البث المباشر

الحارث بن حلزة

الأحد 21 يوليو 2019 - 11:38 بتوقيت طهران

خبير البرنامج: الدكتور سعد الشحمان
المحاورة: بسم الله الرحمن الرحيم مستمعينا الكرام السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته. أيها الأحبة من دواعي سرورنا أن نجدد اللقاء بكم عند روضة أخرى من رياض الشعر العربي قديمه وحديثه ضمن برنامجكم الأسبوعي سير القصائد آملين أن تمضوا معنا أطيب الوقات وأكثرها فائدة ومتعة عندما أعددناه لكم لحلقة هذا الأسبوع.
المحاورة: أيها الأحبة من القصائد الفخمة التي خلدها لنا التاريخ على مر العصور بالنظر الى جزالتها وكونها تمثل أنموذجاً كاملاً للشعر السياسي الملتزم الذي ينبري من خلاله الشاعر بإخلاص للدفاع عن قبيلته إزاء القبائل الأخرة وربما الملوك والحكام كما هو الحال بالنسبة الى قصيدتنا لهذا الأسبوع وهي معلقة الشاعر الجاهلي الحارث بن حلزة والتي تعتبر من السبع الطوال او المعلقات السبع الطوال التي تجمع بين القيمتين الموضوعية والفنية وهي واقعة في نحو خمسة وثمانين بيتاً وتجمع بين الغزل والوصف والمدح ويغلب عليها طابع الفخر وقد أعتبرت من القصائد ذات الدلالة التاريخية والجغرافية على بيئة العرب والأحداث الكبار في جاهليتهم خلال القرن السادس الميلادي ولاسيما ما يتصل بالصراع المرير بين تغلب وبكر في ظروف حرب البسوس.
المحاورة: أيها الكرام القصيدة همزية تنقسم الى مقدمة جميلة فيها وقوف في الديار وبكاء على الأحبة ووصف للناقة وأما موضوعها الرئيس فهو دفاع الشاعر عن قبيلته من خلال تكذيب أقوال التغلبيين الذين تفاخروا على قبيلة الشاعر وعدم إكتراث الشاعر وقومه بالوشايات وتفاخره بقومه البكريين وعرض مخازي التغلبيين ونقضهم للسلم ومحاولة الشاعر إستمالة الملك عمرو بن هند رداً على الشاعر عمرو بن كلثوم الذي حاول الإنتقاص من قبيلة الشاعر البكرية ومدحه لهذا الملك وذكرى نصرة البكريين لهذا الملك والقرابة بينهم وبينه وتعتبر هذه المعلقة نموذجاً للفن الرفيع في الخطاية والشعر الملحمي وفيها قيمة أدبية وتاريخية كبيرة تتجلى فيها قوة الفكر عند الشاعر ونفاذ الحجة كما أنها تحوي القصص وألواناً من التشبيه الحسي كتصوير الأصوات والإستعداد للحرب وفيها من الرزانة ما يجعلها أفضل مثال للشعر السياسي والخطابي في ذلك العصر كما سبقت الاشارة. ندعوكم أيها الأحبة لإستماع ما إخترناه لكم من أبيات هذه المطولة بعد الفاصل، تابعونا مشكورين.

آذنتنا ببينها أسماء

رب ثاو يمل منه الثواء

بعد عهد لنا ببرقة شماء

فأدنى ديارها الخلصاء

فالمحيات فالصفاح فأعنى

في فتاق فعاذب فالوفاء

فرياض القطى فأودية

الشرب فالشعبتان فالإبلاء

لاأرى من عهدت فيها فأبكي

اليوم دمهاً وما يحير البكاء

وبعينيك أوقدت كند النار

أخيراً تلوي بها العلياء

فتنورت نارها من بعيد

بخزارا هيهات منك الصلاء

أوقدتها بين العقيق فالشخص

ين كعود كما يلوح الضياء

وأتانا من الحوادث والأنباء

خطب نعنى به ونساء


المحاورة: أطيب وأحلى التحيات لكم أيها الأحبة وأنتم برفقة هذه الحلقة من برنامجكم سير القصائد من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران. أرحب كل الترحيب بضيفي الكريم في الستوديو الأستاذ الدكتور سعدي الشحمان، دكتور أهلاً ومرحباً بك
الشحمان: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المحاورة: وعليكم السلام والرحمة
الشحمان: وانا بدوري أرحب بكم وبالمستمعين وانا مسرور جداً لتجديد اللقاء بكم
المحاورة: هذا من دواعي سرورنا دكتور. دكتور نقف في حلقة هذه الأسبوع إزاء لون فريد من نوعه من الشعر، الشعر الذي يكرس من خلاله الشاعر موهبته الشعرية وقدراته البيانية للدفاع عن قبيلته ومكانتها بين القبائل الأخرى فنرجو منكم أن تحدثونا عن هذا النوع من الشعر مع التركيز على ناظم هذه القصيدة الحارث بن الحلزة والخصوصيات التي ميزته عن سائر الشعراء الجاهليين رغم أنه يعد من الشعراء المقلين حيث لم تؤثر عنه قصيدة مطولة أخرى سوى بعض المقطعات.
الشحمان: الحقيقة حديثنا في هذه الحلقة يدور حول أحد الرموز الكبار للشعر الجاهلي وخاصة في مجال الشعر السياسي الذي يدافع الشاعر فيه عن قبيلته بإستماتة وبإخلاص. شاعرنا هو الحارث بن حلزة اليشكري وهو من قبيلة بكر، إشتهرت الخصومة بين قبيلة بكر وهي قبيلة الشاعر وقبيلة تغلب وهي قبيلة شاعر آخر وهو عمرو بن كلثوم والذي سبق وأن قرأنا قصيدته الفخرية الذي إفتخر هو ايضاً بها بقبيلته ولكن الفخر الذي نلاحظه في قصيدة الشاعر او في معلقة الشاعر الحارث بن حلزة اليشكري، رغم تشابه الموضوع في الدفاع عن القبيلة إلا أننا نراها متأنياً أكثر ونلاحظ الجزالة والفخامة التي تسود قصيدته وكأنما جاءت قصيدته كجواب وكرد فعل لقصيدة عمرو بن كلثوم التي بدا فيها مندفعاً الى حد المبالغة في الافتخار بقبيلته. أما الشاعر بن حلزة فنراه متأنياً وبالمناسبة هو كان يفوق عمرو بن كلثوم من حيث التجربة ومن حيث العمر وقيل إنه كان في التسعينات من عمره على الأقل عندما أنشد قصيدته الخالدة هذه التي قرأتم البعض من أبياتها والتي إرتقت الى مستوى المعلقات وأعتبرت نموذجاً رفيعاً وبارزاً
المحاورة: من الشعر الجاهلي
الشحمان: الشعر الجاهلي بشكل عام والشعر السياسي، ولاأدري لماذا كلما تحدثت عن الحارث فإنه دائماً يذكرني بالنابغة الذبياني فهناك اوجه شبه كثيرة بين الشاعرين من حيث الرزانة والفخامة وهذا النفس الذي يتمتعان به هذان الشاعران، وسبق وتعرفنا على النابغة الذبياني وسبق ايضاً وتعرفنا على الشاعر عمرو بن كلثوم وها نحن ذا نتعرف على الشاعر الكبير الذي أصبح محطاً للإهتمام من قبل نقاد الشعر والخبراء في الشعر. ومن الطريف ايضاً أنه نظراً الى أهمية قصيدته نلاحظ أن المستشرقين إهتموا كثيراً بهذه القصيدة التي تقع كما ذكرتم في خمس وثمانين بيتاً. شرحها العلامة الزوزني في كتابه الذي شرح فيه المعلقات، وهذه القصيدة ترجمت الى اللغتين اللاتينية واللغة الفرنسية. قلت المستشرقين ومنهم دبليو كلوستون إهتموا بهذه القصيدة وأشادوا بها واعتبروها نموذجاً بارزاً ورفيعاً للشعر السياسي الملتزم، نلاحظ الشاعر يدافع لاعن عاطفة ولا عن إندفاع عن قبيلته البكرية كما نلاحظ ذلك عند عمرو بن كلثوم. وقصيدته تجمع بين القيمتين التاريخية والقيمة الأدبية والفنية. ويبدو لنا الشاعر فيها خطيباً منافحاً ومدافعاً عن قومه وبعيداً عن الغرور والمبالغة والتهور ولعل هذا هو السبب في علو قيمة هذه القصيدة من الناحية التاريخية ومن الناحية الفنية والسبب في خلودها. أما بالنسبة الى مناسبة القصيدة فكما تعلمون كانت هناك مخاصمة بين القبيلتين التغلبية والبكرية والتي كانت من رواسب وإفرازات الخصومة الكبيرة التي حدثت بين قبيلتي عبس وذبيان وتمخضت عن تلك الحرب الطويلة. وكان الملك ايضاً عمرو بن هند، ملك الحيرة في ذلك الوقت، كان يميل الى جانب التغلبيين فأنشد عمرو بن كلثوم قصيدته في الفخر بقبيلته وجاء الحارث بن حلزة الذي أختير من قبل قبيلته للرد على عمرو بن كلثوم فألقى هذه القصيدة الكبيرة وانتصر في الحجة والخصام ضد خصمه التغلبي من خلال هذه القصيدة التي ذكرنا أنها تعتبر نموذجاً بارزاً ونموذجاً جميلاً من الشعر السياسي الملتزم. على كل حال لاأطيل الحديث عليكم.
المحاورة: شكراً جزيلاً لكم دكتور
الشحمان: قراءتكم للقصيدة بحد ذاتها تكشف عن قيمتها ويتعرف المستمع من خلال سماعه فيكشف عن قيمتها الفنية والجمالية والتاريخية.
المحاورة: شكراً جزيلاً لكم دكتور على هذه المعلومات القيمة التي تفضلتم بها حول الشاعر والقصيدة وعلى ما يبدو الوقت لايسمح لنا بإنشاد المزيد من أبيات هذه القصيدة
الشحمان: للأسف
المحاورة: وهذا من دواعي الأسف حقيقة دكتور
الشحمان: ربما نخصص حلقة اخرى إن شاء الله
المحاورة: نعم حلقة اخرى، على العموم نشكرك جزيل الشكر ونشكر المستمعين الكرام
الشحمان: أعتذر لأني أطلت الكلام
المحاورة: لا بالعكس فكانت معلومات قيمة ومفيدة جداً دكتور شكراً لكم ونشكر مستمعينا الكرام لطيب المتابعة حتى الملتقى أطيب التحيات ودمتم في أمان الله.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة