بِسْمِ اللَّهِ وله الحمد الخالص إذ طهر قلوبنا من الكفر والنفاق بانوار مودة صفوته الازكياء حبيبه المصطفى المبعوث رحمة للعالمين وآله الطيبين الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين.
السلام عليكم اخوتنا المستمعين، ازكى تحية نحييكم بها ونحن نلتقيكم بلطف الله عزوجل في حلقة اخرى من هذا البرنامج متابعين فيه الاستنارة بانوار الدعاء النبوي الشهير الموسوم بدعاء الحجب او الاحتجاب.
ايها الاكارم اشرنا في الحلقة السابقة ان هذا الدعاء الشريف يعلمنا ان نتوجه الى الله عزوجل طالبين ان يدفع عنا جميع العوامل المنغصة للحياة الطيبة الكريمة والجالبة للشقاء في الدنيا والآخرة. ومن هذه العوامل عامل النفاق وقد عرفنا ان له درجات ومراتب كثيرة يمكن أن تصيب اخطارها المؤمنين لذلك ينبغي لهم ان يتحصنوا منها ويتطهروا من العوامل التي توجدها.
والمستفاد من النصوص الشريفة ان مرض القلب والشعور الذاتي بالذل والنقص من اهم العوامل التي توقع الانسان في التملق والممارسات النفاقيه وعلاجها يتحقق بتقوية الانسان لارتباطه بالله عزوجل وشعوره بالعزة الحقيقية في ظل هذا الارتباط.
كما ان اجتناب الكذب وضبط اللسان في دائرة الشريعة هو من الوسائل الاخرى للتحصن من النفاق وممارساته، لان الكلام هو من ابرز وسائل التعبير عن الحالات النفاقية اجارنا الله واياكم منها.
ايها الاخوة والاخوات، لقد بينت لنا النصوص الشريفة علامات النفاق والمنافقين لكي تهدينا الى سبل التطهر من هذه الآفة الخطيرة وذلك بمعالجة هذه العلامات ومنها ما تذكره الآيتان ۱٤۲و۱٤۳ من سورة النساء، حيث يقول اصدق القائلين: «إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً، مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لاَ إِلَى هَؤُلاء وَلاَ إِلَى هَؤُلاء وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً».
ومضمون العلامة التي تذكره هاتان الآيتان تكمله الآيتان ۱۰و۱۱ من سورة العنكبوت حيث يقول الله تبارك وتعالى: «وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ وَلَئِن جَاءَ نَصْرٌ مِّن رَّبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ، وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ».
مستمعينا الافاضل، من التدبر في الآيات الكريمة المتقدمة ونظائرها يتبين لنا ان من العلامات الاساسية للنفاق وتسرب الحالات النفاقية الى القلب هو ضمور او ضعف ذكر الله القلبي والتعلق به عزوجل سواءً تمثل بالذكر اللساني والصلاة كما في آيتي سورة النساء، او في الصبر على الابتلاءات او صعوبات الجهاد في سبيل الله كما في آيتي سورة العنكبوت، ولهذه الحقيقة توضيحات تأتيكم من الاحاديث الشريفة فابقوا معنا مشكورين.
روي في كتاب اصول الكافي عن امير المؤمنين (عليه السلام) قال: (من ذكر الله في السر فقد ذكر الله كثيرا، ان المنافقين كانوا يذكرون الله علافية ولا يذكرونه في السر فقال الله عزوجل «يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً»).
وروى الشيخ الصدوق في كتاب معاني الاخبار مسنداً عن عبدالله بن سنان قال: (كنا جلوساً عند ابي عبدالله [الصادق] (عليه السلام) اذ قال له رجلٌ من الجلساء: جعلت فداك يابن رسول الله، اخاف ان اكون منافقاً، فقال له: اذا خلوت في بيتك ليلاً او نهاراً أليس تصلي؟
قال: بلى.
فقال (عليه السلام): فلمن تصلي؟
قال: لله عزوجل.
فقال (عليه السلام): فكيف تكون منافقاً وان تصلي لله عزوجل لا لغيره).
وروى الشيخ الصدوق في كتاب (علل الشرائع) بسنده عن الإمام الباقر (عليه السلام) انه قال ضمن حديث: (ولا تقم الى الصلاة متكاسلاً ولا متناعساً ولا متثاقلاً، فانها من خلال النفاق وقد نهي عن خلال النفاق، وقد نهى الله عزوجل ان يقوموا الى الصلاة وهم سكاري يعني من النوم، وقال [عن] المنافقين: وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً).
وفي كتاب اصول الكافي مسنداً عن الامام علي السجاد زين العابدين (عليه السلام) قال: (ان المنافق ينهى ولا ينتهي ويأمر بما لا ياتي واذا قام الى الصلاة اعترض...، فقيل له: يابن رسول وما الاعتراض؟
قال: الالتفات، واذا ركع ربض، يمسي وهمه العشاء وهو مقطر، ويصبح وهمه النوم ولم يسهر، وان حدثك كذبك، وان ائتمنته خانك، وان غبت اغتابك وان وعدك اخلفك).
وكما تلاحظون مستمعينا الافاضل، فان هذه الاحاديث الشريفة تهدينا الى ان من وسائل التطهر من الحالات النفاقية ذكر الله عزوجل في السر والخلوة والتوجه اليه باخلاص والاهتمام بالصلاة واقامتها بنشاط واقبال قلبي فانها تنهى عن الفحشاء والمنكر ومن مصاديق المنكر البارزة النفاق والرياء.
ويفهم من هذه النصوص الشريفة آيات وأحاديث ان الرياء بحد ذاته هو من مصاديق النفاق ومراتبه يسوق صاحبه الى مراتب اخطر من النفاق اعاذنا الله واياكم منها ببركة التمسك بموالاة سادة المخلصين محمد وآله الطاهرين (صلوات الله عليهم أجمعين).
وللنفاق علامات أخرى ورد ذكرها في احاديث اخرى سنتناولها باذن الله في الحلقة المقبلة من برنامجكم (ينابيع الرحمة)، لكم دوماً من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران جزيل الشكر على كرم المتابعة ودمتم بالف خير.