البث المباشر

شرح فقرة: "أسالك بحرمة وجهك الكريم، ..."

الأحد 28 يوليو 2019 - 12:23 بتوقيت طهران

لانزال نحدثك عن الأدعية المباركة، ومنها دعاء الامام المهدي (عليه السلام) في تعقيبه لصلاة الفطر، حيث ورد فيه: (اسألك بحرمة وجهك الكريم، الفعال لِّمَا يُرِيدُ، الذي يقول للشيء: كُن فَيَكُونُ، لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ)، هذا المقطع من الدعاء يحفل بكلمة التوحيد في الصفات والافعال، انه يتضمن استعارة أو رمزاً هو (الوجه الكريم) ويتضمن فعاليته تعالى، ويتضمن لا نهائية القدرة (كُن فَيَكُونُ)، ويتضمن صيغة التوحيد القائلة: (لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ)، حيث يتفرد تعالى بذلك، وبكل الفيوضات منه تعالى. اذن لنتحدث ولو سريعاً عن المضمونات المذكورة ونبدأ بالعبارة الاستعارية او الرمزية القائلة: (أسألك بحرمة وجهك الكريم)، فماذا نستلهم منها؟
طبيعياً، ان الرمز او الاستعارة (الوجه) دون سواه من الرموز الاخرى مثل (اليد) و«اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ» الخ يعني: دلالة خاصة هي: المعلم الاشد ظهوراً ومعرفة للشيء، فاذا نقلناها الى عظمة الله تعالى حينئذ فان الوجه يرمز الى معرفته تعالى اولاً بسؤال العبد، والعبد يتجه الى العطاء الاشد أملاً ليتوسل به ومن ثم فان صفة (الكريم) الذي يشمل كرم العطاء وكرم الساحة القدسية: عندئذ نتوقع مدى ما يغدقه تعالى على عبده الذي سأله.
ونتجه الى العبارة الثانية: (الفعال لِّمَا يُرِيدُ) وهي عبارة (تناص) اي: عبارة اقتباس وتضمين للاية المباركة المعروفة بنفس الصياغة الحرفية، ان استخدام صيغة المبالغة (فَعَّالٌ) بدلاً من (الفاعل) مثلاً تعني: لانهائية قدرته تعالى، لانهائية ارادته، ومن ثم: ما يترتب على صيغة المبالغة المذكورة وهي انه تعالى يقول للشيء: كُن فَيَكُونُ، وهو ما أعقب عبارة: (الفعال لِّمَا يُرِيدُ) توضيحاً او تطبيقا للانهائية ارادته وقدرته تعالى.
بعد ذلك يختم مقطع الدعاء بعبارة: (لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ) المفصحة عن دلالة التوحيد في اجلى معانيه التي لاحدود ايضاً لتصورات ذلك، ومن ثم ما يخلص اليه قارئ الدعاء من تعميق دلالة الوحدانية لله تعالى.
والان الى مقطع جديد يرتبط بسابقه، ما هو المقطع؟
المقطع يقول: (اللهم اني أسألك بلَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ)، وتسأل عن ارتباطها، اي العبارة: (بلَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ)، ونجيبك بانها صدى العبارة الواردة في المقطع السابق: (لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ)، اذن: مااشد جمالية هذا الوصل بين مقاطع الدعاء ومن ثم (وهذا هو المهم): ارساء ورسوخ دلالة التوحيد او الوحدانية في وجدان قارئ الدعاء، ليس هذا فحسب بل نتجه الى العبارة اللاحقة وهي: (ان كنت رضيت عني في هذا الشهر، ان تزيدني فيما بقي من عمري رضاً، وان كنت لم ترض عني في هذا الشهر، فمن الان فارض عني: الساعة الساعة، واجعلني في هذه الساعة وفي هذا المجلس من عتقائك من النار، وطلقائك من جهنم، وسعداء خلقك بمغفرتك ورضوانك ورحمتك، يا ارحم الراحمين)، هذا المقطع من الدعاء يحفل بدلالات مثيرة ومكثفة وطريفة نحدثك عن ذلك في لقاء لاحق ان شاء الله تعالى.
ختاماً نسأله تعالى ان يرضى عنا في هذه الساعة وفي هذا المجلس وان يوفقنا الى ممارسة الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة