البث المباشر

شرح فقرة: "شماتة الأعداء..." (۳)

الأحد 3 أكتوبر 2021 - 14:39 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- ينابيع الرحمة: الحلقة 85

 

وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وأزكى صلواته على كنوز رحمته للخلائق أجمعين حبيبنا الصادق الأمين محمد وآله الطاهرين.

سلام من الله عليكم أيها الأخوة والاخوات، أهلاً بكم في لقاء اليوم من هذا البرنامج نتابع فيه - بعون الله- الحديث عن العامل العشرين من العوامل التي تسلب الحياة الطيبة طبق ما هدانا اليها مولانا المصطفى (صلى الله عليه وآله) في خاتمة دعائه المبارك الموسوم بدعاء الحجب الشريف حيث قال: (اللهم ... أسألك بعزة ذلك الاسم ان تصلي على محمد وآل محمد، وأن تصرف عني وعن أهل حزانتي وجميع الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، جميع الآفات والعاهات، والاعراض والامراض، والخطايا والذنوب، والشك والشرك، والشقاق والنفاق، والضلالة والجهل والمقت، والغضب والعسر، والضيق وفساد الضمير، وحلول النقمة، وشماتة الاعداء وغلبة الرجال، إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء لطيف لما تشاء ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم).

ايها الأطائب، عرفنا في الحلقتين السابقتين أن معنى الشماتة هو أظهار الفرح والسرور عند نزول مصيبة بأحد من الناس وخاصة العدو، ولا حظنا أن الأحاديث الشريفة نهت عن ذلك لكونه من أخلاق الشيطان إذ كان أول من شمت وأظهر السرور عندما أخرج أدم من الجنة. ولذلك فإن المؤمن المتخلق بأخلاق الله يجتنب الشماتة لأن رحمة الله عزوجل سبقت غضبه، وهذكا كان حال أولياء الله الصادقين (عليهم السلام) وهم أهل بيت الرحمة المحمدية.

من هنا فإن المعنى الأول لطلبنا من الله عزوجل أن يصرف عنا (شماتة الأعداء) هو أن يعيننا على أن نتطهر من هذا الخلق حتى اذا كانت المصيبة او البلاء او الكوارث قد نزلت ب الأعداء، وتصرح الأحاديث الشريفة بأن الشماتة هي من مظاهر الحسد أهم الأمراض الشيطانية، ففي البحار عن مولانا الصادق (عليه السلام) قال ضمن حديث: (أما علامة الحاسد فأربعة: الغيبة والتملق والشماتة بالمصيبة).

أعزاءنا المستمعين، وبمراجعة الأحاديث الشريفة نجد أن المعنى الثاني (ل شماتة الأعداء) هو أن يشمت بنا الأعداء، لا أن نشمت نحن بالآخرين عند نزول المصاب بهم شماتة الأعداء كما هو حال المعنى الأول.

وأول مصاديق هذه الشماتة هو شماتة عدو الانسان المبين أي الشيطان عندما يرى وقوع الانسان في المعصية، مثلما شمت بآدم (عليه السلام) عندما أخرج من الجنة والى هذا المصداق يشير مولانا الإمام زين العابدين حيث يقول (عليه السلام) في أحد أدعية صحيفته المباركة: (اللهم ان الشيطان شمت بنا اذ شايعناه على معصيتك، فصل على محمد وآله ولا تشمته بنا بعد تركنا اياه لك ورغبتنا عنه اليك).

وواضحٌ ان هذا هو أهم مصاديق المعنى الثاني لشماتة الأعداء وطريق النجاة منه هو الاستعانة لمجاهدة الشيطان واجتناب مشايعته ودحره بالورع عن المعاصي.

أيها الأخوة والأخوات اما المصداق الثاني لشماتة الأعداء بنا والذي نطلب من الله عزوجل أن يصرفه عنا هو ظهور الضعف والوهن بين المؤمنين بحيث يشمت بهم الأعداء، وأهم عوامله الحسد في حين أن التواصل والعزة هما من اهم عوامل دفع ذلك كما يشير لذلك مولانا الامام الصادق (عليه السلام) حيث قال كما في كتاب (تحف العقول): (اذا لم تجتمع القراابة - على ثلاثة أشياء تعرضوا لدخول الوهن عليهم و شماتة الأعداء بهم وهي: ترك الحسد فيما بينهم لئلا يتحزبوا فيتشتت أمرهم، والتواصل بينهم ليكون ذلك حاديثاً لهم على الألفة والتعاون لتشملهم العزة).

وهذه القاعدة مستمعينا الافاضل يشمل القرابة النسبية أو الايمانية والاجتماعية.

أعزاسنا المستمعين، أما المصداق الثالث للإبتلاء بشماتة الأعداء فهو نزول المصائب نتيجة للذنوب التي تنزل البلاء كما صرحت بذلك كثيرٌ من النصوص الشريفة مثل قطع الأرحام والظلم والتجاوز على حقوق الآخرين وغير ذلك، وطريق النجاة منها هو بالاستعانة بالله عزوجل للتورع عن هذه الذنوب.

أما المصداق الرابع فهو المصائب والبليات التي تخرج عن اختيار الانسان المؤمن وتؤدي الى شماتة الأعداء به وإن كانت فيها ثمار التمحيص ورفعة المقام ولكن على أي حال فان شماتة الأعداء امر مؤذ للغاية ولذلك يشير حديث الامام الصادق (عليه السلام) المروي بسند معتبر في كتاب (قصص الأنبياء) للسيد قطب الدين الراوندي (رضوان الله عليه)، حيث قال (عليه السلام): (قيل لأيوب (عليه السلام) بعدما عافاه الله تعالى: أي شيء أشد مامر عليك؟ قال: شماتة الأعداء).

وقال (عليه السلام) في حديث آخر كما في كتاب (ميزان الحكمة): (ان الله تبارك وتعالى ابتلى أيوب (عليه السلام) بلا ذنب، فصبر حتى عير وان الأنبياء لا يصبرون على التعيير).

من هنا أوصت الأحاديث والأدعية الشريفة المؤمنين بان يدعو الله جلت رحمته طلباً للعافية من البلاء الذي يستتبع شماتة الأعداء، وهذا أحد مصاديق ما يعلمنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن نطلبه من الله عزوجل في دعاء الحجب الشريف.

مستمعينا الاكارم ومن وسائل اجتناب شماتة الأعداء هو اجتناب الشكوى لغير الله والمؤمنين وهذا ما نتناول نصوصه بأذن الله في الحلقة المقبلة من برنامجكم (ينابيع الرحمة) شكراً لكم وفي أمان الله.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة