البث المباشر

شرح فقرة: "شماتة الأعداء..." (٤)

الأحد 3 أكتوبر 2021 - 14:39 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- ينابيع الرحمة: الحلقة 86

 

بِسْمِ اللَّهِ والْحَمْدُ لِلَّهِ الذي هدانا لموالاة واتباع صفوته المنتجبين حبيبه المصطفى وأهل بيته الطاهرين صلوات الله وتحياته وبركاته عليهم اجمعين.

سلامٌ من الله عليكم أحبتنا المستمعين، أطيب تحية مفعمة برحمة الله وبركاته نهديها لكم في مطلع لقاء اليوم من هذا البرنامج، نستكمل فيه بتأييد الله الحديث عن وسائل النجاة من (شماتة الأعداء) وهو العامل العشرون من العوامل التي تنغص الحياة الطيبة أو تحرم الانسان منها حسبما ورد في المقطع الختامي لدعاء الحجب الشريف، نستذكر هذه العوامل ونحن نقتدي بحبيبنا الهادي المختار (صلى الله عليه وآله الأطهار) وهو يقسم على الله بأسمه المستأثر قائلاً: (اللهم ... أسألك بعزة ذلك الاسم ان تصلي على محمد وآل محمد، وأن تصرف عني وعن أهل حزانتي وجميع الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، جميع الآفات والعاهات، والاعراض والامراض، والخطايا والذنوب، والشك والشرك، والشقاق والنفاق، والضلالة والجهل والمقت، والغضب والعسر، والضيق وفساد الضمير، وحلول النقمة، وشماتة الاعداء، وغلبة الرجال، إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء لطيف لما تشاء ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم).

ايها الأحبة، فيما يرتبط (ب شماتة الاعداء) فإنها ولا شك من العوامل التي تحرم الانسان من الحياة الطيبة وتنغصها عليه سواءٌ كانت بمعنى ان نشمت نحن ونظهر الفرح والسرور اذا نزلت مصيبة باحد من الناس حتى لو كان عدواً، لأن هذه الشماتة تنمي في النفس مشاعر الحقد والمؤمن منزه عنها لانها من خلق الشيطان الذي كان أول من اظهر الشماتة اذ اظهر الفرح والسرور عندما اخرج آدم من الجنة وعند وفاته (عليه السلام).

ان النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله) يعلمنا في هذا الدعاء الشريف ان نستعيذ بالله من هذا المعنى للشماتة، وكذلك من المعنى الثاني وهو أن يشمت بنا الأعداء وعلى رأسهم الشيطان اذا وقعنا في المعاصي، ولذلك فان من أهم وسائل النجاة من شماتة الأعداء هو الورع واجتناب المعاصي، خاصة التي تستتبع نزول البلاء فيشمت بنا الأعداء.

وقد عرفنا في حلقات سابقة عدة من الوسائل التي هدتنا اليها النصوص الشريفة للنجاة من شماتة الأعداء، ونضيف اليها هنا وسيلة أخرى هي اجتناب الشكوى خاصة لغير المؤمنين عند نزول المصيبة أو البلاء؛ اذ ان هذه الشكوى تستتبع عادة الشماتة المؤذية، قال مولانا الامام جعفر الصادق في المروي عنه في كتاب التمحيص: (أيما مؤمن شكا حاجته وضره الى كافر او الى من يخافه على دينه فانما شكا الله الى عدو من أعداء الله، وأيما مؤمن شكا حاجته وضره وحاله الى مؤمن مثله كانت شكواه الى الله عزوجل).

مستمعينا الأفاضل، ان اجتناب الشكوى للناس مما ينزل بالانسان من ابتلاءات ومصائب مثلما يدفع عنه شماتة الأعداء فانه في الوقت نفسه سبب لحفظ الثواب الالهي الذي أعده الله عزوجل للصابرين على البلاء، ولذلك صار من كنوز الجنة حسبما ورد في الحديث النبوي المروي في كتاب الأمالي للشيخ المفيد عن نبي الرحمة (صلى الله عليه وآله) أنه قال: (أربعة من كنوز الجنة: كتمان الحاجة وكتمان الصدقة وكتمان المرض وكتمان المصيبة).

كما أن الصبر الجميل هو المنزه عن الشكوى، ففي بحار الأنوار أن رجلاً سئل الامام محمد الباقر (عليه السلام) عن معنى (الصبر الجميل) فقال: (شيء لا شكوى فيه، ثم قال: وما في الشكوى من الفرج؟ فانما هو يحزن صديقك ويفرح عدوك).

يضاف الى ذلك أن اجتناب الشكوى من البلاء سبب لتخفيفه ودفع الله عزوجل له، ففي جامع الأخبار روي عن الامام الباقر (عليه السلام) أنه قال: (من كتم بلاءً به من الناس وشكا ذلك الى الله عزوجل كان حقاً على الله أن يعافيه من ذلك البلاء).

أيها الاخوة والاخوات، ونستفيد من الاحاديث الشريفة ان من وسائل النجاة من شماتة الاعداء هو التوجه الى الله عزوجل لدفع المصاب الذي يسبب هذه الشماتة ومن المصاديق العبادية لذلك ما رواه ثقة الاسلام الكليني في كتاب الكافي بسنده عن ابن ابي حمزة قال: سمعت علي بن الحسين (عليهما السلام) يقول لابنه: يا بني من أصابه منكم مصيبة أو نزلت به نازلة فليتوضأ وليسبغ الوضوء ثم يصلي ركعتين أو أربع ركعات ثم يقول في آخرهن: يا موضع كل شكوى ويا سامع كل نجوى وشاهد كل ملأ وعالم كل خفية ويا دافع ما يشاء بلية ويا خليل ابراهيم ويا نجي موسى ويا مصطفي محمد (صلى الله عليه وآله)، أدعوك دعاء من اشتدت فاقته وقلت حيلته وضعفت قوته دعاء الغريق الغريب المضطر الذي لايجد لكشف ما هو فيه الا أنت يا أرحم الراحمين.

ثم قال السجاد (عليه السلام): فانه لا يدعو به أحدٌ الا كشف الله عنه إن شاء الله.

مستمعينا الأطائب، في الحلقة المقبلة بأذن الله من برنامجكم (ينابيع الرحمة) سنتناول بعون الله العامل الحادي والعشرين والاخير من العوامل السالبة لسعادة الانسان حسبما ورد في المقطع الختامي لدعاء الحجب الشريف وهو عامل (غلبة الرجال) تقبلوا من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران اصدق الشكر على جميل المتابعة ودمتم بألف خير.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة