتين: بانه التوسل بالله تعالى بان يمنحنا نور العزم على فعل الخيرات ونورالقوة على الفعل المذكور.
بعد ذلك نواجه عبارة: (ولساني نور الصدق، وديني نور البصائر، وبصري نور الضياء، …). فماذا نستلهم من العبارات الثلاث المتقدمة؟
بالنسبة الى (نور الصدق في اللسان) لا احسب ان احدنا يجهل اهمية (الصدق) حيث ان الصدق في اللسان تعبير عن الصدق في القلب ومن ثم فان الصادق في لسانه يكون صادقاً في دينه صادقاً في علاقته بالله تعالى، حيث ورد في الحديث: ان من صدق لسانه زكا عمله، اي: من كان صادقاً في لسانه كان زاكياً في عمله وهذا هو منتهى الطموح العبادي.
ونتجه الى عبارة: (وديني نور البصائر)، فماذا نستلهم منها؟
الجواب: البصيرة هي: الوعي الحاد أو الفطنة او الذكاء الواعي للشيء وبالنسبة الى الدين فان البصيرة هي: معرفة الدين حق المعرفة بحيث لايتخللها نقص او خلل او غفلة ونحو ذلك، وهذا ما توسل به الامام (عليه السلام) بالله تعالى بان يجعل ايماننا بالله تعالى وبرسوله وبالعترة الطاهرة مقترناً بالبصيرة بالوعي العميق بالصدق التام.
بعد ذلك نواجه عبارة: (وبصري نور الضياء)، فماذا نستلهم منها؟
هنا نحسب بان قارئ الدعاء يتوقف قليلاً حتى يدرك ما تعنيه العبارة المذكورة، انها متلفعة بشيء من الغموض: كما يبدو بخاصة ان كلمة (الضياء) لامناص لنا من معرفة رمزها اي دلالتها، حيث ان النور والضياء يعدان مصطلحين ينبثق منهما معنى مشترك ومستقل، فمثلاً اشارة القرآن الكريم الى ان الله تعالى: جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُوراً تظل منسحبة على ما ذكرناه ومن ثم يظلالضياء الذي هو استمداد من الشمس يرمز الى الاستضاءة بالشيء وهذا ما يمكن ملاحظته في العبارة المتوسلة بالله تعالى بان يملأ بصر قارئ الدعاء نور الضياء يعني: ان الضياء هو المصدر وان النور يستمد من الضياء انارته: تبعاً لاشارة النص الشرعي بانه تعالى:جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُوراً، اذن (البصر) وهو الجهاز الذي يخبر به الانسان الحقائق من خلال رؤيته، يظل رمزاً لاستضاءة الانسان بنور الشريعة وفقاً لافضل مستويات الادراك.
ختاماً نسأله تعالى ان يوفقنا الى ادراك المبادئ الشرعية والعمل بموجبها ومن ثم ممارسة الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة