البث المباشر

شرح فقرة: "لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم" (۱)

الأحد 3 أكتوبر 2021 - 14:35 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- ينابيع الرحمة: الحلقة 90

 

بِسْمِ اللَّهِ وله الحمد والمجد سميع الدعاء اللطيف الكريم تبارك وتعالى أرحم الراحمين وازكى صلواته وتحياته وبركاته على فاتح الخير وسيد الكائنات حبيبه المصطفى وآله الهداة.

السلام عليكم أيها الاخوة والاخوات، ورحمة من الله وبركات. لكم منا أطيب التحيات، وأهلاً بكم في لقاء اليوم من هذا البرنامج، نقضي فيه دقائق مع أحد غرر ادعية أهل بيت الرحمة، هو دعاء الحجب الشريف، فنواصل استلهامتنا منه متبركين أولاً بمقطعه الختامي، فنقتدي برسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو يقسم على الله بأعز أسمائه الحسنى قائلاً: (اللهم ... أسألك بعزة ذلك الاسم ان تصلي على محمد وآل محمد، وأن تصرف عني وعن أهل حزانتي وجميع الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، جميع الآفات والعاهات، والاعراض والامراض، والخطايا والذنوب، والشك والشرك، والشقاق والنفاق، والضلالة والجهل والمقت، والغضب والعسر، والضيق وفساد الضمير، وحلول النقمة، وشماتة الاعداء وغلبة الرجال، إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء لطيف لما تشاء ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم).

انتهى بنا الحديث أيها الاحبة الى الفقرة الثانية من الفقرات الثلاث الاخيرة في دعاء الشريف وهي التي يعلمنا الهادي المختار (صلى الله عليه وآله) ان نخاطب الله عزوجل باسم (لطيف لما تشاء)؛ فما معنى هذا الاسم؟ ولماذا يعلمنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن نخاطب الله عزوجل به؟ وبالتالي ما هي آثار معرفة الله بهذا الاسم؟

مستمعينا الافاضل، من خلال مراجعة النصوص الشريفة وكتب اللغة والتفسير نجد ثلاث معان لهذا الاسم المبارك من أسماء الله الحسنى.

ولمعرفة الله بكل معنىً منها وترسيخ هذه المعرفة في قلب الداعي آثار تربوية مهمة في استجابة دعائه أولاً وثانياً لتأهيله للاستفادة الصحيحة من هذه الاستجابة. نبدأ بالمعنى الأول فأبقوا معنا مشكورين:

المعنى الأول - ايها الاحبة- هو المنتزع من اللطف بمعنى الانعام والبر، قال الشيخ الصدوق في كتاب التوحيد: (اللطيف معناه، انه تبارك وتعالى لطيف بعباده فهو لطيف بهم، بار بهم، منعمٌ عليهم، واللطف: البر والتكرمة، يقال: فلان لطيف بالناس بارٌ بهم، يبرهم ويلطفهم الطافاً).

ومن مصاديقه ما ذكره الفيض الكاشاني في كتاب (الوافي في شرح اصول الكافي) حيث قال: (معنى اللطيف: فاعل اللطف وهو ما يقرب العبد الى الطاعة ويبعده عن المعصية).

ومن مصاديقه ايضاً زيادة النعمة واليها اشار الشيخ الطوسي في تفسير (التبيان) حيث قال في الجزء الرابع: (قيل في معنى اللطيف قولان: أحدهما اللاطف لعباده بسبوغ الانعام غير انه عدّل من وزن (فاعل) الى فعيل للمبالغة).

اي ان اللطيف هو المكثر من الانعام على عباده، وهذا هو المشار اليه في الآية ٤۷ من سورة مريم حيث تحكي جواب ابراهيم الخليل (عليه السلام) لعمه آزر كما في قول الله عزوجل: «قَالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا»، اي كثير اللطف بحيث يرجو ابراهيم (عليه السلام) منه تعالى ان يغفر لعمه آزر رغم انه كان في جبهة المشركين. قال الشيخ الطوسي في تفسير (التبيان) الجزء السابع: (ومعنى قوله: «إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا» ، ان الله كان عالماً بي لطيفاً والحفي هو اللطيف بعموم النعمة، يقال: تحفني فلان، اذا اكرمني وألطفني، وحفي فلان بفلان حفاوة اذا ابره والطفه).

ايها الاخوة والأخوات، وعلى ضوء ما تقدم يتضح أن المعنى الاول لاسم (اللطيف) هو المسبغ بالانعام على العباد بأستمرار والبربهم وابعادهم عما يضرهم وايصالهم الى ما يصلحهم.

وعلى ضوء هذا المعنى يكون معنى عبارة (لطيف لما يشاء) هو أن تحقيق الله عزوجل لمشيئته يكون مقروناً بالبر واللطف بالعباد. بأجمل مصاديق الانعام وأسمى صورها وأعظمها بركة.

ومما لا شك فيه مستمعينا الافاضل، ان اثارة هذه المعرفة الفطرية في قلب الداعي من شأنه ينعش فيه الرجاء الجميل بأن يستجيب الله لدعائه بحكم لطفه عزوجل، هذا أولاً وثانياً ان تكون هذه الاستجابة مقرونة بالبر والانعام المستمر وبما يدفع عن الداعي الضر ويوصله الى ما يأمل بأفضل صورة.

ايها الاحبة، المعنى الثاني لاسم اللطيف سيكون بأذن الله محور حديثنا في الحلقة المقبلة من برنامجكم (ينابيع الرحمة).

تقبلوا منا خالص الشكر على طيب المتابعة ولكم دوماً من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران خالص الدعوات، تقبل الله أعمالكم ودعاءكم ودمتم بكل خير.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة