البث المباشر

أبي الطيب المتنبي

الأحد 21 يوليو 2019 - 11:45 بتوقيت طهران

خبير البرنامج: الدكتور سعد الشحمان
المحاورة: بسم الله الرحمن الرحيم وبه تبارك وتعالى نستعين مستمعينا الكرام في كل مكان السلام عليكم وحياكم الله أهلاً بكم مع هذه الجولة الجديدة في رحاب القوافي والقصائد العربية عند قصيدة عصماء اخرى وشاعر مبدع آخر حيث نلتقيكم في حلقة هذا الأسبوع مع الشاعر الذي ملأ الدنيا وشغل الناس أبي الطيب المتنبي في قصيدته الخالدة التي مدح من خلالها سيف الدولة الحمداني ورسم من خلالها لوحة رائعة للمعركة التي خاضها ضد الروم. نرجو منكم أن تتفضلوا بمتابعتنا
المحاورة: أحبتنا المستمعين قبل أن نقدم لكم صورة عن الشاعر وشعره لنا وقفة مع ضيف البرنامج الأستاذ الدكتور سعد الشحمان الذي سيكشف لنا في القسم الأول من حديثه عن مناسبة القصيدة وموضوعها ويسلط الضوء على بعض من الملامح الفنية والصور الأدبية الرائعة في أبياتها. نرحب بكم أستاذنا الفاضل الدكتور سعد الشحمان وأهلاً ومرحباً بكم
الشحمان: واهلاً ومرحباً بكم وأقدم تحياتي لحضرتكم وللمستمعين الكرام
المحاورة: شكراً لهذا الحضور، حبذا دكتور لو تحدثوننا عن شخصية أبي الطيب المتنبي وعن قصيدته الخالدة المشهورة.
الشحمان: طبعاً شخصية أبي الطيب المتنبي غنية عن التعريف، الجميع يعرفونها وكما يقولون إن شخصيته شغلت الناس عبر الدهور والعصور. أفضل أولاً أن أتحدث عن مناسبة هذه القصيدة أي السبب الذي دفع هذا الشاعر أبي الطيب المتنبي الى نظم هذه القصيدة وإنشادها وهي قصيدة تعتبر من القصائد الرائعة في وصف الحروب وهذا هو السر في خلود هذه القصيدة يعني أبدى الشاعر المتنبي قدرته اللامحدودة في وصف الحروب وفي وصف الإشتباك الذي حدث بين جيش سيف الدولة وجيش الروم. هذه القصيدة كما تدل عليها أبياتها وصف من خلالها الشاعر المعركة التي دارت بين جيوش المسلمين وبين جيش الروم في منطقة تعرف بثغر الحدث وكانت تقوم فيها قلعة عرفت بهذا الإسم وأبو طيب المتنبي وصف هذه المعركة في هذه القصيدة التي تتكون من ستة وأربعين بيتاً وهي تعد من أعظم قصائد المتنبي بل إنها تعتبر من أعظم القصائد التي قيلت في وصف الحروب، قالها وهو في حضرة سيف الدولة وتطرق فيها الى ماهية وحقيقة الرجال القادة وكيف إستطاع سيف الدولة بناء هذه القلعة رغم ما كان يحيط به من اعداء ووصف في هذه القصيدة جيش الروم وما كان عليه من عدة وعتاد وهو مقبل نحو قلعة الحدث وتطرق الشاعر الى ما حدث في هذه المعركة وكيف كان موقف سيف الدولة وهو في وسط هذه المعركة. ومن المعروف أن المتنبي كان بجانب سيف الدولة الذي كان يشارك في هذه المعركة ورأها رأى العين وكان يخوض هذه المعركة بنفسه وبدأ أبو الطيب قصيدته هذه بالأبيات الخالدة الرائعة التالية التي تعد من اعظم الأبيات الشعرية التي وردت في أشعار العرب قاطبة حيث قال في بداية هذه القصيدة:

عَلى قَدْرِ أهْلِ العَزْم تأتي العَزائِمُ

وَتأتي علَى قَدْرِ الكِرامِ المَكارمُ

وَتَعْظُمُ في عَينِ الصّغيرِ صغارُها

وَتَصْغُرُ في عَين العَظيمِ العَظائِمُ


هذلت البيتان اللذان تحولا الى حكمة يرددها الناس على مر الدهور ويصرح في هذين البيتين أن العزائم والهمم العالية إنما تأتي على قدر عزيمة أهل العزم وعلى قدر همتهم والمكارم والمجاد والمعالي إنما تأتي على قدر مكانة الكرام والشرفاء فإذا كان الانسان ضعيف العزم فإنه يستعظم الإقدامات العظيمة والصغيرة على حد سواء وعلى العكس ذلك اذا كان الانسان عظيم الهمة والعزم فإن عظائم الأمور تكون هينة وصغيرة في نظره.
المحاورة: اذا تسمحون دكتور نأخذ فاصل قصير ثم نواصل الحديث حول أبي الطيب المتنبي وعن شعره.
المحاورة: حضرات المستمعين الأكارم أبو الطيب المتنبي هو أحمد بن الحسين الكندي ولد في بداية القرن الرابع الهجري في الكوفة. عاش أفضل فترات حياته وأكثرها تمكناً من اللغة العربية وأعلنهم بمفرادتها وقواعدها فكان نادرة زمانه وأعجوبة عصره وبقي شعره الى اليوم مصدر إلهام ووحي للشعراء والأدباء. ترك لنا تراثاً عظيماً من الشعر صوّر من خلاله الحياة في القرن الرابع الهجري أوضح تصوير. بدأ بنظم الشعر صبياً وعرف بحدة الذكاء، كان المتنبي صاحب كبرياء وشجاعة وطموح وحب بالمغامرات وأفضل شعره في الحكمة وفلسفة الحياة ووصف المعارك فهو صاحب الأمثال السائرة والحكم البالغة والمعاني المبتكرة وشعره لايقوم على التكلف والصنعة لتفجر أحاسيسه وإمتلاكه لناصية اللغة والبيان مما أضفى على شعره لوناً من الجمال والعذوبة.
المحاورة: أعزائي الكرام اما الآن نعود الى ضيف البرنامج الكريم الأستاذ سعد الشحمان، اهلاً ومرحباً بكم دكتور مجدداً
الشحمان: أهلاً ومرحباً بكم من جديد
المحاورة: لو سمحت المزيد من الصور الأدبية والفنية التي حفلت بها قصيدة شاعرنا المتنبي
الشحمان: نعم سنحاول إستعراض بعض من هذه الصور الفنية في هذه الثوان القليلة المتبقية. بعد ذلك يعمد الشاعر المتنبي الى مدح سيف الدولة من خلال وصف همته العالية فيقول:

يُكَلّفُ سيفُ الدّوْلَةِ الجيشَ هَمّهُ

وَقد عَجِزَتْ عنهُ الجيوشُ الخضارمُ

وَيَطلُبُ عندَ النّاسِ ما عندَ نفسِه

وَذلكَ ما لا تَدّعيهِ الضّرَاغِمُ

يقول إن سيف الدولة همته عالية وهو يكلف الجيش لأن ينفذ همته العالية هذه في حين أن الجيوش الخضارم أي الجيوش الضخمة والجرارة لم تستطع أن تنفذ هذه وايضاً يطلب سيف الدولة من الناس تحقيق الأهداف التي هي في نفسه ويطلب ما يستطيع هو إنجازه بهمته العظيمة وهذا الشيء لاتستطيع أن تدّعيه حتى الضراغم أي الأسود. ثم ينتقل الشاعر الى وصف القلعة فيقول:

هَلِ الحَدَثُ الحَمراءُ تَعرِفُ لوْنَها

وَتَعْلَمُ أيُّ السّاقِيَيْنِ الغَمَائِمُ

سَقَتْها الغَمَامُ الغُرُّ قَبْلَ نُزُولِهِ

فَلَمّا دَنَا مِنها سَقَتها الجَماجِمُ


يعمد في أبيات رائعة تدل على مهارة فائقة الى وصف القلعة التي دارت رحى الحرب فيها فيقول إن هذه القلعة لم تكن تعرف وكانت تجهل لونها، هل كان لونها احمر بسبب الدماء أم كان لوناً آخر؟ ولاتعلم ايضاً مَن الذي سقاها، هل سقتها الغمائم بالمطر أم غمائم الدماء التي سالت عليها؟ فقبل نزول سيف الدولة كان الجو ممطراً فسقتها الغمائم الغر من السماء ولكن سيف الدولة عندما إقترب منها سقتها جماجم العدو والقتلى من الروم بالدماء فتحولت الى اللون الأحمر. ثم يشير الشاعر الى أن سيف الدولة كان منشغلاً بعميلت أولاً كان منشغلاً ببناء القلعة وكان منشغلاً ايضاً بمقاتلة العدو فيقول:

بَنَاهَا فأعْلى وَالقَنَا يَقْرَعُ القَنَا

وَمَوْجُ المَنَايَا حَوْلَها مُتَلاطِمُ

وَكانَ بهَا مثْلُ الجُنُونِ فأصْبَحَتْ

وَمِنْ جُثَثِ القَتْلى عَلَيْها تَمائِمُ


يعني سيف الدولة كان منشغلاً ببناء هذه القلعة في حين أن الرماح كانت تصطدم بالرماح، كانت الحرب دائرة وكانت القتلى تتساقط حولها بكثرة ومن هول ما كان يجري فيها كان بها ما يشبه الجنون..
المحاورة: في الحقيقة دكتور هو يعطي لنا صورة لتلك الفترة وللواقعة وايضاً لحظات الحرب..
الشحمان: نعم حتى أنه يضفي الروح البشرية والانسانية على القلعة فيقول إنها أصيبت بالجنون بسبب هول ما جرى حولها من قتال عنيف ولكنها ما لبثت أن سكنت بعد ذلك وكأن جثث القتلى المعلقة عليها كانت بمثابة التمائم بسبب الجنون الذي حدث لها.
المحاورة: نعم اظن ليس لدينا وقت، كان بودنا أن تحدثنا اكثر حول هذه الشخصية الكبيرة وهذا الشاعر الكبير ولكن للأسف الوقت لايسمح لنا بذلك. على العموم نشكرك دكتور على هذا الحضور وعلى هذا الحديث حول شاعرنا لهذا الأسبوع أبي الطيب المتنبي
الشحمان: أنا ايضاً أقدم شكري لكم وللمستمعين الكرام الذين إستمعوا الى هذا الحديث نأمل أن نلتقيكم في حلقة اخرى إن شاء الله.
المحاورة: إن شاء الله وشكراً لكم مستمعينا الكرام على طيب متابعتكم لهذه الحلقة من برنامج سير القصائد التي قدمناها لكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران حتى اللقاء القادم أستودعكم الله.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة