بسم الله الرحمن الرحيم وبه تبارك وتعالى نستعين مستمعينا الأفاضل في كل مكان السلام عليكم. كل المراحب بكم ونحن نجدد اللقاء بكم عند أفق آخر من آفاق القصائد العربية عبر برنامجكم الأسبوعي المتجدد سير القصائد فأهلاً ومرحباً بكم مستمعينا الأفاضل وأهلاً بضيفنا الكريم في الستوديو الدكتور سعدي الشحمان. أهلاً بكم دكتور
الشحمان: حياكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأنا أشعر ايضاً بالسرور لتجديد اللقاء بكم
المحاورة: هذا من دواعي سرورنا دكتور. اما الآن ندعو مستمعينا الكرام الى متابعتنا من خلال قصيدة اخرى إخترناها لكم من عيون الشعر العربي، رافقونا أيها الأحبة.
المحاورة: نترك العصر الأموي أيها الأفاضل وراءنا بما يحفل به من شعر تميز بقرب عهده من العصر الجاهلي بفخامة أشعاره وصلابتها وجزالتها وبما يزدان من شعر غزل ومدح وشعر سياسي لنلج العصر العباسي حيث يرق الشعر ويكتسب نعومة الحضارة وملامح التمدن وحيث تكتسب الألفاظ والتعابير والأسلوب اللطافة والصور والأخيلة الطرافة، حيث يلوح لنا في بدايته الشعراء المولدون من امثال مسلم بن الوليد وأبي العتاهية وأبي نواس ثم شاعرنا لهذه الحلقة محمد بن علي بن رزين الخزاعي، إبن عم الشاعر الشهير دعبل الخزاعي والذي عرف طيلة حياته ومسيرته الشعرية بأبي الشيص، هذا اللقب الذي كانت له قصة وربما نستمع اليها على لسان خبير البرنامج فيما يأتي من حديثنا، دكتور اهلاً ومرحباً بكم. دكتور شاعرنا اليوم لهذه الحلقة هو أبو الشيص كما عرف بهذا اللقب فما هي قصة هذه التسمية وكيف هو شعره وأسلوبه؟
الشحمان: حديثنا في هذه الحلقة من البرنامج، ننتقل من العصر الأموي لندخل العصر العباسي بما يحفل به من مشاهير الشعراء وما تميزوا به من أسلوب يكاد يختلف اختلافاً كبيراً وجوهرياً عن الأسلوب الذي كان سائداً عن الشعراء في العصر الأموي. نبدأ بالشاعر الذي لقب بأبي الشيص وأسمه محمد بن علي الخزاعي وكان يكنى بأبي جعفر. ظهر هذا الشاعر تقريباً في بداية العصر العباسي، ولد سنة ۱۳۰ للهجرة في نهايات العصر الأموي ولكن قضى حياته في العصر العباسي حيث توفي سنة ۱۹٦ للهجرة ويكنى بأبي جعفر، ولد في عائلة يتميز معظم افرادها بالموهبة في كتابة ونظم الشعر فقد كان إبن عمه الشاعر الشهير دعبل الخزاعي شاعر أهل البيت وكان إبن الشاعر أبي الشيص ايضاً من الشعراء الذين كان لهم شعراً جيداً وصالحاً. بطبيعة الحال هذا الشاعر لأنه كان إبن عم دعبل الخزاعي فهو من اهل الكوفة ولكنه لم يشتهر كثيراً او نقل إنه إشتهر فإن الكثير من اهل الأدب لم يسمعوا بإسم أبي الشيص فقد كان يعيش ضمن مجموعة من الشعراء المشهورين في بداية العصر العباسي، الذين عرفوا بالشعراء المولدين من مثل مسلم بن الوليد وأبي العتاهية وأبي نواس وأشجع السلمي وغيرهم من كبار شعراء بدايات العصر العباسي بالتحديد. كان شاعرنا أبو الشيص الخزاعي يتميز بسرعة البديهة وسرعة الخاطر وكان يتميز برقة الألفاظ حتى اننا نستطيع فهم المعاني والألفاظ التي جاء بها بسهولة. الشيء الذي ميز حياته وربما أسهم في خمول ذكره وربما إنقطع الى امير مدينة الرقة وهو عقبة بن جعفر الخزاعي الذي كان من قبيلته، هذا الأمير أغنى الشاعر عن سواه فلزم الشاعر هذا الأمير ولم يتردد على بقية الأسر الحاكمة لينظم شعره فيهم لذلك إختصر معظم شعره في مدح هذه الأسرة الحاكمة وربما كان لك من أسباب عدم شهرته. اما بالنسبة الى لقبه أبي الشيص، أبو الشيص يعني الشيص هو وصف للنخلة التي لم يكن لثمارها نوى تسمى بالشيص ولقبه الأمير بأبي الشيص ربما لسبب معين لانريد ذكره. من الأحداث التي مرت بحياة هذا الشاعر أنه أصيب بالعمى وفقد بصره في آخر عمره وله الكثير من الأشعار في رثاء نفسه..
المحاورة: لذلك نجد الشجن والحزن وهذه الظاهرة طاغية على أشعاره..
الشحمان: نعم حتى وهو يمدح وحتى وهو يتغزل نرى سمة من الحزن والكآبة مسيطرة على أشعاره ربما لهذه الأسباب..
المحاورة: ويشكو كثيراً ايضاً من الدهر
الشحمان: نعم كثير الشكاية من الدهر. حصل على مرتبة مرموقة في بلاط امير الرقة وربما كان هذا السبب الذي دفع منافسيه الى قتله عن طريق خادم لعقبة ولانعلم السبب على وجه التحديد والدقة ولم تذكر الكتب سبباً معيناً لمقتله. على كل حال نستطيع القول إنه كانت له مرتبة متوسطة بين الشعراء ولناقدي الشعر أقوال مختلفة فيه من مثل أبي الفرج الأصفهاني تحدث عن مرتبته بين شعراء زمانه فقال في هذا المجال كان أبو الشيص من شعراء عصره متوسط المحال غير نبيه الذكر لوقوعه بين مسالم بن الوليد وأبي نواس يعني يقول إن هؤلاء الشعراء طغوا عليه وغطوا على شهرته وكان ذلك سبباً لخمول ذكره. وهناك سبب آخر ايضاً ذكرناه وهو أنه إنقطع لمدح امير الرقة وأغناه ذلك عن الذهاب الى غيره. هناك بعض المتخصصين في نقد الشعر من مثل إبن المعتز الشاعر والأديب والعالم في البلاغة والبديع قال فيه وفي أشعاره وفي قصيدة له تبدأ بقوله:
جلى الصبح او ني الكرى عن جفونه
وفي صدره مثل السهام القواصد
تمكن من غراته الحب فإنتحى
عليه بأيدي أيدات حواشد
الشحمان: قال فيها إبن المعتز إنها مما يتخير له من شعره وفي إختيارها معاني إستجداة وإستحسان. له بعض القصائد الشهيرة التي سوف نشير اليها إن شاء الله ونستعرضها في القسم الثاني من حديثنا في الحلقة القادمة بإذن الله.
المحاورة: وفي ما تبقى لنا من الوقت في هذه الحلقة ايضاً دطتور إن شاء الله سنستمع الى أبيات من هذه القصيدة اذا تسمحون لنا نأخذ فاصل ثم نواصل الحديث في هذا الصدد.
المحاورة: أيها الأفاضل القصيدة التي إقتطفناها لكم من ديوان هذا الشاعر الذي وصف بأنه كان سريع الخاطر ورقيق الألفاظ والذي صنفه النقاد على أنه من الطبقة المتوسطة من الشعراء هي من قصائده في الغزل، نستمع الى أبيات من هذه القصيدة.
أشاقك والليل ملقي الجران
غراب ينوح على غصن بان
أحم الجناح شديد الصياح
يبكي بعينين لاتهملان
وفي نعمات الغراب إغتراب
وفي البان بين بعيد التدان
لعمري لأن فزعت مقلتاك
الى دمعة قطرها غير وان
فحق لعينيك أن لاتجف
دموعهما وهما تطرفان
ومن كان في الحي بالأمس منك
قريب المكان بعيد المكان
فهل لك ياعيش من رجعة
بأيامك المونقات الحسان
فياعيشنا والهوا موبق
له غصن أخضر العود دان
لعل الشباب وريعانه
يسود ما بيض القادمان
وهيهات ياعيش من رجعة
بأغصانك المائلات الدواني
المحاورة: كل الشكر الامتنان نقدمه لكم ضيفنا الكريم الدكتور الشحمان على هذه الايضاحات التي تفضلتم بها حول الشاعر وشخصيته الشعرية.
الشحمان: حياكم الله وأنا ايضاً أقدم لكم شكري على حسن الاستضافة.
المحاورة: شكراً لكم وإن شاء الله سوف نكمل الحديث والحوار معكم في الحلقة القادمة بإذن الله تعالى. شكراً لكم مستمعينا الأفاضل لطيب المتابعة وحتى الملتقى أطيب التحيات والمنى.