البث المباشر

شرح فقرة: "وحلول النقمة..." (٤)

الأحد 3 أكتوبر 2021 - 14:41 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- ينابيع الرحمة: الحلقة 78

 

بِسْمِ اللَّهِ العدل الحكيم والحمدلله أرحم الراحمين، والصلاة والسلام على أبواب رحمته للعالمين حبيبه الصادق الامين محمد وآله الطيبين الطاهرين.

سلامٌ من الله عليكم أيها الاخوة والاخوات ورحمة منه وبركات، لكم منا اطيب تحية نستهل بها حلقة اليوم من هذا البرنامج، وفيها نتعرف على ماهدتنا النصوص الشريفة من أنواع الذنوب التي تسبب أخطر مصاديق (حلول النقمة).

و حلول النقمة أجارنا الله واياكم منها هو أعزاءنا العامل التاسع عشر من العوامل السالبة لصفوه الحياة الطيبة في الدنيا والآخرة طبق ما ورد في دعاء الحجب الشريف حيث قال نبينا الأكرم (صلى الله عليه وآله) في مقطعه الختامي: (اللهم ... أسألك بعزة ذلك الاسم ان تصلي على محمد وآل محمد، وأن تصرف عني وعن أهل حزانتي وجميع الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، جميع الآفات والعاهات، والاعراض والامراض، والخطايا والذنوب، والشك والشرك، والشقاق والنفاق، والضلالة والجهل والمقت، والغضب والعسر، والضيق وفساد الضمير، وحلول النقمة، وشماتة الاعداء وغلبة الرجال، إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء لطيف لما تشاء ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم).

مستمعينا الأحبة، تصرح كثيرٌ من النصوص الشريفة بان كفران النعمة وعدم استخدام النعم الالهية فيما أعطيت من اجله هو من أهم أسباب حلول النقمة، والى هذا يشير الله عزوجل في الآية السابعة من سورة ابراهيم حيث يقول: «وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ».

ولعل من أوضح المصاديق القرآنية لهذه السنة الالهية عاقبة قارون من قوم موسى الكليم (عليه السلام)، المذكورة في أواخر سورة القصص.

فقد آتاه الله من الكنوز والنعم ما إن مفاتحه لتنؤ بالعصبة أولي القوة لكثرتها، لكنه أنكر أن يكون المنعم هو الله عزوجل وتوهم أنه حصل عليها بعلم كان عنده وبخل عن الانفاق في سبيل الله فجحد النعمة الالهية واستعلى واستكبر وأفسد في الارض كفراً وعلواً، فكان مصيره أن حلت به النقمة وخسف به وبداره وصار عبره لمن اعتبر.

ايها الاكارم، والاحاديث الشريفة كثيرة في بيان الحقيقة القرآنية المتقدمة تحذر من التمهيد ل حلول النقمة بكفران النعمة، فمثلاً جاء في خطبة طويلة مروية في كتاب الكافي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال في بعضها: (وبالله انه ما عاش قومٌ قط في غضارة من كرامة نعم الله، في معاش دنيا ولا دائم تقوى في طاعة الله والشكر لنعمه فازال ذلك عنهم الا من بعد تغيير من أنفسهم، وتحويل عن طاعة ولله والحادث من ذنوبهم وقلة محافظة وترك مراقبة الله جل وعز وتهاون بشكر نعمة الله ...).

من هنا يتضح مستمعينا الافاضل أن من وسائل حفظ النعمة ودفع النقمة هو الحرص على شكر الله عزوجل والإقرار بأن كل ما يتمتع به الانسان هو من نعم هو من الله جلت نعماؤه وآلاؤه.

وهذا ما دعتنا له كثيرٌ من النصوص الشريفة نستنير ببعضها بعد قليل فأبقوا معنا مشكورين.

قال مولى الموحدين علي المرتضى (عليه السلام) كما جاء في كتاب (غرر الحكم): (الشكر زينة الغنى وعصمة من الفتنة، وشكر النعمة أمان من حلول النقمة).

وفي امالي الشيخ الطوسي عن امامنا زين العابدين علي السجاد (عليه السلام) أنه أوصى احد اولاده فقال: (يا بني اشكر من أنعم عليك وانعم على من شكرك، فانه لا زوال للنعمة اذا شكرت ولا بقاء لها اذا كفرت، والشاكر بشكره أسعد منه بالنعمة التي وجب عليه الشكر لها).

ومسك الختام هو أن نذكر أحد المصاديق العملية للعمل بهذه الوصية وهي صلاة الشكر المستحبة المذكورة في الكتب الفقهية، فقد جاء في كتاب (منهاج الهداية):

(يستجب عند تجدد النعمة أو دفع النقمة ان يصلي ركعتين يقرأ في الاولى الحمد [اي الفاتحة] والتوحيد، وفي الثانية الحمد والجحد [أي قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ]، ويقول في ركوع الركعة الاولى وسجودها: الْحَمْدُ لِلَّهِ شكراً شكراً وحمداً، ويقول في ركوع الركعة الثانية: الْحَمْدُ لِلَّهِ الذي استجاب دعائي واعطائي مسئلتي).

ايها الاطائب ومن اهم الذنوب التي تستتبع حلول النقمة هما الظلم والبغي وسفك الدم الحرام وهذا ما سنتناوله بعون الله في الحلقة المقبلة من برنامجكم (ينابيع الرحمة) تقبلوا من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران خالص الشكر ودمتم بكل خير.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة