البث المباشر

شرح فقرة: "شماتة الأعداء..." (۱)

الأحد 3 أكتوبر 2021 - 14:40 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- ينابيع الرحمة: الحلقة 83

 

بِسْمِ اللَّهِ والْحَمْدُ لِلَّهِ الذي هدانا لاتباع كنوز رحمته للعالمين الحبيب الهادي المختار وآله الأطهار صلوات عليهم آناء الليل وأطراف النهار.

السلام عليكم أيها الأخوة والأخوات، تحية ملؤها من الله الرحمة والبركات نهديها لكم في مطلع لقاء اليوم من هذا البرنامج.

موضوعنا في هذا اللقاء هو - أيها الأحبة- العامل العشرون من العوامل التي تسلب الأنسان الحياة الطيبة وهو عامل (شماتة الأعداء) وذلك طبقاً لما ورد في المقطع الختامي عن دعاء الحجب الشريف؛ نستذكر معاً هذه العوامل ونحن نستعيذ بالله منها مقتدين بمولانا النبي الأكرم حيث يناجي (صلى الله عليه وآله) ربه الجليل في ختام هذا الدعاء المبارك مقسماً عليه بالإسم المستأثر وهو أعز أسمائه قائلاً: (اللهم ... أسألك بعزة ذلك الاسم ان تصلي على محمد وآل محمد، وأن تصرف عني وعن أهل حزانتي وجميع الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، جميع الآفات والعاهات، والاعراض والامراض، والخطايا والذنوب، والشك والشرك، والشقاق والنفاق، والضلالة والجهل والمقت، والغضب والعسر، والضيق وفساد الضمير، وحلول النقمة، وشماتة الاعداء، وغلبة الرجال، إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء لطيف لما تشاء ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم).

أيها الافاضل، لكي نعرف كيف نتجنب (شماتة الاعداء) ينبغي أولاً أن نعرف معناه ومعرفة هوية الأعداء الذين نطلب من الله أن يصرف عنا شماتتهم.

للحصول على إجابة السؤال الاول نرجع الى كتب اللغة، فنقرأ في كتاب (العين) للخليل الفراهيدي قوله (رضوان الله عليه): (الشماتة فرح العدو ببلية تنزل بمعاديه).

وقال العلامة الطريحي في كتابه (مجمع البحرين): (قوله تعالى: «فَلاَ تُشْمِتْ بِيَ الأعْدَاء» (الأعراف ۱٥۰) أي لا تسرهم بي وتفرحهم، والشماتة: السرور بمكاره الأعداء، يقال شمت بالكسر يشمت: إذا فرح بمصيبته ومنه [في الدعاء]: أعوذ بك من شماتة الأعداء).

والآية المذكورة هي المائة والخمسون من سورة الأعراف وقد حكت قول هارون النبي لأخيه موسى (عليهما السلام) عندما أخذ موسى النبي بلحية أخيه بعد عودته من ميقات ربه ورأى قومه بني اسرائيل يعبدون العجل بعد أن أضلهم السامري.

ومن هذه الملاحظة نفهم أن هارون (سلام الله عليه) طلب من أخيه موسى (عليه السلام) أن لا يشمت أعداء الأنبياء ولا يسرهم بتعنيفه له.

أيها الاخوة والأخوات ويستفاد مما ذكره العلامة الجليل آية الله السيد حسن المصطفوي في كتابه (التحقيق في كلمات القرآن الكريم) أن الشماتة تجاه تصدر من العدو وغير العدو، فقد قال (رحمه الله) بعد أن نقل أقوال علماء اللغة بشأن معنى مفردة (الشماتة) قال: (والتحقيق أن الأصل الواحد في المادة هو إظهار فرح بما ينزل لأحد رفيقاً كان أو عدواً من إبتلاء أو حادثة سوء، سواءً كان الإظهار باللسان أو بالعمل).

وعلى أي حال فإن مما لا شك فيه أن الأكثر رواجاً هو شماتة الأعداء وهي أشد ايذاءً ولا يمكن أن تصدر الا عن سوء نية خير، والفرح أبعد ما يكون عن شماتة الصديق أو القريب لأن الصديق حتى وإن اختلف مع صديقه فلا يمكن أن يفرح بما يصيبه من سوء الا اذا كان معادياً له في باطنه، ولذلك فان شماتة الصديق يندر أن تخرج عن دائرة العتاب مثلاً على عدم رعاية المبتلى لما كان ينبغي له ان يراعيه لكي لا ينزل به البلاء.

من هنا تصرح الأحاديث الشريفة - مستمعينا الافاضل- ان الشماتة هي من علامات معرفة العدو، فقد جاء في الحديث المأثور المروي في كتاب (معدن الجواهر): (تعرف عدوك بشيئين اذا رأى بك نعمة بهت واذا ظهر منك على عثرة شمت).

كما نهت الاحاديث الشريفة عن الشماتة بالآخرين من الأصدقاء والأعداء، فمثلاً روى الشيخ الطوسي في كتاب الأمالي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: (لا تظهر الشماتة بأخيك فيرحمه الله ويبتليك).

وروي في الكافي عن الامام الصادق (عليه السلام) قال: (من شمت بمصيبة نزلت بأخيه لم يخرج من الدنيا حتى يفتتن) يعني أن يصاب بفتنة فيعقله أو ماله.

بل تصرح الاحاديث الشريفة أن أخلاق المؤمنين تتنزه عن الشماتة حتى ب الأعداء فقد جاء في خطبة الامام علي في وصف المتقين قوله (عليه السلام): (ولا يشمت بالمصائب ولا يدخل في الباطل).

وقال (عليه السلام) كما في كتاب (عيون الحكم): (من شمت بزلة غيره شمت غيره بزلته).
ويستفاد من النصوص الشريفة أن أول من شمت هو إبليس اللعين فصار هذا الخلق من أخلاق الكفار والمنافقين تأباه الفطرة الانسانية السليمة، وهذا ما سنتناوله بأذن الله في حلقة مقبلة من برنامجكم (ينابيع الرحمة) شكر لكم على حسن المتابعة وتقبلوا من إذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران خالص الدعوات، دمتم بكل خير.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة